احذر يا عزّ فهذه البندقية ليست مثل بنادق زماننا!
قالها عبد الرحيم وهو ينظر إلى عبد القادر وقد ألصق عينيه بمنظار الكورنيت.
كان أحمد يقدم شرحا مفصلا عن خانيوس، ويتبادل مع فتحي الحديث عن توازن الرعب الجديد، بينما كان خليل يدوّن بعض الملاحظات في دفتر صغير أخرجه من جيب بدلة السفاري الخضراء. بدأت أصوات لهاث تقترب شيئا فشيئا من القبو، توارى الستة بسرعة... ظهر من فتحة في أسفل القبو ملثم، انبَطح أرضاً...وألصق عينيه بمنظار الكورنيت، ارتسمت ابتسامة على وجه عبد القادر.
انطلقت القذيفة الصاروخية تشقّ الليل بصفير حادّ، تُلاحق نقطة الليزر على دبابة المريكافا من الجيل الرابع... وَدوى انفجار كبير. تعالت صيحات الله أكبر في أرجاء القبو... تلفتّ الملثمّ حوله باحثاً عن مصدر التكبير في المربَض الذي لا يوجد فيه أحد غيره، ومن ثم دخل إلى الفتحة، واختفى في عالم ما تحت الأرض.
ما أن غادر الملثمّ القبو، حتّى انبثق الستة مرة أخرى، بلحاهم البيضاء الطويلة، كانت جروحهم خضراء كأول العشب في آذار، تنزّ دما يشعُّ حُمرة، يضحكون وقدّ سالت دموع الفرح ممتزجة بالدماء على وجوههم... عادَ عز الدين القسام يتفحص الكلاشنكوف وعبد الرحيم محمود يحذره مرة أخرى، وعادّ عبد القادر الحسيني إلى تَفَحُص الكورنيت الساخن، وعاد أحمد ياسين يكمل شرحه عن خانيونس ويتبادل الحديث مع فتحي الشقاقي، أكمل خليل الوزير تدوين ملاحظاته وأعاد دفتره الصغير المثقوب بالرصاص الى جيبه... بينما كان غسان كنفاني ينتقي أولى كلمات قصته الجديده " عن الرجال والصواريخ ".
القدس المحتلة 8-8-2014