غزة – خاص قُدس الإخبارية: عادت قضية توزيع الأراضي الحكومية على الموظفين في غزة مقابل مستحقاتهم المالية لتطفو من جديدٍ على السطح، لكنها خرجت اليوم بشكلٍ رسمي على لسان القيادي في حركة حماس زياد الظاظا، بعد أن كانت وسائل الإعلام تتناقل على ألسنة "مصادر خاصة".
وما أن انتشر تصريح الظاظا على وسائل الإعلام حتى انقسم الشارع الفلسطيني ومعه الفصائل والجهات الرسمية والقانونية حول قانونية المشروع بين مؤيدٍ ومعارض، حيث اعتبره البعض جائزًا كنوعٍ من البيع والشراء بين الحكومة والموظف، فيما اعتبره البعض الآخر منافٍ للقوانين لأنه قائم على التصرف بممتلكات الدولة العامة، التي لا يخول القانون أحدًا التصرف بها إلا بضوابط ومعايير محددة.
مخالف للقانون
ويوضح رئيس التجمع الفلسطيني المستقل والخبيرالقانوني عبد الكريم شبير، أن المشروع مخالفٌ للقانون لأن من صرّح بإعطاء الأراضي الحكومية للموظفين لتغطية رواتبهم المستحقة في ذمة الحكومة السابقة، ليس له أي صفة ولا يملك أي صلاحيات، مبينا، أن المخول حسب القانون الفلسطيني بهذا الأمر هو رئيس السلطة الفلسطينية وفق قيود وشروطٍ قانونية، يخضع للمحاسبة في حالها خالفها.
ويحذر شبير في حوارٍ مع قدس الإخبارية، من إعطاء الموظفين أراضٍ حكومية لتسديد رواتبهم على حساب المال العام، مؤكدًا في الوقت ذاته أن من حق الموظفين الحصول على مستحقاتهم لكن عن طريق ميزانية الحكومة، لأن الميزانية هي جزء من الحكومة تعطى لها حسب احتياجاتها ومصروفاتها، أما الأراضي فهي جزء من المال العام للشعب ومستقبله ولا يجوز التصرف بها بهذا الشكل.
وطالب شبير الجهات المختصة بدراسة القضية بشكلٍ قانوني وليس بشكلٍ ينتهك القانون، مضيفا، أن "الخطير في الأمر هو تحول الأمر من قضية ناجمة عن الانقسام وانفصال غزة عن الضفة إلى انتهاكٍ انتهاكٍ واضحٍ للقانون"، داعيًا الموظفين في غزة إلى عدم القبول بأي صيغةٍ تمثل تجاوزًا للقانون وتعديًا عليه حتى لا يصبحوا في دائرة المسؤولية عن هذا الانتهاك.
رفضٌ فصائلي
تصريح الظاظا لم تجد قبولا لدى الفصائل الفلسطينية التي انتقدت الأمر بشدة، وطالبت بعدم السير فيه إلى النهاية، معتبرة أن حماس لا تملك الحق في تنفيذ هذه الخطوة.
وقال القيادي في الجبهة الشعبية ذو الفقار سويرجو، أن هذه الخطوة من شانها تعميق الانقسام وزيادة حدة التوتر بين طرفيه، معتبرا تنفيذ حماس للقرار تنكرا لحكومة الوفاق ورفضا لسلطتها على قطاع غزة، ما يعني أن القطاع أصبح كيانًا منفصلًا.
وأضاف سويرجو لـ قُدس الإخبارية، أن موافقة حماس على تجديد ولاية الحكومة تستدعي الانضباط بقرارات الحكومة وليس بقرارات تنظيم أو حركة داعيا، في الوقت ذاته الحكومة لتحمل مسؤولياتها والعمل بشكلٍ سريع على حل كافة مشاكل الموظفين في قطاع غزة ضمن القانون وما تم الاتفاق عليه في اتفاق الشاطئ.
أما القيادي في الجبهة الديموقراطية صالح زيدان فقال إن "من حق الموظفين الحصول على رواتبهم لكن من خلال حكومة التوافق الوطني ووفق آلياتٍ تقوم على قاعدة حق الموظف في الحصول على مخصصاته"، داعيًا حركة حماس إلى إعلان التراجع عن تصريحات الظاظا لأنها "غير قانونية وغير مقبولة".
واعتبر زيدان لـ قُدس الإخبارية، "هذا القرار يبرز استمرار حكم حماس لقطاع غزة الذي لم ينتهي، وأن حكومة الظل لحماس ما زالت قائمة"، مضيفا، "إذا كان حل المشكلات من خلال توزيع الأراضي فلن يبقَ أراضٍ في غزة إلا وستستخدم لحل مشكلات تمويل حكم حماس".
كما اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب في بيان الخطوة تعزيزا للانقسام وتأكيدا على بقاء حماس في الحكم، موضحا، أن الأصل هو إجراء بحثٍ عن معالجة المشكلة استنادًا لتفاهمات المصالحة، فالأراضي "ملك للشعب الفلسطيني وليست لحماس أو لأي فصيل آخر".
ولم يختلف موقف حركة فتح عن بقية الفصائل، حيث انتقدت الخطوة بشدة واعتبرت أنها "غير قانونية". وتساءل الناطق باسمها أسامة القواسمي في بيان له، عن الصفة التي يملكها الظاظا وأعطته الحق في اتخاذ هذا القرار، معتبرا أن حماس توجه بهذه الخطوة ضربة "للهبة الشعبية التي يقوم بها الفلسطينيون في هذه الفترة ويقدمون خلالها الشهيد تلو الشهيد".
مشروع إسكاني
وتحدث مصدر خاص في سلطة الأراضي بغزة لـ قُدس الإخبارية، قائلا، إن المشروع إسكاني بحتّ، ويحق للمواطنين كما الموظفين الاستفادة منه، مبينة، أنه يقوم على تشكيل جمعيات سكنية تضم 20 موظفًا أو مواطنًا وقد يصل العدد إلى 40، على أرض تتراوح مساحتها من 800-1000 متر.
وأضاف المصدر، أن المشروع ليس إجباريًا على الموظفين، كما أنه ليس تسوية مستحقات في قطاع الأراضي فقط، بل هو تسوية مستحقات مع من له أموال لصالح البلديات أو الكهرباء.
وأكد أن المشروع خضع لدراسةٍ قانونية من جميع الجوانب قبل الإعلان عنه، وتم إقراره بموجب القرار رقم 2 لعام 2015 الذي ينص على تشكيل لجنة وزارية لإدارة قطاع الأراضي في قطاع غزة، وهذه اللجنة تنوب عن حكومة الوفاق الوطني، حسب المصدر.
وردا على سؤال حول سبب عدم إدارة الحكومة بشكلٍ مباشر اكتفى المصدر بالقول، "إن هناك لجنةً وزارية عليا مكلفة من المجلس التشريعي الفلسطيني بإدارة قطاع الأراضي وهي من أقرت هذا المشروع"، معترفا، أن المشروع لم تُشاور فيه حكومة التوافق الوطني ولا الرئيس محمود عباس.
تجدر الإشارة إلى أن شبكة قدس الإخبارية حاولت الحصول على رد من حكومة التوافق الوطني لكنها لم تتمكن من ذلك، إلا أن الحكومة كانت قد انتقدت هذه الخطوة سابقا عند تناقلها بشكل غير رسمي عبر وسائل إعلام محلية، وحذرت من الاستمرار فيها إلى النهاية.