قبل أن تسمى فلسطين بفلسطين كانت تسمى بأرض كنعان نسبة للكنعانيين العرب الذين كانوا أول من استوطن في هذه البقعة من الأرض. وعرفت عبر التاريخ بجنوب سورية إلى أن جاءت اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916 وفصلتها عن سورية مقدمة لإقامة "إسرائيل" فيها .
عندما قام نابليون بحملته المشهورة على الشرق واحتل مصر وتوجه إلى عكا وحاصرها وفشل باحتلالها، وجه نداؤه المشهور إلى يهود آسيا وإفريقيا وطالبهم فيه بدعم حملته لتأسيس "إسرائيل" في فلسطين .
وكان الخلاف بين فرنسا وبريطانيا على أشده حول مصر والهند، فأيقظ نداء نابليون دهاقنة الإمبراطورية البريطانية ومنهم اللورد شافتسبري واللورد اليهودي منتفيوري، فأعلنوا أن لدى اليهود المال والرجال لاستعمار فلسطين وجعلها قاعدة لخدمة مصالح الإمبراطورية البريطانية، وتأمين قناة السويس .
وجاء تيودور هرتسل وأسس الحركة الصهيونية بعقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897، والذي أقر تهجير اليهود إلى فلسطين وترحيل العرب منها وإقامة "إسرائيل" فيها .
تبلور المخطط الاستعماري والصهيوني لفلسطين وبقية الوطن العربي في تقرير كامبل (نبرمان) عام 1907، وفي اتفاقية سايكس بيكو، ووعد بلفور عام 1917 ، ومؤتمر الصلح في فرساي عام 1919، ومؤتمر الحلفاء في سان ريمو عام 1922 الذي قرر وضع فلسطين والعراق تحت الانتداب البريطاني وسورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.
بدأت الهجرة اليهودية والاستيطان اليهودي وتهويد الأرض الفلسطينية تحت إشراف حكومة الانتداب البريطاني ، حيث جرى تعيين الصهيوني هربرت صموئيل المندوب السامي الأول في فلسطين .
وقامت الأيدلوجية الصهيونية على أن اليهودية ليست مجرد ديانة، وإنما هي قومية، واليهودية هي الوجه الديني للصهيونية، والصهيونية هي الوجه الديني والسياسي ليهود العالم، وإن الكيان الصهيوني هو التجسيد العملي للصهيونية، وللوجهين الديني والسياسي لليهودية، ودولة جميع اليهود في العالم .
حدد هرتسل في كتابه دولة اليهود الذي ظهر عام 1896 أن الحل الوحيد للمسألة اليهودية هو تأسيس دولة اليهود بدعم من الدول الاستعمارية، وان العداء للسامية حركة مفيدة وأبدية، ووضع القوة فوق الحق .
ورسم المؤتمر الصهيوني الأول دولة اليهود بأدق تفاصيلها. وقرر إقامة المنظمة الصهيونية العالمية لتحقيق المشروع الصهيوني في فلسطين.
وتنطلق الصهيونية من مقولة أن العرب ينسون، ولا يفهمون إلاّ لغة القوة، وان الزمن كفيل بإجبارهم على قبول الأمرالواقع الذي فرضته بالقوة العسكرية والتهويد والاستيطان وترحيل العرب، وتجنيد الدول الغربية لحمل العرب حكومات ومواطنين على نسيان الماضي والإذعان والرضوخ للمشروع الصهيوني.
إن التحليل العلمي للصراع العربي الصهيوني ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الماضي والحاضر والمستقبل، ولا يجوز الخضوع لإرادة الخصم الناتجة عن استخدام القوة ونسيان الماضي، والانطلاق من الأمر الواقع الذي كرسته الصهيونية والامبريالية باستخدام القوة والاحتلال وتوقيع اتفاقات الإذعان .
ويختلف الصراع العربي – الصهيوني عن غيره من الصراعات حيث أن له جذوره التاريخية التي بدأت بحروب الفرنجة والرواسب التي خلفتها، ومرحلة الاستعمار الأوروبي للعديد من البلدان العربية ، وظهور الصهيونية وبلورتها كحركة سياسية عالمية منظمة، وارتباطها الوثيق بمصالح الدول الاستعمارية ومعاداتها لشعوب المنطقة، وإعلانها الحرب على العروبة والإسلام .
ويتضمن هذا الصراع كافة جوانب الصراعات المعاصرة من ارض وحقوق وثروات وعقيدة وعادات وتقاليد وعلاقات دولية وتسخير القوة الغاشمة من مجازر وإبادة جماعية لكسر الإرادات الفلسطينية والعربية .
بدأ المشروع الصهيوني كجزء من المشروع الاستعماري للهيمنة على الوطن العربي، ولكنه يعمل حالياً لخدمة مشروعه الاستعماري الخاص به أولاً، والمشروع الامبريالي ثانياً، على الرغم من أنه عمل في المرحلة الماضية على خدمة أهداف المشروع الاستعماري أولاً والمشروع الصهيوني ثانياً. وبالفعل قامت "إسرائيل" بحروب واعتداءات وادوار ضد العرب لا تستطيع أي دولة استعمارية القيام بها .
ان الكيان الصهيوني كيان استعماري استيطاني ونظام عنصري وارهابي دخيل على المنطقة وغريب عنها، جاء من وراء البحار باستغلال معزوفتي اللاسامية والهولوكوست (المحرقة) وبدعم وتأييد كاملين من الامبريالية الامريكية والدول الغربية والرجعية العربية.
تعاونت الصهيونية في بادئ الامر مع المانيا القيصرية وبريطانيا الاستعمارية ومع الحركات اللاسامية والمانيا النازية. واستغلت جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها هتلر لاقامة "اسرائيل" في فلسطين العربية. وتعاونت "اسرائيل" في حروبها ضد الامة العربية مع فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، ومع الحركات العنصرية في روديسيا والبرتغال ونظام الابارتايد في جنوب افريقيا.
أثبت التطور البشري ان مصير الحركات العنصرية وانظمة الاستعمار الاستيطاني الى الزوال.
زالت النازية من المانيا والفاشية من ايطاليا واسبانيا والعنصرية والاستعمار الاستيطاني من روديسيا والبرتغال والجزائر. وزال نظام الفصل العنصري من جنوبي افريقيا. وان مصير "اسرائيل" ككيان استعمار استيطاني يهودي ونظام عنصري وكأكبر غيتو يهودي في قلب المنطقة العربية والاسلامية الى الزوال.
ويواجه الكيان الصهيوني العديد من الأزمات والمشاكل بسبب طبيعته العنصرية والاستعمارية والإرهابية، منها مشاكل بين العرب واليهود داخل "إسرائيل" وخارجها، وبين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين، وبين العلمانيين والمتدينين، ومشاكل مع الشعوب العربية والإسلامية ومع بقية شعوب العالم جرّاء المحاولات والمساعي لفرض هيمنة الصهيونية على العالم.