أبرز الاجتماع، الذي عقدته الحكومة الفلسطينية الموحّدة في قطاع غزة، أمس الخميس، اضطرار الحكومة الإسرائيلية إلى التعاون معها، على الرغم من الخطابات الدعائية، التي كررها مراراً رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والتي اعتبر فيها أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اختار صنع السلام مع حركة "حماس" وليس مع إسرائيل. وأبرزت الصحف الإسرائيلية، في تناولها موضوع زيارة الحكومة الفلسطينية قطاع غزة، التناقض بين الخطاب السياسي لحكومة نتنياهو، وبين الأداء السياسي الفعلي.
ووصف براك رابيد، في صحيفة "هآرتس"، حالة "إسرائيل" بالقول إنها لعنت الحكومة الفلسطينية، لكنها تتعاون معها، في إشارة الى التناقض بين الموقف المعلن من نتنياهو، وبين الأداء الفعلي، والذي تجسد بدايةً في التفاهمات، التي توصلت إليها "إسرائيل" مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة حول إعادة إعمار غزة، وسبل وشروط إدخال البضائع ومواد البناء إلى غزة، ومن ثم السماح لرئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمدالله، بالتوجه إلى قطاع غزة أمس، الخميس.
واعتبر رابيد أن انعقاد جلسة الحكومة الفلسطينية في القطاع هو أكبر دليل على التناقض والتخبط، الذي يميز سياسة حكومة نتنياهو، التي شنّت حملة دولية ضارية ضد حكومة الوحدة الفلسطينية علناً.
وذكّر رابيد بأن الحكومة الإسرائيلية كانت قد اتخذت قبل ثلاثة أسابيع قراراً باعتبار قطاع غزة أرضَ عدو، ناهيك عن خطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة، الذي جاء فيه: "أقول للرئيس عباس إن من ارتكب جرائم الحرب هذه، خلال الحرب على غزة، هم شركاؤك في الحكومة، التي تترأسها والتي تتولى المسؤولية عنها".
وبحسب رابيد، فإنه لا يوجد أمام "إسرائيل" في واقع الحال أي خيار آخر، ولا سيما أنّ المجتمع الدولي يعترف بشرعية حكومة الوحدة الفلسطينية، ويعوّل على نجاحها، مما يعني أنه لن يكون في مقدور "إسرائيل"، ولو اجتهدت، أن تُفشِل هذه الحكومة.
وفي السياق نفسه، لفت رابيد إلى أن ما يدفع حكومة نتنياهو إلى التعاون مع الحكومة الفلسطينية، يعود بشكل أساسي أيضاً إلى العلاقات المميزة، التي يجتهد نتنياهو في نسجها مع النظام المصري، وبالتالي فإنه يلبي كل رغبات النظام المصري، لا سيما وأن مصر ستستضيف الأسبوع المقبل مؤتمر إعادة إعمار غزة.
ورأى الكاتب الإسرائيلي أنه رغم كل التصريحات الإسرائيلية، التي كانت مدفوعة عملياً باحتياجات نتنياهو الداخلية، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الأمن، موشيه ياعلون، يدركان في الواقع أن دخول حكومة الوحدة إلى غزة يعني عملياً خطوة نحو إعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، مما تعتبره تل أبيب مصلحة سياسية وأمنية مهمة.
ومقابل هذا الاستعراض والتحليل، الذي يقدمه رابيد لإيضاح أسباب ودوافع واعتبارات نتنياهو في التعامل مع حكومة الوحدة الفلسطينية، واصل دان مرجليت، في صحيفة "يسرائيل هيوم"، المحسوبة على نتنياهو والمقربة منه، التعويل على عودة الانقسام الفلسطيني، ذاهباً إلى القول إن هذه الوحدة وهمية، إذ كان من المفروض أن يكون عباس على رأس الوفد الذي توجّه إلى غزة.
وأعطى مرجليت مثالاً على ذلك انعقاد دورة جديدة للكنيست الإسرائيلي، من دون حضور الرئيس الإسرائيلي للجلسة الافتتاحية، وهو ما يُعتبر مخالفاً للبروتوكول. وقال الصحافي الإسرائيلي إنه "كان يتعين دعوة كبار رجال منظمة التحرير الفلسطينية، الذين قذف بهم رجال (حماس) من الطوابق العليا"، مستذكراً الادعاء الإسرائيلي بأن "حماس حاولت تنظيم انقلاب على عباس، الذي يدرك أنه مدين بحياته للجيش والشاباك الإسرائيليين".
وحاول مرجليت اللعب مجدداً على وتر الخلاف الفلسطيني، مدعياً أن "حماس لن توافق على التنازل عن سلطتها، التي استولت عليها في عام 2007، وإن كانت تقبل مضطرة، بسبب حملة الجرف الصامد".
واقترح مرجليت، الذي قال إن "حماس" لا تقبل حتى بالاقتراحات التي يحملها عباس للتسوية، "أن تشنّ "إسرائيل" هجوماً مكثفاً من الاقتراحات المختلفة للتسوية، كي تثبت في نهاية المطاف للعالم أن الفلسطينيين منقسمون إلى قسمين، قسم لا يؤمن بالسلام، والقسم الآخر لا يستطيع تحقيق السلام".
القدس المحتلة ــ نضال محمد وتد