واشنطن - قدس الإخبارية: نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس جو بايدن تلقت حوالي 500 تقرير عن استخدام الاحتلال الإسرائيلي أسلحة أميركية في حرب الإبادة ضد المدنيين في قطاع غزة، إلا أن الإدارة الأميركية لم تتخذ خطوات كافية للتحقيق في هذه المزاعم.
وأوضحت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، أن بعض هذه التقارير التي تلقتها وزارة الخارجية الأميركية قد تنطوي على انتهاكات للقوانين الأميركية والدولية.
وتشمل التقارير، التي تتضمن وثائق من وكالات حكومية أميركية ومنظمات دولية ومدافعين عن حقوق الإنسان وشهود عيان، صورا لشظايا قنابل أميركية الصنع عُثر عليها في مواقع القصف الذي قتل عشرات الأطفال الفلسطينيين.
وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية تعتمد على "إرشادات الاستجابة لحوادث الأضرار المدَنية"، التي تستوجب التحقيق في غضون شهرين من تلقي التقارير، فإنه لم يصل أي من هذه التقارير إلى مرحلة "اتخاذ إجراء"، وفقا لمسؤولين أميركيين سابقين وحاليين.
وبحسب الصحيفة، فإن حوالي ثلثي التقارير المقدمة لا تزال دون معالجة، حيث تنتظر وزارة الخارجية رد حكومة الاحتلال للتأكد من ظروف وملابسات الحالات.
في السياق، ينتقد العديد من الخبراء والمحللين، مثل جون رامنج تشابل من مركز النزاع المدني، ما يرونه استعدادا من إدارة بايدن "لتجاهل الأدلة حول الأضرار المدنية بهدف استمرار نقل الأسلحة إلى إسرائيل". وأشار تشابل إلى أن سياسات الأسلحة تبدو "جيدة على الورق، لكنها بلا تأثير عملي عند الحديث عن إسرائيل".
وصرح مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته وفقا لتوجيهات الإدارة، بأن الحكومة تتابع عن كثب الحوادث التي يتم إحالتها إلى وزارة الخارجية، وتقوم بمساءلة حكومة الاحتلال بشأنها. وأضاف المسؤول أن التحقيقات تساعد في توجيه السياسة الأميركية تجاه الحرب حتى إن لم تحل القضايا.
واستشهد أكثر من 90 شخصا، بينهم 25 طفلا، في غارة إسرائيلية على مبنى سكني في غزة يوم الثلاثاء، بحسب وزارة الصحة في غزة. وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر عن ”قلق الولايات المتحدة البالغ“ إزاء سقوط ضحايا مدنيين، مؤكدا أن واشنطن تسعى للحصول على ”تفسير كامل“.
من جانبه، قال جيش الاحتلال إنه على علم بالتقارير عن سقوط ضحايا مدنيين. ورفض المتحدث باسم وزارة خارجية الاحتلال، أورين مرمورشتاين، التعليق على التحقيقات الأميركية أو جهود واشنطن للحد من الأضرار المدنية، مشيرا -في بيان- إلى أن "هناك تواصلا مستمرا وقريبا مع الإدارة الأميركية بشأن كفاح إسرائيل ضد الهجمات الإرهابية على مواطنيها".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الاحتلال حرب إبادة جماعية مدمرة على قطاع غزة، بدعم أميركي، مما أسفر حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 144 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء. وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وقبل أيام، أظهر بحث أجراه معهد واتسون الأمريكي، أن الأمريكيين مولوا ما يصل إلى 70 بالمئة، من المجهود الحربي للاحتلال، منذ السابع من أكتوبر، والذي ارتكبت بسببه مجازر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
ونشر موقع كالكاليست العبري، تفاصيل البحث وقال إن الولايات المتحدة، أنفقت أكثر من 22 مليار دولار على المساعدات العسكرية للاحتلال من الأسلحة والمعدات إلى نشر حاملات الطائرات.
وأضاف: "تم إنفاق حوالي 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية المباشرة لإسرائيل و4.86 مليار دولار على العمليات العسكرية الأمريكية في منطقة الحرب، بما في ذلك ضد الحوثيين في اليمن، ونشر حاملات الطائرات وبطاريات الدفاع الجوي في المنطقة".
وبلغ حجم المساعدات الأمريكية منذ بداية العدوان حوالي 22 مليار دولار وقد تأخر جزء منها بالفعل حوالي 5.2 مليار دولار لن تصل إلا في العام المقبل. ووفقا للتقديرات الرسمية لبنك إسرائيل، فإن التكلفة الإجمالية للحرب تقدر بحوالي 65 مليار دولار.
وقال الموقع إنه لولا المساعدات الأمريكية لكان العجز الحكومي لـ 2024-2025 (وهو واحد من أعلى المعدلات في تاريخ البلاد) سيزيد بنحو 4.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما سيجعله غير قابل للتمويل، لذلك فإن من المشكوك فيه أن هذه الحرب كانت ستسير على ما هي عليه، لا في حدتها ولا في نطاقها، لولا المساعدة الأمريكية.
ولفت البحث إلى الأهمية الاستراتيجية للمساعدات الأمريكية في تمويل وتطوير أنظمة الدفاع الصاروخي والقبة الحديدية ونظام مقلاع داود والسهم. وفي أعقاب تصاعد الصراع أيضا، فإن المساعدات لعبت دورا في عملية التجديد السريع لمخزون الأسلحة والتسلح الإسرائيلي، من خلال الإمدادات الحيوية من قذائف المدفعية والقنابل، والذخائر الموجهة بدقة، والصواريخ المضادة للدبابات.
ويؤكد البحث، أن الاحتلال كان أكبر متلق من المساعدات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ويصل المبلغ إلى 251.2 مليار دولار على مدى 66 عاما. كما أن المساعدات التي قدمتها إدارة بايدن لإسرائيل في العام الماضي كانت الأعلى في تاريخ العلاقات بين الحكومتين، وكانت أعلى بنسبة 25 بالمئة من ثاني أكبر مبلغ تلقاه الاحتلال، في التاريخ من الولايات المتحدة، وهو 14 مليار دولار، في أواخر السبعينيات.