خلص تقرير لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الفلسطينية، رصد الانتهاكات بحق الصحفيين والمؤسسات الصحفية في الأراضي الفلسطينية، أن وسائل الإعلام الفلسطينية كانت ضمن بنك أهداف الحملة العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية، حيث تعرض عشرات الصحافيين والمراسلين للاعتداء والاعتقال.
وقال التقرير إن أشكالُ الاعتداءِ على الصحفيين الفلسطينيين تنوعت خلال الأسبوعين الأخيرين بين اعتقالٍ وضربٍ وإصابةٍ خلالَ المواجهاتِ والاقتحاماتِ المنظمةِ التي ينفذها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لكنها بلغتْ ذروتها في اقتحامِ مؤسساتٍ إعلاميةٍ وإعلانِ حظرِ قنوات بعينها بذريعةِ تبعيتها لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وفيما أعلنَ جيشُ الاحتلال " بنك أهدافه" في الضفة الغربية وحددها باستعادةِ الجنودِ المخطوفين والقضاءِ على بنيةِ حركةِ حماس، بالنتيجة كانتْ وسائلُ الإعلامِ هدفاً مباشراً لقواتِه باقتحامِ مؤسسات واعتقالِ صحفيين، أو غير مباشر من خلال منعِها من تغطيةِ العملياتِ العسكريةِ في الميدان.
وقال التقرير: بينما كان الصحفيُ يحيى حبايب يجهزُ رسالتَه الإذاعيةَ ويلتقطُ بعضَ الصورِ عصر الثلاثاء (17-6-2014) من منطقةِ تفوح غرب مدينةِ الخليلِ بالضفةِ الغربيةِ، هاجمهُ عددٌ كبيرٌ من جنودِ الاحتلالِ الإسرائيلي وحطموا معداتَه وهاتفَه الخليوي وقاموا باعتقاله.
ويعملُ يحيى حبايب مراسلاً لراديو أجيال المحلي، ومَثَل اعتقاله والاعتداء عليه مؤخراَ حلقةً من سلسلةِ انتهاكاتِ تصاعدتْ ضد الصحفيين ووسائلِ الإعلامِ الفلسطينية منذُ بدءِ العمليةِ العسكريةِ الإسرائيليةِ التي أُطلِق عليها " عودة الأخوة" لاستعادةِ ثلاثةِ جنود اسرائيليين مختطفين منذ 12 حزيران الجاري.
اعتقال صحفيين
وأضاف التقرير: خلال الحملةِ التي بدأتْ بعد إعلان اختطاف المستوطنين مساء الخميس 12 حزيران، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صحفيين فلسطينيين، فيما اُعتقل مراسلٌ صحفيٌ من قبل قوات الشرطة الفلسطينية في الخليل. واحتجز الاحتلال "الإسرائيلي" عدداً كبيراً من الصحفيين خلال تغطيتهم لعملياته العسكرية في الخليل ورام الله والعيزرية بالقدس المحتلة.
وأفاد مراسل راديو أجيال المحلي يحيى حبايب أن جنوداً "إسرائيليين" قاموا باعتقاله وضربه وتكسير كاميرته وعدستين كانتا بحوزته، بالإضافة إلى جهاز تسجيل إذاعي وبطاقات ذاكرة، وهاتفين خليويين.
وقال حبايب: كنت أقوم بمهمة صحفية لاقتحام الاحتلال الاسرائيلي منطقة تفوح بالخليل مرتدياً بزة الصحافة المعروفة، فحضرت دورية "اسرائيلية" واقتادتني مشياً على الأقدام لمسافة طويلة الى بيت قيد الإنشاء قريب وبقيت هناك لمدة خمس ساعات قبل إطلاق سراحي ليلاً.
وحسب حبايب، فقد تعرض في الليلة ذاتها طاقم شركة بالميديا في الخليل ومخرج تلفزيون فلسطين محمد عمرو للاعتداء من قوات الاحتلال.
ويمضي التقرير: وشهدت الليلة ذاتها في مدينة رام الله وسط الضفة، اقتحام قوات كبيرة من جيش الاحتلال منزل مدير قناة الأقصى الفضائية في الضفة الغربية عزيز كايد واعتقاله من منزله، حيث جرى بعد أيام تحويله للاعتقال الإداري لمدة ثلاثة شهور. وفجر 22 حزيران، اليوم العاشر للعملية العسكرية، اقتحمت قوة عسكرية اسرائيلية منزل بناية لعائلة العصا ببلدة العبيدية شمال مدينة بيات لحم وداهمت منزلي الصحفيين الشقيقين صهيب وفادي العصا.
وقال صهيب العصا إن قوات الاحتلال أبلغته بأنه قيد الاعتقال من لحظة دخولها المنزل، وقامت بتقييده وتغطية عينيه ونقله إلى جيب عسكري، فيما فتشت منزله وصادرت بطاقة هويته وحاسوبه المحمول وهاتفه الخليوي. كما اقتحمت منزل شقيقه فادي العصا والذي يعمل في راديو بيت لحم 2000.
وأفرج عن صهيب العصا بعد ساعات من التحقيق معه في معسكر عش الغراب في بيت ساحور المجاورة حول طبيعة عمله الصحفي وتغطيته للحملة العسكرية الإسرائيلية في الضفة. دون إعادة بطاقة هويته أو هاتفه.
وتعرض عدد من الصحفيين للاحتجاز خلال مهمات تصوير وتغطية للأحداث المرافقة الحملة. و يوم 17 حزيران منعت قوات الاحتلال مصور موقع القدس دوت كوم عبد الرحمن يونس من التصوير أزمة مرورية خانقة افتعلها الاحتلال على حاجز الكونتينر شمال بيت لحم بالضفة الغربية.
وقال يونس إنه ذهب لتصوير الأزمة المرورية وأثناء ذلك اقترب جنود الاحتلال بالاقتراب منه وشتمه ومصادرة كاميرته ومسح جميع الصور منها. وهددوه بالاعتقال وتكسير الكاميرا إذا قام بالتصوير مرة أخرى.
كما اقتحمت قوات الاحتلال خلال الحملة منزل الصحفي جبريل ثابت في مدينة نابلس وقامت بتفتيشه دون اعتقاله.
ويضيف التقرير: وفجر الثلاثاء ( 24 حزيران) وأثناء تصوير مواجهات العيزرية حاول جنود الاحتلال منع الصحفي أمين علارية من التصوير، وقال زملاء لعلارية إنه يتعرض مؤخراً للعديد من الضغوط من قبل قوات الاحتلال لمنعه من مزاولة عمله.
كما منع الاحتلال الصحفيين ومصوري وكالات الأنباء من دخول جامعة بيرزيت في الليلة الثالثة للحملة الإسرائيلية وتغطية عمليات مصادرة أرشيف الكتلة الإسلامية، غير أنهم تسلقوا البوابات ودخلوا الجامعة عنوة.
واحتجزت قوات الاحتلال فرق صحفية كانت في طريقها لتغطية العملية العسكرية في مدينة دورا جنوب الخليل الأحد ( 22 حزيران). كما كسر جنود الاحتلال كاميرا مصور تلفزيون فلسطين إياد الهشلمون بمنطقة الحرس في مدينة الخليل خلال اقتحام سلسلة محلات عابدين للصرافة ليل الثلاثاء ( 24 حزيران).
وأفاد عدد من الصحفيين الميدانيين أن قوات الاحتلال وخلال عملياتها العسكرية في منطقة الخليل كانت تسلط في كثير من الأحيان كشافات إضاءة قوية على كاميرات الصحفيين لمنعهم من التصوير.
وفي مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، اصيب مصور تلفزيون فلسطين فادي ياسين بقنبلة غاز في قدمه خلال تغطية مواجهات اندلعت عقب اقتحام جيش الاحتلال للمدينة فجر الثلاثاء ( 24 حزيران).
اقتحام مؤسسات إعلامية
وقال التقرير: في ساعة مبكرة من فجر الأربعاء ( 18 حزيران ) اقتحمت قوات الاحتلال مكاتب شركة ترانس ميديا للخدمات الإعلامية في مدن نابلس ورام الله والخليل بشكل متزامن، وقامت بإغلاقها ومصادرة معدات البث كاملة، وعلقت قرارا على مدخل مكتبها في رام الله يقضي بإغلاق " فضائية الأقصى التابعة لحركة حماس" حتى 31-12-2014.
وقالت مديرتها مروة جبارة إن قناة الأقصى واحدة من عدة القنوات فلسطينية وعربية ودولية تستفيد من خدماتها، ورفضت المزاعم الإسرائيلية بالعثور على مواد تحريضية في مقر الشركة أثناء اقتحامها.
وقالت جبارة إن شركتها لن تتوقف عن هذا العمل، واتهمت إسرائيل باستخدام اقتحام المؤسسات الإعلامية الفلسطينية وسيلة لإرضاء الجمهور الإسرائيلي.
وقدّرت مصادر في الشركة قيمة ما صادره الاحتلال من أجهزة ومعدات بمليون دولار أمريكي، وقالت إنها قد تكون غير قادرة على متابعة عملها في الأيام القادمة لعدم وجود المعدات.
وفجر السبت ( 21 حزيران) اقتحمت قوات إسرائيلية معززة مكاتب لشركة بالميديا للخدمات الإعلامية في رام الله، وقامت بتحطيم أبوابها ومصادرة معظم أرشيفها الرقمي وأجهزة الحاسوب، كما خربت شبكة الإنترنت الداخلية.
وذكر شهود عيان من الصحفيين الذين حاولوا الدخول لتغطية الاقتحام ومنعتهم قوات الاحتلال، إن العشرات من الجنود الإسرائيليين اقتحموا عمارة النعمان بمدينة البيرة من ثلاثة مداخل وقاموا بتغطية كاميرات المراقبة قبيل اقتحام مكاتب بالميديا الإعلامية.
ولم تستطع مصادر في الشركة تقدير حجم الخسارة إلا أنها قالت إنها فقدت أرشيفها الرقمي المتراكم منذ تأسيسها عام 2006.
وتقدم بالميديا خدمات لقنوات الكويت بالعربية والكويت الانجليزية والمنار وقناة القدس الفضائية وفرانس24 و أم تي في وآرتي الروسية والميادين.
وذكرت الشركة إن طواقمها العاملة في الميدان تعرضت أيضا للمضايقات واعتداءات من قوات الاحتلال خلال تغطيتها للحملة العسكرية الإسرائيلية ومنهم عامر عابدين مصورها بمنطقة الخليل. وصلاح زياد في رام الله.
وقال زياد إن جنودًا إسرائيليين احتجزوه مع سيارته في قرية عارورة أثناء تغطيته لعملية اقتحام منزل لقيادي بحركة حماس، وقاموا بدفعه بأعقاب البنادق والاعتداء عليه ومحاولة تكسير كاميرته وصادروا بطاقة هويته.
من ناحية أخرى، اقتحمت قوة إسرائيلية فجر السبت ( 22 حزيران ) أيضا مقر مجلة " فلسطين الشباب" بعمارة " حنانيا وخراز " وسط مدينة رام الله وصادرت أجهزة الحاسوب وحطمت مدخلها.
حظر قناة الأقصى
وأضاف التقرير: برز خلال العملية العسكرية، القرار الذي أصدره ما يسمى " قائد المنطقة الوسطى" في جيش الاحتلال الإسرائيلي بحظر عمل قناة الأقصى في الضفة الغربية.
وخلال اقتحام قوات الاحتلال مكاتب شركة ترانس ميديا الإعلامية، علق على أبوابها قرار بإغلاقها بدعوى تقديم خدمات إعلامية لقناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة حماس. وأغلقت بوابتها الرئيسية باللحام الحديدي.
وقالت قناة الأقصى إن ما يسمى " قائد المنطقة الوسطى " في الجيش الإسرائيلي أصدر قرارا بحظر عملها في الضفة الغربية، بعد إغلاق مكاتب الشركة المزودة لخدماتها الإعلامية في رام الله ومصادرة معدات الشركة في الخليل أيضا.
وبثت مواقع إسرائيلية في اليوم ذاته فيديو صوره جنود الاحتلال خلال اقتحامهم مكاتب ترانس ميديا باعتباره مقر لفضائية الأقصى. وقالت المواقع إن جنود الاحتلال عثروا على مواد تحريضية فيها، وعرضت مقاطع لأناشيد تبثها قناة الأقصى قالت إنها تحض على شن هجمات ضد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.
وتوجه نعدو التقرير التحية للطواقم الصحفية الفلسطينية التي تواصل الليل بالنهار وهي تقوم بواجبها المهني والوطني في تغطية عدوان الاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وعبر اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الفلسطينية عن قلقه إزاء تصاعد الانتهاكات والجرائم ضد الصحفيين والمؤسسات الصحفية ويدعو لتحرك عاجل من أجل حماية الصحفيين والإفراج عن كافة الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال.
واعتبر أن الاستهداف المتعمد والمباشر للصحفيين والمؤسسات الصحفية سواء أكان بمنع التغطية أو الاعتقال أو اقتحام المؤسسات إنما يدلل على الدور المهم لوسائل الإعلام الفلسطينية وخاصة المؤسسات الإعلامية الأعضاء ضمن اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الفلسطينية في كشف جرائم الاحتلال ونقلها لكل العالم.
وقال إن صمت المؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الصحفيين تجاه الجرائم التي يتعرض لها الصحفيون والمؤسسات الصحفية يضعها في دائرة الاتهام لعجزها عن توفير الحماية للصحفيين الفلسطينيين.
ودعا الصحفيين والمؤسسات الصحفية لمواصلة التغطية الإعلامية للهجمة الإسرائيلية التي تستهدف مكونات الشعب الفلسطيني ومؤسساته الشعبية والرسمية واعتقال مناضليه.
وأضاف: يجب الانتباه أن الاحتلال يسعى من وراء هجمته المسعورة إلى التغطية على إضراب الأسرى الفلسطينيين الذين يخوضون معركة الكرامة بأمعائهم الخاوية لذلك من المهم التركيز على قضية الأسرى العادلة والإنسانية والوطنية.
وطالب بلجنة تحقيق دولية لمتابعة الانتهاكات والجرائم المتعمدة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الصحفيين والمؤسسات الصحفية.