خليل غرة-قدس الإخبارية: في أعقاب إعلان فرقة "حرقة كرت" الأردنية عن نيتها إقامة حفل غنائي في البلاد، ثار نقاش حول الحفل حيث اعتبره البعض تطبيعا ثقافيا، فيما دافع بعض آخر عن النشاط رافضين اعتباره تطبيعا داعين إلى التفريق بين واقع فلسطينيي الداخل وواقغ الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967.
نرفض قدوم الفرق الفنيّة بحجّة التواصل مع الفلسطينيين إلى فلسطين المحتلة كلها، نحن نتعامل مع الضفة والداخل والقدس وغزّة كجسم واحد، التطبيع هو تطبيع ولا يختلف بحكم التقسيمات الاستعمارية.
الزيارة الواحدة لن تؤدي إلى تطبيع العلاقات بل إلى تطبيع "إسرائيل" وهذا اختلاف جوهري نسعى إلى إيصاله للفلسطينيين وللعرب، إن سلسلة الفعاليات وتراكمها يؤدي إلى تطبيع العلاقات. القضية الأساسية هي أننا نرفض نحن والوطن العربي أن نتعامل مع "إسرائيل" معاملة عادية طبيعية، لأن بكل بساطة إسرائيل كيان استعماري إحلالي، سرق أرض فلسطين بقوة السلاح.
نرفض هذه الزيارات لأنها تكسر عُزلة "إسرائيل" التي فرضها عليها الشعب العربي في كافة دول المشرق والمغرب العربي، حيث أن هناك إجماعا شعبيا فنيا وثقافيا باعتبار "إسرائيل" كيان منبوذ وغير شرعي قائم على أراضي عربيّة. إذا كانت هناك أنظمة استبدادية في الأردن ومصر قد وقعت اتفاقيات "سلام" أو اتفاقيات ذُل ومساومة هذا لا يعني أن الشباب في الأردن ومصر لم يهتفوا ضد وادي عرب و"كامب ديفد".
نرفض هذه الزيارات لأنها تتضمن بداخلها منزلقا خطيرا، في كل مرة يُطبع فيها يشتد انحدار المنزلق من جديد، مثلًا في الزيارات كانت الحفلات في القرى والمدن العربية الفلسطينية، لكنا الآن نحن نواجه إقامة حفلات في أماكن ترزح تحت إدارة الاحتلال في حيفا وعكا.
نرفض هذه الزيارة لأننا نرفض أن يكون التواصل تذكرة تطبيع على حسابنا وعلى حساب ثوابتنا وعلى حساب وصايا مثقفينا وأدباءنا وفنانونا في الوطن العربي وفلسطين الذين قاطعوا ودعوا للمقاطعة وتواصلوا أكثر من غيرهم مع الفلسطينيين ودعموهم.
نرفض هذه الزيارة لأن خطورة التطبيع تكمن في تتعامل شعوب الوطن العربي مع "إسرائيل" كأمر طبيعي، تزورها كبلد عادية كسائر بلدان العالم وخاصة البلدان التي يوجد فيها لاجئين، يتم تناسي اللاجئين وتصبح عملية رفض التوطين في ظل التطبيع ليس رفض مبدأي ضد تصفية القضية الفلسطينية قضية قبليّة أو جهويّة ويتم تناسي فلسطين، الأمر الذي يهدد حياة ملايين اللاجئين والذي يشكل خطرًا على مستقبل القضيّة الفلسطينيّة.
نرفض هذه الزيارة لأن الطبيعي ليس بحاجة إلى تعريف، أي أن نسافر من حيفا إلى بيروت ومن يافا إلى القاهرة. لكن نحن في سياق استعمار واحتلال وذلك يمنعنا. السؤال الصحيح الذي يجب أن يطرح هو لمارسيل خليفة ولمظفر النواب ولزياد الرحباني وللسيدة فيروز ولأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام، هل تواصل فنان عربي مع الفلسطينيين أكثر منهم؟ السؤال يوجه إليهم لماذا لم يأتوا إلى فلسطين؟ العمل الشاذ والخارج عن القاعدة أي التطبيع هو الذي بحاجة إلى تعريف وسؤال. السؤال الصحيح هو ليس لماذا نعيش في عزلة ثقافيّة؟ بل السؤال الصحيح هو لماذا أقر البرلمان اللُبناني قانون يجرّم التطبيع عام 52؟.
الادعاء الإسرائيلي المروج للتطبيع أو لمن هم يعلمون أنه تطبيع كان: "لا تغنوا للإسرائيلي، تعالوا إلى "إسرائيل" وغنوا للفلسطينيين هناك، فلتبقى لديكم خطوط حمراء لا تقطعوها". هل نناقش المنزلق من جديد؟ بعد عامين هل سنقرأ خبرا في جريدة فلسطينية عن دعوة مركز "بيرس للسلام" لفرقة عربية ما إلى إحياء حفل والغناء في وسط تل أبيب؟ سوف تكون الحجة أننا نغني بالعربية لفلسطين في وسط تل أبيب. سوف يصل عبد من الإسكندرية إلى تل أبيب ليغني للصهيوني بالعربي. الرفض هو رفض مبدئي.
لا للتطبيع وكما قال مظفر النواب :
احذر أن تزرع إسرائيل في رأسك.. حصن رأسك.
أو كما قال ناجي العلي:
لا للتطبيع والي بده يطخني يطخني.