غزة – خاص قُدس الإخبارية: فتحت تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة حماس زياد الظاظا التي أعلن فيها عن قرار توزيع أراضٍ حكومية في غزة على الموظفين، الباب مجددًا أمام عاصفة الانقسام بين غزة ورام الله، وحشدت تصريحاته موجةً من ردود الفعل الفصائلية والقانونية المعبرة عن رفضها لهذا القرار، الذي اعتبر تكريسًا للانقسام وتعديًا على القانون الفلسطيني.
ومع موجة الرفض الواسعة، برزت علامات استفهام وتساؤلات عديدة حول الأصل القانوني للقرار الذي كان محل نقاش خلال اجتماع كتلة "التغيير والإصلاح" التابعة لحركة حماس في المجلس التشريعي بغزة صبيحة أمس الأربعاء.
رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي والنائب عن كتلة "التغيير والإصلاح" محمد فرج الغول، قال لـ قُدس الإخبارية، إن الجلسة لم تبحث أي قرارات لأن الأمر يتعلق بمشروع سكني للمواطنين ومن ضمنهم الموظفين، مبينا، أن هذا المشروع لم يأت بقرار من المجلس التشريعي بل هو من قوانين سابقة، وسلطة الأراضي تتولى تطبيقها.
ويوضح العول، أن جلسة التشريعي الأربعاء كانت للرقابة على أعمال سلطة الأراضي، "كونها تمارس دورها بمعزل عن المجلس من خلال القوانين التي تعطيها الصلاحيات لذلك"، مضيفا، "عندما تطرح مثل هذه المشاريع يتم بحثها من ناحية تحقيق المصلحة للشعب والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية".
ورفض النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة التعليق على الأمر، واكتفى بالقول إن المجلس التشريعي الفلسطيني وحدة واحدة ويأخذ قرارًا واحدًا بنصابٍ قانوني، وهذا القرار يتم استخدامه سياسيًا.
على الجانب الآخر انتقد حسن العوري المستشار القانوني للرئيس الخطوة التي تنوي حماس اتخاذها، مبينا، أن توزيع أراضٍ من الخزينة العامة على أفراد هو أمر غير قانوني ولا يترتب عليه حقوق مكتسبة بغض النظر عن المدة الزمنية.
وأضاف العوري، أن القرار صادر عن فصيل سياسية ليس له صفة قانونية لتوزيع الأراضي أو تخصيصها، كما أنه "مخالف لمبدأ المنفعة العامة وهي الغاية من وجود أملاك عامة تملكها الدولة نيابة عن الشعب"، معتبرا هذا القرار "تسريبا للأراضي وجريمة يعاقب عليها القانون".
وحذر العوري موظفي حماس من مغبة الانزلاق في عمل غير قانوني وغير دستوري، مؤكدا أن ملكية هذه الأراضي ستنزع من الأفراد وستعود للخزينة العامة.
وردا على تصريحات العوري قال الغول، "هذا كلام فارغ ولا يستند لأي سند قانوني وهو يتحدث بطريقة سياسية، وإن كان يريد الحديث عن القانون فالأولى به الحديث عن الحكومة التي تعمل وتأخذ قرارات دون أن تحصل على الثقة من المجلس التشريعي".
وتعقيبا على هذا السجال، يوضح المستشار القانوني عبدالكريم شبير، أن سلطة الأراضي هي الأمينة على أراضي الدولة، وهي الجهة المنفذة للقوانين والمشاريع المتعلقة بها، لكنها ليست صاحبة صلاحيات في منح الأراضي لأحد، مبينا، أن الرئيس هو صاحب هذا الحق وفقا للقانون، وبغض النظر عن أي خلاف سياسي، ما يعني أن أي جهة في قطاع غزة لا تستطيع منح أي موظف قطعة أرض.
وبين شبير لـ قُدس الإخبارية، أن هناك شروطا عديدة تتعلق بقانون إقامة الجمعيات السكنية، تشكل بموجبه لجنة مشتركة من وزارتي الأشغال والحكم المحلي إضافةً لسلطة الأراضي، كي ترفع هذه المشاريع الإسكانية للجهات المختصة، موضحا، أن هذه اللجنة تشكلها الحكومة لا سلطة الأراضي، وأن الحديث عن مشروع جمعيات سكنية لا يصلح دون حكومة الوفاق الوطني.
ويؤكد شبير تنويه العوري إلى أن هذه الأراضي قد تستعاد ممن وزعت عليهم لاحقا، مذكرا بما قامت به حكومة غزة السابقة عام 2012 من إزالة تعديات "عزبة الحمامية" على شارع الرشيد بهدف توسيعه، وإزالة منازل آل أبو عمرة في منطقة الرمال الجنوبي التي تقدر بأكثر من 50 دونما في العام ذاته لعدم قانونية أوضاعهم.
وأعرب شبير عن أمله في أن تتراجع حماس "عن توريط الموظفين في ظروف غير آمنة قانونيا"، مضيفا، "يفترض أن يتم البحث عن حلٍ قانونيٍ لمشكلة الموظفين وتفعيل دور المصالحة وإعطاء حكومة الوفاق فرصةً لتفعيل دور اللجنة القانونية وتسليم مؤسسات السلطة وتمكين الحكومة من إنجاز الملفات التي كلفت بها كي تتحمل المسؤولية الكاملة أمام الشعب والفصائل والمجلس التشريعي".