شبكة قدس الإخبارية

80 ألف سيارة على شوارع غزة الضيقة.. مؤشرات لأزمة حقيقية

مصطفى البنا

غزة – خاص قُدس الإخبارية: لم يعد غريبًا أن ترى سياراتٍ من أحدث طراز تسير في شوارع قطاع غزة، على الرغم من حالة الإغلاق الشديد التي يعيشها منذ فرض الاحتلال الإسرائيلي حصاره عليه في العام 2006، فالحصار لم يمنع عجلة استيراد السيارات في غزة من الدوران، وهذا ما بدا واضحا في انتشار معارض البيع والازدحام المروري في الشوارع التي لم تعتد على هذا الكم من المركبات.

شبكة قدس الإخبارية قررت التقصي حول الأمر ومسبباته والوقف على تبعاته، وكانت وزارة النقل والمواصلات في غزة الوجهة الأولى، حيث اعتبر ناطقها الإعلامي خليل الزيان أن الظاهرة طبيعية في ظل تعطش السوق الغزي للسيارات بعد فترة منع إدخالها التي أعقبت فرض الحصار وما تلاه من ظروف صعبة.

تجار جدد وأرقام قياسية

ويؤكد الزيان دخول سياراتٍ حديثة بأعداد كبيرة إلى غزة، لكنه في ذات الوقت يرى أن هناك إهلاكًا شبه يوميٍ للسيارات القديمة في محاولةٍ من الوزارة لتحقيق التوازن بين ما يدخل من مركباتٍ جديدة وما يتم إهلاكه من القديم، مضيفا "نعمل على إجراءاتٍ من شأنها التقليل من المركبات القديمة دون التأثير على أصحابها ذوي الدخل المحدود".

ويوضح الزيان أن دخول السيارات الحديثة بكثرة إلى غزة يسهم في تخفيض أسعارها، ما يدفع أصحاب المركبات القديمة إلى تحديث مركباتهم، على حد قوله.

نظرية الزيان لم تلقَ قبولًا لدى عضو مجلس إدارة جميعة أصحاب مستوردي السيارات كمال طومان الذي أوضح أن السوق يشهد عزوفا عن الشراء من قبل الفلسطينيين بسبب الضرائب المفروضة على المركبات المستوردة، والتي وصلت نسبتها إلى 75% موزعة ما بين وزارة المالية التي تفرض ضريبة مقدارها 50% من سعر السيارة الذي تحدده دائرة القيمة، إضافة إلى 25% تفرضها وزارة المالية بغزة التي يفترض أنها جزء من حكومة التوافق.

ويكشف طومان أيضًا أن ارتفاع أعداد السيارات المستوردة في غزة يعود إلى دخول أطراف جديدة لسوق تجارة السيارات من الأشخاص والمؤسسات والشركات الذي وجدوا في هذه التجارة عملًا مربحًا، لأنه لا يتطلب استثماراتٍ رأسمالية قد تتسبب لهم بخسارة حال توقفهم عن العمل فيه.

وتظهر الإحصائيات الرسمية التي حصلت عليها شبكة قدس الإخبارية أن أعداد السيارات التي تدخل القطاع بدأت تسجل أرقاما قياسية منذ العام 2012 الذي دخلت فيه 4309 مركبات، فيما ارتفع العدد في 2013 ليسجل أعلى معدل لدخول السيارات المستوردة إلى القطاع حيث بلغ 5748 مركبة، وفي مقابل هذا العدد الكبير سجلت الوزارة إعدام 766 مركبةٍ قديمةٍ فقط.

أما عام 2014 الذي شهد عدوانا إسرائيليا ثالثا على القطاع، فقد سجل انخفاضًا إلى النصف حيث بلغ عدد المركبات المستوردة فيه 2381 مركبة، كما سجّل إعدام 1239 مركبة قديمة أي ما يقرب من نصف عدد السيارات الواردة، فيما استوردت غزة في العام الماضي 5389 مركبة، مقابل إعدام 1529 مركبةً قديمة.

ومن الواضح أن أعداد السيارات المستوردة ستستمر في الصعود خلال هذا العام، حيث سجلت الإحصائيات دخول 1276 مركبة في الثلث الأول من 2016، ولم تحمل الإحصائيات رقمًا واضحًا للسيارات المعدمة في الفترة ذاتها، ومع هذا الرقم يصبح إجمالي عدد السيارات التي تسير في شوارع قطاع غزة 80 ألف سيارة.

أما معارض بيع السيارات فقط وصلت أرقامها حتى العام الجاري إلى 278 معرضًا، تنفرد مدينة غزة بالحصة الأكبر منها حيث تضم 173 معرضًا، فيما كانت حصة محافظة الشمال 36 معرضًا، وتتوزع المعارض الـ 69 المتبقية على المحافظات الأخرى.

ارتفاع في الطلب

شركة الملتزم للتأمين، واحدةٌ من الشركات التي تقدم عروضًا ترويجية لحث المواطنين على شراء السيارات الحديثة، يقول مدير العلاقات العامة في الشركة عادل الأشقر إن الطلب المتزايد من السوق ساهم في زيادة عدد المركبات المستوردة، إضافةً للعروض المخفضة التي تطلقها الشركات والمعارض والتي تغري المواطنين على الشراء.

وعن الأسباب التي تزيد من الطلب على السيارات الحديثة، يتحدث الأشقر "ارتفاع نسبة البطالة التي دفعت الكثيرين للعمل على سيارات الأجرة"، ويشير إلى مسؤولية وزارة النقل والمواصلات عن العمل على تقنين عدد السيارات الداخلة إلى القطاع.

مشكلات مرورية

ويوضح الناطق باسم جهاز الشرطة الفلسطينية أيمن البطنيجي، أن ارتفاع أعداد السيارات المستوردة إلى غزة وعدم وجود قانون لإهلاك السيارات الحديثة، لعب دورًا سلبيًا في منظومة توازن السيارات واحتياج قطاع غزة للعدد المناسب لها.

ويؤكد البطنيجي أن الأعداد الكبيرة للسيارات في الشوارع يساعد على زيادة حوادث السير والازدحامات المرورية، محملًا وزارة المواصلات المسؤولية عن وضع التخطيط المناسب لدخول السيارات الحديثة وإهلاك القديم.

استمرار دخول السيارات بهذا الشكل إلى غزة سيضاعف المشكلة خلال الأعوام الخمس المقبلة على حد قول مدير عام الطرق والمشاريع في وزارة النقل والمواصلات محمد سرور، الذي أكد أن شوارع القطاع المعروفة بضيق مساحتها لا يمكن لها أن تحتمل أعدادًا أكبر من الموجودة حاليًا في ظل استمرار الاستيراد وضعف الإهلاك للقديم من السيارات.

ويشير سرور أيضًا إلى أن البنية التحتية لشوارع القطاع لا تساعد على إدخال هذا الكم من السيارات، يضيف، "شوارع غزة الداخلية متهالكة وتحتاج إلى تدخل من الدول المانحة من أجل إعادة تنميتها وتطويرها، لأن سوء بنيتها يعود بأضرار مباشرة على المواطنين تتمثل في زيادة حوادث السير وعدم كفاية طاقتها الاستيعابية داخل المدن".