وقبيل الفجر كانت مدرعات الانجليز تحيط بالقرية من كل جانب.
"ممنوع التجول ... ممنوع التجول حتى اشعار اخر " صدحت مكبرات الصوت ، معلنة بداية حملات المداهمة والتفتيش.
كانوا يا " سيدو" ينبشون الخوابي وينقضون السلاسل الحجرية ويخلطون الكاز بالقمح بالزيت ويطعنون بسنجات بنادقهم الفرشات والملاحف.
توقف الجد عن الكلام ليلتقط أنفاسه وهو يتحسس خده الأيمن وقد إحمرت عيناه ثم تابع :
" لم أستطع تحمّل كل هذا التخريب والإهانة ... فصرخت:
"حرام عليكم يا "بناديق"
فإستدار ضابط الوحدة ولطمني على خدي :
" اخرس يا كلب"، مصوبا فوهة البندقية نحو رأسي.
سبعون عاما ولم تزل آثار أصابع الضابط الانجليزي ترتسم أمام عيني كلما نظرت في المرآه أو كلما رأيت خطوط العلم البريطاني الحمراء.
كانت كلمات الجد هذه تطرق جمجمة أحمد وهو يجهد محاولا الوصول الى القنصل البريطاني الذي يزور جامعة بيرزيت، كل ما كان يريده أحمد الحفيد هو أن يطبع خمسة خطوط حمراء على وجنة القنصل ، وينطلق مسرعا الى قبر جده ليقرأ الفاتحة و يبشره بالخبر السعيد.