شبكة قدس الإخبارية

في غزة.. تستفحل البطالة وتتزايد الضرائب والمحاصرون الضحية

حنين حمدونة

غزة – خاص قُدس الإخبارية: يُجنى في قطاع غزة ضرائب تصل 10 ملاين شيكل  سنويا من قبل وزارة المالية، و70 مليون دولار تقتطع كضرائب من القطاع لخزينة السلطة الفلسطينية على البضائع الواردة، هذه المبالغ يتحملها بالدرجة الأولى سكان القطاع المحاصر، حيث تضاف على أسعار السلع التي يستهلكها، الأمر الذي يُفاقم مُشكلتي "الفقر والبطالة" .

خلال عام 2015 شهد القطاع اقتطاعا جديدا للضرائب مثل ضريبة "التكافل الاجتماعي"، وتعديلا على آلية الحصول على "ضريبة الدخل"، فيما استمر العمل على جمع ضريبة "القيمة المضافة" ومجموعة من "الجمارك"، وتم التصريح عن البدء بزيادة الضرائب التي تفرض على التبغ والسجائر لتصل إلى 5 شيكل لعلبة السجائر الواحدة.

ويوضح مدير عام الضريبة في وزارة المالية بغزة عوني الباشا، أن إجمالي الإيرادات الحكومية الكلية 35 مليون شيكل، منها 10 ملايين شيكل هي واردات الضريبة، بينما تجني وزارة المالية في الضفة 70 مليون دولار من غزة كضرائب.

وبين الباشا لـ قُدس الإخبارية، أن قرار الوزارة بجمع ضريبة الدخل على شكل "سُلفة" تم التراجع عنه، حيث كان يهدف لأن تُجبى ضريبة الدخل من التاجر مسبقا على معبر كرم أبو سالم، لكن الأمر بقي اختياريا لمن يرغب من التجار بالدفع المسبق والحصول على خصم يصل لنسبة 6%.

وقال تاجر الخضار والفواكه أبو محمد – رفض ذكر اسمه - "إن أكثر ما أثار تحفُظنا فرض هذه الضريبة ومن قبل لجنة حددت قيمة دخل ثابتة علينا، إذ ينص القرار على فرض 30 دولار لطن الفواكه، و 20 دولار لطن الخضار"، مؤكداً على رفضه للقرار بحيث يجني ربح التاجر قبل تسويقه.

وأشار إلى أنهم قاموا بتسوية المشكلة مع الوزارة بحيث يكون الأمر اختياريا للشركات التي تلتزم بدفع ضريبة الدخل، وإجباريا على الشركات التي تتخلف عن الدفع، بحيث تُحجز البضائع في المعبر لحين دفع الضرائب المتراكمة، أو تُثمن قيمة الأرباح و يُجتزأ منها ضربة الدخل سلفا.

مبالغ باهظة و"المواطن" الضحية

وفي سياق منفصل نفى مدير عام الضريبة أن يكون هناك ضرائب جديدة فرضت في قطاع غزة كضريبة "التكافل الاجتماعي"، مشدداً على أن وزارة المالية تعمل وفق القانون، وأن الضرائب التي تجنى هي ضريبتي الدخل والقيمة المضافة.

إلا أن وكيل وزارة الاقتصاد أيمن عابد قال لـ قُدس الإخبارية، إن وزارة الاقتصاد تجني ضريبة التكافل الاجتماعي منذ مطلع عام 2015 عقب مصادقة المجلس التشريعي عليها، وذالك بهدف توفير المصاريف التشغيلية لوزارة الاقتصاد الوطني.

وأكد أن هذه الضرائب تُجبى على شكل "رسوم" لتقوم الوزارة بمسؤوليتها تجاه "المواطنين"، ممثلا لأهمية عمل لجنة حصر الأضرار عقب الحرب عام 2014 على قطاع غزة، حيث تم حصر العاملين بوزارة الاقتصاد أضرار 8 آلاف منشأة.

وأشار لأهمية تفعيل دور عمل لجنة "حماية المستهلك" والتي تقوم بدور رقابي على جودة كافة السلع التي تدخل للقطاع ، مُبرراً  بأن عدم التزام حكومة الوفاق الوطني بدورها بتوفير الموازنة التشغيلية هو الذي دفعهم لهذه الخطوة،مؤكداً على أنها رسوم رمزية .

ويعلق التاجر وسام نعيم الذي يستورد الأجهزة الكهربائية بأنه يدفع ضريبة التكافل الاجتماعي  قبل دخول البضائع التي يستوردها قطاع غزة، ويستلم وصولا مختومة باسم "رسوم استيراد"، موضحا بأن هذه الضرائب تُجبى على القطعة أو الوزن.

وأفاد بأن ضريبة التكافل الاجتماعي يتحملها "المواطن" بالدرجة الأولى، فالتاجر يضيفها على السعر الأساسي للسلعة كي لا تجتزئ من الربح، وذكر بأنه ملزم بدفع 50 شيكل على كل ثلاجة أو غسالة، مشيراً للمعانة التي يتعرض لها التاجر لإدخال بضائعه.

وأضاف نعيم، "ندفع ضريبة القيمة المضافة للسلطة الفلسطينية على البضائع المستوردة، وفي معبر كرم أبو سالم - المعبر الوحيد المخصص لدخول البضائع للقطاع - ندفع على  "شباك الضريبة" ضريبة القيمة المضافة مرة أخرى، فالضريبة الثانية لا تعترف بالأولى.

 وبين نعيم، أنه يجب أن يمر على "شباك" التعلية الجمركية وعلى ضريبة الدخل ورسوم الاستيراد (ضريبة القيمة المضافة)، ثم ينقل بضائعة لداخل القطاع محملاً "المواطن" كافة الضرائب، و"المواطن" مُجبر على الاستهلاك فهي بالنهاية سلع هامة.

وأشار إلى معادلة حسابية تُقدر فيها المبالغ الباهظة التي تجنيها وزارة الاقتصاد ووزارة المالية من الضرائب، فقال، أستورد 1500 ثلاجة، ورسوم الاستيراد "ضريبة الكافل" للثلاجة الواحدة تبلغ 50 شيكل، أي (1500×50 =75000 شيكل) للمرة الواحدة خلال العام.

أين تذهب الضرائب؟!

وحسب الباشا مدير الضرائب بالمالية، فإن الضرائب التي تجنى في قطاع غزة هي ضريبة القيمة المضافة بقيمة 16%، وضريبة الدخل حسب القانون الفلسطيني رقم 17 لعام 2004، مشيراً لضريبة "البلو" التي تلزم قطاع غزة بدفع  بنحو مليون دولار شهريا  لخزينة السلطة الفلسطينية.

وضريبة البلو تبلغ قيمتها دولار واحد يفرض على لتر المحروقات الذي يصل لقطاع غزة، ومتوسط الاستهلاك يصل لمليون لتر من المحروقات وبالتالي يتكون قيمة الضريبة مليون دولار شهريا، وقد حدثت خلافات عديدة على هذه الضريبة بين حكومة التوافق بالضفة وغزة، أدت لإعادة العمل بجدول 6 ساعات وصل مقابل 12 ساعة قطع إلى حين إعادة إعفاء القطاع من هذه الضريبة.

وأشار الباشا إلى أن ضريبة البلو والقيمة المضافة التي تجنى على المقاصة من البضائع التي تصل للقطاع، لا يصرف منها شيء لقطاع غزة والمستفيد الأول منها السلطة الفلسطينية.

إلى جانب هذا كله، تأتي الرسوم الجمركية المفروضة على المركبات، وتبلغ 75% من قيمة الفاتورة الشرائية، وبذلك لم تلتزم بالتعديل الذي طبق في الضفة وأقر دفع التاجر رسوم جمركة بقيمة 50%.

ومع كثرة اللغط حول الضرائب والمبالغ الجديدة، تساءل عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية رباح مهنا، "أين تذهب أموال الضرائب ومن يراقب عليها؟"، مضيفا، "أستغرب سيطرة حركة حماس على السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية في غزة، هذه السلطات ليس لها قرار مستقل، بل إن قرارها يتخذ بناء على توجيهات من قيادة حماس".

ورأى مهنا أن الحل الوحيد في ذلك هو أن يتحرك أصحاب المصلحة بشكلٍ جماهيري وديمقراطي، لتعديل هذه الحالة التي وصفها بـ"غير الصحيحة"، وأن يستجيبوا لدعوات القوى السياسية والمجتمعية التي تدعوهم لذلك.

ماذا بعد؟!

ويعلق نائب رئيس جمعية مستوردي المركبات في قطاع غزة وائل الهليس، بأن الضرائب المفروضة على مستوردي السيارات في قطاع غزة قضت على الربح بشكلٍ كامل، قائلا، "نحن ندفع ضرائب أكثر من تجار السيارات في الضفة ب 25% وبالتالي الأسعار تكون أغلى".

ويشير الهليس إلى حالة الركود التي تعاني منها أسواق المركبات، بحيث لا يتناسب الطلب مع الأسعار المتوفرة للسيارات الحديثة، الأمر الذي يهدد استمرارية عملهم كتجار على المدى الطويل.

وقررت وزارة المالية مؤخرا رفع الضرائب المفروضة على السجائر من 2 شيكل للعلبة الواحدة إلى 5 شيكل مطلع العام المقبل 2016، وذلك بهدف تقنين استهلاكها في قطاع غزة.

وقال الباشا، إن التبغ لا يصل لغزة بشكل رسمي عبر كرم أبو سالم، وإنما يصل مهرباً عبر الأنفاق الحدودية للقطاع، مضيفا، أن الوزارة لا تعمل على منع دخوله بشكل نهائي حتى لا يزيد الطلب عليه بشكل أكبر.

واستنكر تاجر السجائر "أبو خالد" - رفض ذكر اسمه - هذه الخطوة، موضحاً بأنه كتاجر يكابد الأمرين ليتمكن من تهريب السجائر للقطاع، ومتسائلا، "كيف لوزارة تسمي نفسها شرعية أن تجني ضرائب على بضائع مهربة".

وأكد "أبو خالد" أنه لن يتحمل هذه الضريبة وإنما سيحملها للمستهلك، متوقعاً بأن يتقلص الاستهلاك إثر ارتفاع الأسعار، ومبينا، أن هذه الضرائب يتحملها "المواطن الفقير" فالغني لن يتأثر من  سعر علبة السجائر.

وتشير إحصائيات إلى أن نسبة البطالة في القطاع بلغت 42.7%، ما يطرح سؤالا عن منطقة فرض هذا الكم الهائل من الضرائب على سكان القطاع، هذا مقابل دعوات أطلقها اقتصاديون وخبراء لفرض نظام ضريبي يدعم القطاع الخاص و"المواطنين"، بهدف تعزيز الاقتصاد الفلسطيني وحمايته من الانهيار الذي قد يحدث لو استمرت الضرائب على هذا الحال.