شبكة قدس الإخبارية

الشاباك: هكذا يتم تجنيد العملاء لجمع المعلومات

هيئة التحرير
كشف موقع "والا" العبري تقريراً مفصلا عن قدرات وعمل ضباط جهاز مخابرات الاحتلال "الشاباك" وكيفية تجنيدهم للجواسيس، للقيام بعمليات جمع المعلومات وتجنيد العملاء. ويقول رئيس الشاباك السابق يعقوب بيري: "يلزمك معرفة عميقة بالمنطقة التي تقع ضمن مسؤوليتك وسكانها وشوارعها والعائلات التي تقطنها". ويؤكد بيري أن مهمة ضابط الشاباك باتت أصعب من قبل نظراً للتطور فاليوم التهديدات التي تقع على عاتق الشاباك تشمل: "أنفاق، وقذائف صاروخية وصواريخ، ونشاطات بحرية مكثفة، لذلك هناك ضباط شاباك ميدانيين مسؤوليتهم تنقسم حسب المواضيع والاختصاصات، مثل مجال الأنفاق أو تعقّب تنظيمات مختلفة". هذه التهديدات الواسعة تلزِم ضباط الشاباك بالتحليق والإبداع، فمثلاً من خلال محادثة واحدة بإمكانه أن يجند رجل أعمال مهم، وأن يتحدث معه عن الضرائب والتأمين، والاستيراد والتصدير والصعوبات في نقل المعدات، وبعد ذلك يتوجب عليه التحدث إلى صانع صواريخ ويصف له قطر وطول الصاروخ. ولفت إلى أن ضابط الشاباك الميداني يتطلب منه الفهم العميق والواسع جداً لمواضيع اقتصادية وتكنولوجية ويتطلب منه المعرفة السريعة وعليه أن يكون ملماً بالصواريخ وأحجامها فيهفهم سريعاً أن الصاروخ الذي أخبره عنه العميل هو صاروخ جديد لم يستخدم في الميدان بعد، كما عليه قراءة دماغ "الإرهابي" الثاقب وأن يميز بين الحقيقة والوهم. ويؤكد بيري أن المهمة قطاع غزة صعبة جداً لأن قدم ضابط الشاباك ليست على الأرض، وحسب اعتقاد منتشر بين رجال الاستخبارات فإن "الغزيين يبيعون الأسرار بسهولة مقارنة بفلسطينيي الضفة الغربية الذين تعتبر أحوالهم الاقتصادية أفضل بقليل" . عمل ضباط الشاباك هو عمل من خلف الستار ولا يحوز على الصدى الإعلامي والتفاخر مثل عمل الجيش، ومع ذلك يقول يعقوب بيري: أن هناك رضى كبيرا في العمل السري وحرب الأدمغة التي يديرها كل ضابط شاباك لميداني بمنطقة اختصاصه". ويضيف: "ضغط العمل وكثافة المهمات لا تدع لك لحظة راحة، فالصعوبات تكمن في كونك لا تستطيع مشاركة مقربيك بنجاحاتك الشخصية التي تنجزها". يجب على "الشاباك" أن يواجه كذلك الإخفاقات المتمثلة بكشف عميل أو نجاح عملية تخريبية أو استهداف ضابط شاباك ميداني. وقال: "إن كل ضابط لا يرغب بخروج مخرب من منطقة اختصاصه وإن كان الأمر يتعلق أيضاً بمخرب وحيد نهض صباحاً مقرراً قتل يهود". ويوضح يعقوب بيري بأن فشل ضابط الشاباك قد يؤدي إلى موت جاسوس وبالتالي خسارة مصدر معلومات. وبين أن هناك لحظات خطر على ضابط الشاباك الميداني ليس فقط عند الالتقاء المباشر مع العميل وإنما أيضاً خلال النشاطات الميدانية اليومية عند مرافقة القوات خلال عمليات الاعتقالات أو الحملات العسكرية الكبيرة، هناك لحظات لا يمكن نسيانها وتُحفر جيداً في الذاكرة. وقد وقعت حادثة غير مسبوقة في تاريخ جهاز الشاباك عام 1968، عندما تعرض يعقوب بيري لمحاولة اغتيال على يد جاسوس مزدوج. الخوف من خيانة الجاسوس لضابط الشاباك الميداني يلازم الأخير على الدوام، هذا الخوف يعرف عند ضباط الشاباك "بالإبقاء الدائم على الشك"، لذا لا يسمح لضابط الشاباك الميداني أبداً بالالتقاء بالجاسوس دون حراس ودون تصريح من مدراءه الكبار. في تاريخ الشاباك وقعت عدة حوادث، ففي عام 1980 قُتل ضابط الشاباك الميداني "موشيه جولان" على يد جاسوس، وبعد عدة أيام تم قتله خلال اشتباك مسلح مع الجيش، التفاصيل الكاملة عن تلك الواقعة لم تنشر حتى يومنا هذا. وفي عام 1984 قتل ضابط الشاباك الميداني "زئيف جيفع" خلال نشاط عملياتي في لبنان، وفي عام 1993 قتل ضابط الشاباك "حاييم نحماني"، وفي عام 1994 قتل ضابط الشاباك "نوعم كوهين"، وكان الحادث الأخير عام 2005 عندما قام فدائي بقتل ضابط الشاباك "عوديد شرون". تلك الحوادث حتمت على جهاز الشاباك تعزيز حراسته على ضباطه العاملين في الميدان . ويروي ضباط الشاباك الميدانيين أنه عندما تستيقظ وتتذكر ما حلمته باللغة العربية، تفهم أنك أنهيت جزء مهما من تأهيلك للمهمة. أولئك الرجال ويقصه هنا العملاء، هم عيون دولة الاحتلال في قطاع غزة، في الضفة، في أغوار الأردن وفي الحدود مع مصر، وفي كل مكان متاخم "لإسرائيل"، و في كل ما يتعلق بالنشاطات الأمنية والتجسس داخل المدن العربية. حتى في حال لم يكن ضابط الشاباك في منطقة المهمة فإنه يقوم بالإشراف وتوجيه التعليمات للعملاء على غرار قطاع غزة، ومن الطبيعي أن يكون رجل الشاباك ملماً وخبيراً بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة للمنطقة. ويقول رئيس الشاباك السابق (يعقوب بيري) "هناك مهمات معقدة جداً تحتاج إلى ضباط ميدانيين يعملون في جهاز الشاباك. وأنا أُطلق على هذا العمل (فن المغازلة والتودد)، فمن خلال ذلك الفن يقوم أولئك الضباط بتجنيد الجواسيس سواء عبر ابتزازهم أو الضغط عليهم أو إغرائهم بمساعدتهم في حياتهم المعيشية أو توفير العلاج لهم وغير ذلك. ويشير بيري جهاز "الشاباك" يرتكز بشكل كبير على الضباط الميدانيين، لأن قرارتهم وتقديراتهم لها فضل كبير في إحباط العمليات. ويقول إن الضابط الميداني في الشاباك منخرط طوال الوقت في تجنيد الجواسيس وتنشيطهم، كذلك في إيصال صورة متكاملة لأصحاب القرار في "إسرائيل" بخصوص ما يحدث في المناطق المسؤول عنها، وهذا لا يعني أن جهاز الشاباك هو الوحيد الذي يعمل في مهنة جمع المعلومات بل هناك جهات أخرى. ومن هذه الجهات: مقاتلو الوحدات الميدانية، وعناصر الإشارات الاستخبارية الذين يعرفون كيف يلتقطون المعلومات الحيوية والحساسة من المحادثات الهاتفية والرسائل القصيرة والكاميرات ومحادثات الشات والبريد الإلكتروني، والتي تصل إلى عناصر يعملون على فك الشيفرات وحل الألغاز الإستخبارية وإستنتاج الحقائق. وتجرى دورات تدريبية لضباط الشاباك تستوعب الأعمار ما بين ( 25 _ 30 ) وهم أصحاب شهادات جامعية، ليتم بعد ذلك إنتقاء قلة منهم لدورات تأهيلية مرهقة جداً ومتقدمة، من بينها دورات في علم النفس للتعرف على رغبات الإنسان التي من خلالها يتم الضغط عليه لتجنيده لصالح الشاباك. والمرحلة الأولى في التأهيل تبدأ داخل معهد تابع لمدرسة ألسن للشاباك، المُقام منذ 45 عام، وفي ذلك المعهد لا يتعلمون فقط اللغة العربية فحسب بل لغات أخرى متعددة لجهات تشكل تهديداً مستقبلياً على "إسرائيل". واليوم يتم تعليم "إسرائيليين" لا يعرفون العربية بالمطلق ولكن يتم تأهيلهم وتعليمهم اللغة العربية بجميع لكناتها في غضون 42 أسبوع ليصبح قادراً على مهمة العمل الميداني، بالإضافة إلى تعلم علوم الشرق والقرآن الكريم. ولكي يتمرسوا أكثر على التحدث بالعربية بطلاقة، يتراسلون على الشبكة العنكبوتية باللغة العربية ويتعرفون على ثقافة العرب جيداً من أمثال وحكم وما شابه لكي يستخدموها مع العرب خلال تجنيدهم للعمل لصالح الشاباك. بعد إنتهاء المرحلة الأولى من تأهيل ضباط الشاباك الميدانيين، يُقام حفل تكريم لهم بحضور رئيس الشاباك وكبار الجهاز بالإضافة إلى أهاليهم، وفي المرحلة الثانية من التأهيل والتي تستمر عشرة شهور يتم توزيعهم على مناطق مختلفة بمرافقة مدرب إرشادي ليساعدهم على فهم المنطقة والتغلب على تحدياتها. وكل عنصر منهم يحصل على "لقب" يرافقه في محادثاته مع الجواسيس والعملاء الآخرين وكذلك داخل جهاز الشاباك نفسه وفي الأغلب تكون الألقاب عربية إسلامية، إلى جانب ذلك يُطالب الضابط باحترام الدين الإسلامي ومراعاة الثقافة الإسلامية حتى يستطيع التأثير على من يريد تجنيده. فمثلاً المرأة المسلمة الغزية تحترم الحجاب وهناك أوقات للصلاة وغير ذلك من الأمور. كما يتم تدريبهم خلال عملهم في المنطقة على فهم أحاسيس ومشاعر ورغبات الإنسان العربي كي يستطيع ضابط الشاباك اللعب على الوتر الحساس من أجل تجنيد الضحية لصالج جهاز الشاباك "الإسرائيلي". إلى جانب ذلك، يتطلب أن تكون مشاعر ضابط "الشاباك" إزاء الجاسوس وهمية وكاذبة، وعليه دائماً أن يكون متشككاً في كل شيء يدور حوله وخاصة مع الجواسيس، وكل ذلك من أجل حماية "دولة إسرائيل". ويقول يعقوب بري: "هناك حدود للضغط على الجاسوس يجب أن يعرفها ضابط الشاباك، كما أن هناك مهارات يجب أن يتسم بها". وخلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة (عملية الجرف الصامد)، قام ضابط شاباك بمرافقة لواء ناحل خلال اجتياح شمال قطاع غزة، وقد تفاجأ ضباط اللواء من حجم المعلومات التي يعرفها ضابط الشاباك على الرغم أن قدمه لم تطأ بيت حانون قبل ذلك.