فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: نشر موقع أوروبي يزعم متابعته لقضايا التحريض على القتل حول العالم صورا ومعلومات تتعلق بصحفيين ومصورين ونشطاء فلسطينيين يزعم تحريضهم على “الإرهاب” من خلال عملهم الصحفي ونشرهم الصور التي تغطي أحداث الانتفاضة الجارية بالضفة الغربية على صفحاتهم الاجتماعية.
الموقع الذي يطلق على نفسه (المعهد الأوروبي لمكافحة التحريض) أورد تفاصيل ومعلومات شخصية مفصلة عن هؤلاء الصحفيين والنشطاء ما يثير شكوكا حول ارتباطه بأجهزة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي الذي ربما وحده يكون من يمتلك تلك المعلومات.
استهداف الإعلام المقاوم
وبدا التركيز في الموقع واضحا على القضية الفلسطينية والصفحات الفلسطينية المهتمة بالصراع الفلسطيني والإسرائيلي، حيث نشر الموقع على صفحاته أسماء وصور وبطاقات تعريف لاثنين وعشرين فلسطينياً من بينهم عشر صحفيين ومدونين، معتبراً اياهم بانهم محرضون.
وتضمن الموقع أسماء ثلاثة متطوعين في شبكة قدس الإخبارية، حيث نشر معلومات شخصية دقيقة ومفصلة عن الزملاء الثلاثة، وعائلاتهم أيضا، كان منها أسماء وأرقام الهواتف النقالة ونوع قرابتهم بالزملاء، وقد أدى ذلك لتلقي مقربين منهم اتصالات تهديد وإزعاج عديدة.
وكان أحد المشرفين في الشبكة عزالدين الأخرس واحدا ممن نشر الموقع أسماءهم ومعلومات مفصلة عنهم، وذلك على خلفية منشورات متعلقة بالشهيد نشأت ملحم والعملية الفدائية التي نفذها في "تل أبيب".
وعلق الزميل عزالدين قائلا، إن هذا التحريض من الموقع الأوروربي المزعوم محاولة سخيفة للنيل من عمل الصحافة الفلسطينية وثنيها عن الاستمرار في متابعة الانتفاضة الفلسطينية، بعد أن استنفذ جميع الوسائل الأخرى وفشل أمام الاعلام الفلسطيني الذي يكشف ويفضح زيف دعايته.
وانتقد الأخرس مزاعم الموقع بأنه يريد القضاء على التحريض وبث الكراهية، في الوقت الذي ينشر فيه معلومات شخصية عن من يتهمهم بالتحريض وعن مقربين منهم أيضا، ما يعني أنه يوجه دعوة عامة لإيذاء هؤلاء الصحفيين والنشطاء أو على الأقل إزعاجهم.
وأضاف، "سنستمر في عملنا ولن يثنينا الارهاب الصهيوني ولا أدواته فنحن نؤدي رسالة سامية لصالح شعبنا وقضيتنا العادلة وكل إنسان فلسطيني متمسك بحقه قد يتعرض لمضايقات وهذا أمر طبيعي لكن ما قام به الاحتلال دليل ضعف".
وبدا واضحا تجاهل الموقع تماما للتحريض الواسع الذي يمارسه مستوطنون على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الفلسطينيين، وتضمن بعضها تحريضا على أشخاص بعينهم من خلال نشر صورهم الشخصية وأسمائهم والزعم بأنهم ينوون تنفيذ عمليات، ما يمثل إشارة أخرى لارتباطه بسلطات الاحتلال.
موقع ساذج
رسام الكاريكاتير المعروف محمد سباعنة وهو أحد الموجودين على قائمة الموقع وصف الموقع بالساذج مستدركا بالقول: “إنه رغم سذاجته إلا أن الهدف من هذا النشر ليس بسيطا”.
وأضاف سباعنة في حديث لـ قُدس الإخبارية، “إنها محاولة ابتزاز أمني للأشخاص الموجودين على قائمة ذلك الموقع من قبل أجهزة مخابرات ربما تكون دولية أو إسرائيلية، خاصة أنه تم نشر أسماء عائلات الصحفيين والمصورين وتفاصيل عن عائلاتهم وأولادهم وحتى أرقام هوياتهم وتلفوناتهم، وهذا يبرهن على أن القصد هو التهديد الأمني الشخصي لهؤلاء الأشخاص وعائلاتهم”.
وفسر سباعنة الموضوع بأنه محاولة من قبل القائمين على الموقع لرصد الأحداث “الإرهابية” التي تجري في أوروبا، ومحاولة عمل مقاربة لما يجري من عمليات طعن ودهس في فلسطين لصبغها بصبغة الإرهاب ووحدة المصير للإسرائيليين والأوروبيين الذين يتعرضون لنفس العنف بحسب زعمهم، خصوصا وأنهم يقول إنهم انطلقوا بعد التفجيرات التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس، وهي مقاربة غير صحيحة وغير عادلة”.
وقال سباعنة “أنا كرسام كاريكاتير انتقدت الحركات الرديكالية وما تقوم به من أعمال عنف وإرهاب برسم العديد من الرسومات وقمت برسم كاريكاتير أدان تفجيرات باريس ونشر في العديد من الصحف والمواقع الأوروبية، وبالتالي ربط الرسومات التي أرسمها عن الانتفاضة في فلسطين بالهجمات الإرهابية في أوروبا هو ربط غير منطقي وغير صحيح”.
وأوضح أن أصحاب هذا الربط يحاولون خلق حالة معارضة للقضية الفلسطينية لدى الغرب بصبغها بصبغة الإرهاب خصوصا بعد اتساع رقعة حملات المقاطعة الدولية لإسرائيل في الغرب”.
أسلوب وقح
المصور الصحفي بوكالة “وفا” للأنباء علي عبيدات أدان هذه الحملة وقال: “إن كل ما أورده هذا الموقع الذي يدعي أنه موقع أوروبي هو ما نقوم به خلال عملنا الصحفي من تصوير وتقارير تغطي الانتهاكات الإسرائيلية وبالتالي هو لم يأت بجديد ونحن نمارس عملنا الصحفي علناً أمام الجميع”.
وأضاف في حديث لـ قُدس الإخبارية، “أسلوب هذا الموقع والزج بأسماء صحفيين ونشطاء فلسطينيين في إطار التحريض على الإرهاب هو أسلوب وقح وغير بعيد عن أجندة الاحتلال الإسرائيلي واستخدام معلوماتنا الشخصية بهذه الطريقة لا يصدر إلى من جهة قريبة أو محسوبة على الاحتلال”.
وأوضح عبيدات أن أغلب المعلومات المرفقة عن الأشخاص الوارة أسماؤهم في قائمة الموقع حصلوا عليها من مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هناك معلومات أخرى شخصية تثير تساؤلا حول كيفية الحصول عليها، ترجح ارتباط هذا الموقع والقائمين عليه بجهات ومؤسسات إسرائيلية”.
وبين أن نقابة الصحفيين الفلسطينيين تكفلت بموضوع المتابعة القانونية والإعلامية، والتي بدورها ستتابع القضية من خلال الاتحاد الدولي للصحفيين، وقال “سنتابع الموضوع مع نقابة الصحفيين وسنواصل عملنا الصحفي كما كنا لأن فضح ممارسات الاحتلال واجب نعتز به لا جريمة نخجل منها”.
ملاحقة قانونية
نقابة الصحفيين الفلسطينيين قالت في بيان لها اليوم الخميس إنها تتابع بقلق شديد ما ورد من تحريض على عدد من الصحفيين الفلسطينيين عبر هذا الموقع.
وأضاف النقابة أنها تنظر بخطورة بالغة لما يحتويه الموقع، وخاصة تجاه صحفيين معروفين اعضاء في النقابة، ويعملون لصالح وكالات ووسائل اعلام فلسطينية وعربية واجنبية مشهود لها، وترى في ذلك تحريضاً وتشريعا بالقتل او الاعتداء على هؤلاء الزملاء، مما يضع الموقع والقائمين عليه في دائرة الشبهة من حيث انتائهم وأهدافهم.
ودعت النقابة لإزالة أسماء الصحفيين من هذا الموقع فوراً، مؤكدة أنها ستتابع مع الجهات الأمنية الفلسطينية مصدر ومنشأ هذا الموقع تمهيداً لملاحقة القائمين عليه قضائياً، وتحميلهم مسؤولية اي مساس باي صحفي ورد اسمه في الموقع.