شبكة قدس الإخبارية

لعبة كادت تحول العيد لفاجعة.. قُدس تكشف ما جرى في "منتجع النور"

هيئة التحرير

غزة – خاص قُدس الإخبارية – شعبان عدس وهدى العف: سقطت لعبة "الديسكفري" في "منتجع النور" بقطاع غزة السبت (ثالث أيام عيد الاضحى)، متسببة بإصابة 13 راكبا بينهم أطفال ونساء بجروح بين متوسطة وطفيفة، وتبعتها اتهامات بالإهمال والتقصير، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لإيقاف العمل في المنتجع.

شبكة قُدس الإخبارية حاولت البحث عن حقيقة ما جرى لحظة سقوط اللعبة وما تبع ذلك، محاورة المسؤولين عن المنتجع والدفاع المدني والمتضررين من السقوط الذي كاد أن يسبب فاجعة، أو لعله قد سبب فاجعة بالفعل بالنسبة لإحدى العائلات التي زرناها بعد السقوط المروع.

ماذا حدث؟!

في مستشفى الشفاء - قسم "العظام" ترقد المصابة أشواق الحسنات (19 عامًا)، وإلى جانبها والدتها وأهلها الذين يندبون مصابهم فيها ويشكون لله ما هو أكبر منها حيث إصابة شقيقتها الكبرى فداء.

المصابة أشواق لاقت صعوبة في الحديث إلينا وهو ما تم تبريره بهول الصدمة، لكنها برغم ذلك نطقت بضع كلمات قالت فيها، "المرجيحة لتاني مرة بركبها وفجأة بعد دقيقتين بالضبط حسينا الأرض اهتزت ثلاث هزات قوية مع سقوط عالي، وجدت بعدها قدمي أمامي تنزف دمًا وأختي فداء أمامي حالها يرثى له".

أم سالم، والدة أشواق وفداء ترى في الأمر استهتارا بسلامة الآخرين، موضحة أن ما أثار استفزازها بشكل أكبر هو استمرار تشغيل المكان والموسيقى حتى وقت وقوع الحادث دون أدنى شعورٍ بحال ذوي المصابين والموجودين.

"بشكلٍ مفاجئ حدث الأمر، ولم يكن متوقعًا أبدًا، فهذه ليست المرة الأولى التي نأتي بها إلى منتجع النور، لكن ما جرى استهتار واضح، فلا رقابة ولا إجراءات صيانة وسلامة"، قالت الأم.

وتهون حالة أشواق مقارنة بشقيقتها فداء، التي أصيبت بشكل مباشر في الفخذ والقدم، حيث رجح الأطباء حاجتها لإجراء بتر اضطراري، ما استدعى تحويلها إلى مستشفى "برزلاي" في أراضي 48، هذا بعد أن كان طبيبا زائرا للمكان قد أنقذ حياتها، بعد إسعافه لها وللمصابين بشكل فردي حتى وصول الإسعاف.

[caption id="attachment_75202" align="aligncenter" width="600"]اشواق ووالدتها في مستشفى الشفاء اشواق ووالدتها في مستشفى الشفاء[/caption]

تقصير أم..

وأثار الحادث حالة من الغضب في أوساط الأهالي بالقطاع، فالسقوط كاد أن يتسبب بقتلى يحول رحيلهم فرحة العيد إلى مأتم، وتعالت الأصوات المنتقدة لإدارة المنتجع والمتهمة لها بالتقصير، لكن بسام زينو أحد المسؤولين في المنتجع رد بتأكيد أن الحادث عرضي، وأن الإدارة تتابع الحادث وتبعاته منذ وقوعه، وتعطيه اهتماما كبيرا وتعمل جاهدة للوقوف على مسبباته، وفق قوله.

ويؤكد زينو لـ قُدس الإخبارية، أن سقوط اللعبة كان خارجا عن التوقعات وحادثا عرضيا لا أكثر، موضحا، أن أكثر من لجنة شكلت تضم جهات أمنية ولجان إصلاح ومختصين إضافة لمُصنّع الألعاب في المنتجع، وستعمل هذه اللجان على دراسة حيثيات الحادث ثم ستخرج بتقرير حول ما حدث لمحاسبة المقصرين.

ويضيف، "نحن في العادة نجري أعمال صيانة وتفقد لكل الألعاب مع بداية كل موسم من أجل توفير السلامة والحفاظ على الأهالي الذين يقصدون المنتجع للترفيه خلال فصل الصيف والأعياد والمناسبات السعيدة والرحلات".

هذه الرواية، كان لها ما يخالفها تماما لدى عائلة حسنات، فسالم شقيق الفتاتين أشواق وفداء قال في معرض حديثه إن أحد من الإداريين قال للعامل المسؤول عن تشغيل اللعبة حرفيًا، "مش حكينالك ما تشغلها كتير لأنها عطلانة؟".

أما أم سالم، فتؤكد أنهم لم يتلقوا أي زيارة من أي مسؤول أو رجل إصلاح أو غيره، ولم يقدم أحد استعدادا للعلاج أو يعرب عن استعداده لتحمل مسؤولية ماحدث، باستثناء شخص واحد مرّ من المكان ولم يتحدث للعائلة، وهو ما اعتبرته غير كافٍ أو موازٍ لثقل الحادث الذي أصاب الشقيقتين الشابتين.

"25 دقيقة" هي المدة التي استغرقتها سيارة الإسعاف للوصول للمكان، بحسب العائلة، حيث ظل المصابين ينزفون دمًا حتى وصوله، وهو ما اعتبرته العائلة تقصيرًا آخر من إدارة المنتجع لأن أقل إجراءات السلامة هو تواجد سيارة إسعاف بالمكان.

ويعلق زينو على ذلك، بأن المنتجع لا يحتاج لسيارة إسعاف لأنه يحوي مبنى للإسعاف مجهزٌ ببعض الأدوات الصحية وأنبوب للأكسجين وطاقم من عدة أشخاص لإسعاف حالات طارئة وطفيفة، "لكن الحدث كان أكبر من قدرة طاقم الإسعاف"، حسب قوله، مشددا، أن الإسعاف وصل بعد 10 دقائق فقط ولم يستغرق 25 دقيقة.

ويبرر زينو استمرار الألعاب في عملها بشكل طبيعي في المنتجع بعد سقوط اللعبة، بصعوبة إخلاء المكان نظرا لوجود نحو 10 آلاف شخص بداخله، "لذلك فضلنا بقاء الأمور على حالها تزامناً مع متابعة الإصابات ونقلها للمشفى وإرسال مندوبين عند المنتج هناك للإطمئنان ومتابعة المصابين"، وهو ما نفته العائلة تماما.

مرخص ولكن..

عن سبب السقوط المفاجئ، يقول مدير عام الدفاع المدني في غزة العميد سعيد المسعودي، بأن إحدى القطع الحديدية الموجودة في مكان مخفي عن أنظار الفنيين الذين يتفقدون تلك الألعاب قد انكسرت، "وهذا أمر خارج عن الارادة وحادث عرضي بحث يحدث في كثير من الدول"، وفق قوله.

ويعترف المسعودي في حديثه لـ قُدس الإخبارية، بأن صانعي هذه الألعاب يستخدمون حديدا أقل جودة وسماكة من المطلوب، مبررا ذلك بالحصار على القطاع وقلة الامكانيات، ومضيفا، "لكنه يفي بالغرض وآمن، لكن ما حدث هذه المرة أن تلك الحديدة كسرت فجأة وبدون أي مقدمات تشير لضعفها لكي يتم استبدالها".

ويوضح المسعودي، أن منتجع النور من المنتجعات المرخصة لدى الدفاع المدني، ويخضع لإجراءات الأمن والسلامة المحددة له، وقد جرى مع بداية هذا الموسم التأكد من سلامة الألعاب وتفقد الماكينات الخاصة بها جيدا.

وردا على المطالبات بإيقاف العمل في المنتجع قال المسعودي، "لماذا نوقف العمل به طالماً أن الحادث ليس جنائياً أو متعمد أو نتيجة الإهمال؟ وبعد وضع يدنا على السبب الحقيقي الذي ذكرته، في مثل هذه الحالات لا يجب توقيف العمل، في ظل أن شعبنا بحاجة لمثل هذه الأماكن للترفيه عنه نفسه في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها".

وبدا المنتجع اليوم عامرا بالزوار رغم الحادثة، لكن ليس كما كان عليه الحال في هذه المناسبات من كل عام، وقالت سيدة من الزائرين إنها قدمت برفقة عائلتها بعد أن كانوا قد خططوا مسبقا لذلك، لكنها أوضحت أنها وضعت شروطا على أبنائها بعدم ركوب أي من الألعاب في المكان قائلة، "نخاف على حياة أبنائنا".

زائر آخر للمنتجع قال أيضا إنه منع أبناءه من ركوب الألعاب أو حتى اللعب في محيطها، مضيفا، "هاجس الخوف موجود فنحن بشر في النهاية تهمنا حياة أبنائنا، نثق في المكان لكننا بحاجة إلى إجراءات أمان وسلامة تجعلنا مطمئنين".

وكان نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي قد كتبوا اليوم وبالامس مطالبين بتحمل المسؤولين عن هذه الحادثة مسؤوليتهم، ومحاسبتهم على أي تقصير قد يتم التأكد من وجوده، وقد انقسم النشطاء بين الدعوة لإغلاق المنتجع وإجراء اعمال صيانة للألعاب بشكل أكثر مسؤولية وبرقابة أكبر من الجهات المختصة.