غزة – خاص قُدس الإخبارية: بدت زيارة رئيس الوزراء السابق سلام فياض مفاجئة للشارع الفلسطيني والمراقبين وكذلك الفصائل الفلسطينية، باستثناء حركة حماس التي لم ترحب ولم تعترض رغم موقفها السابق المعادي لفياض، فيما أعلنت فتح مقاطعتها للزيارة.
الزيارة جاءت بدعوة من القيادي في حركة حماس أحمد يوسف، أو بشكل أدق من معهد بيت الحكمة الذي يرأسه يوسف، وهو الرجل الذي يراه كثيرون صاحب مواقف مثيرة للجدل وتغريدات خارج السرب الحمساوي، حيث أشرف يوسف بنفسه على مؤتمر صحافي عقده فياض وشهد جدلا حادا، بعد أن طالب صحافي فياض بالاعتذار عن ما قال إنها أخطاء ارتكبها إبان فترة رئاسته للوزراء.
حجر في مياه راكدة
وقال القيادي أحمد يوسف، إن زيارة فياض خطوة للتواصل ومحاولة للمضي قُدما نحو التفكير بآلية للخروج من الانقسام وما تبعه من الأزمات، كما أنها تمثل "فرصة للتواصل مع القوى الوطنية الإسلامية واليسارية"، حسب تعبيره.
وأضاف يوسف لـ قُدس الإخبارية، أن الزيارة تهدف لتكوين فرصة للتأكيد على إمكانية التواصل من أجل تعزيز المشروع الوطني، مبينا، أن حماس لم ترفض الزيارة.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي سخطا كبيرا من قبل أنصار حركتي فتح وحماس بسبب هذه الزيارة، حيث طالب أنصار حماس "بسحب الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها فياض وسجنه"، فيما عبر أبناء فتح عن استيائهم من سياسته خلال فترة حكمه وأبرزها فصل رواتب الموظفين وتقليص الدعم الحكومي للقطاع وتخفيض التحويلات الطبية، كما قالوا.
حالة الغضب انتقلت من مواقع التواصل الاجتماعي إلى المؤتمر الصحافي الذي عقد في فندق "الكومدور" على شاطئ مدينة غزة، حيث قال أحد الضيوف في مداخلة له، "كنا نخاف من الصلاة في المساجد خوفاً من احتسابنا على حماس ووقف رواتبنا"، فيما جاءت ردود فياض على هذا النقد وغيره دبلوماسية وأقل حدة من الانتقادات.
وعلق يوسف على الدعوات لاعتقال فياض بالقول، إن هذه الآراء كانت فردية، وتعبر عن تحفظ البعض على مواقف فياض أثناء عمله كرئيس للوزراء خلال سنوات الانقسام بعد عام 2007، مضيفا، أن فياض ليس لديه مشكلة في المثول للقضاء لأنه لم يكن طرفا في الانقسام بل جاء في فترة فتنة.
حماس تتحفظ وفتح تقاطع
حركة حماس التزمت الصمت تجاه هذه الزياة، وقال يوسف، إن الحركة تحفظت بسبب حساسية بعض الأشخاص من فياض كونه عمل في "فترة فتنة"، مؤكدا، أن الحركة ستدرس المقترحات التي حملها معه، دون أن يفصح عن هذه المقترحات.
ورغم عدم إفصاحه عن هذه المقترحات لكن يوسف أكد ترحيب الحركة بالأفكار المعروضة، كما أكد موافقة الحركة بشكل مبدئي على الانضمام لمنظمة التحرير، معتبرا أن المفتاح بيد الرئيس محمود عباس من خلال "تعديل المجلس الوطني"، ما يشير لوجود مقترح تضمن انضمام الحركة للمنظمة.
حركة فتح قاطعت الزيارة وامتنعت عن الالتقاء بفياض – بشكل علني على الأقل – أو المشاركة في الفعاليات التي شارك فيها فياض، وقد برر عضو اللجنة المركزية في حركة فتح إبراهيم أبوالنجا ذلك بأن الزيارة ليست في الإطار الذي تم التوافق عليه ولم تكن في إطار زيارة لوفد منظمة التحرير.
وأضاف أبو النجا لـ قُدس الإخبارية، أن حركة فتح قاطعت الزيارة لعدم التنسيق المسبق معها، وأعرب عن أمله في أن تحرك الزيارة المياه الراكدة، لكنه جدد التأكيد على أن أطراف المصالحة هم الحكومة الفلسطينية واللجنة التنفيذية وفصائل المنظمة.
المحلل السياسي طلال عوكل، قال إن فياض جاء حاملا خارطة طريق يعتقد أنه سيتمكن من خلالها تحريك المياه الراكدة ومحاولة توسيع دائرة المقتنعين بالفكرة التي يريد.
وحول مقاطعة فتح للزيارة قال عوكل، إنه ليس من الضروري التنسيق مع جميع الجهات، كما أن فتح لا تقبل بالدور الذي يمارسه فياض والمقترحات التي يقدمها، مشيرا إلى الاتهامات التي وجهتها مؤخرا لفياض بعلاقته في القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، وتأثير ذلك على موقف فتح من فياض وتحركاته.
وأكد عوكل، أن دعوة يوسف لفياض جاءت بموافقة سابقة من حركة حماس، برغم الموقف غير المعلن للحركة تجاه الزيارة، مبينا، أن حماس ستدرس فعلا مقترحات فياض خاصة أن الأخير لم يكن طرفا في الاتهامات المتبادلة بين فتح وحماس، حسب قوله.
تجدر الإشارة إلى نائب رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية التقى فياض في ختام الزيارة، حيث كان هنية رئيس الوزراء في غزة إبان تولي فياض منصب رئيس الوزراء في الضفة، لكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن أي تفاهمات أو مقترحات واضحة من فياض بشأن المصالحة.