بعد مرور أكثر من أربع سنوات على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008 لا تزال آثاره حيّة في الشارع الفلسطيني، وبالتحديد في غزة، فمنذ نيسان الماضي يواصل أهالي الشهداء والجرحى اعتصامهم أمام مؤسسة رعاية أهالي الشهداء والجرحى في غزة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية للمطالبة بصرف مستحقات أبنائهم الذين سقطوا ضحية العدوان الإسرائيلي.
وقال ماهر بدوي رئيس لجنة أهالي شهداء وجرحى 2008: "إننا نواصل اعتصامنا أمام المؤسسة، للمطالبة بحقوق أبنائنا بصرف رواتب شهرية لهم كباقي الشهداء". وأشار إلى أن أهالي شهداء ما قبل الحرب وما بعدها يتقاضون رواتب شهرية ولهم مخصصات مالية من المؤسسة، لافتًا إلى أن شهداء 2008 لم تُصرف لهم رواتب منذ أربع سنوات.
تروي والدة أحد الشهداء الذي استشهد متأثراً بجراحه عام 2009، وفيما بعد توفي والده حسرة عليه أنها تحاول منذ خمس سنوات الحصول على المستحقات لتتمكن من العيش هي وأبناؤها الآخرون لكن بدون فائدة. فيما تروي أخرى أنهم وقعوا ضحية الإنقسام الفلسطيني، وإن سبب عدم تحويل الرواتب بالأساس هو سبب سياسي، مضيفة إن إحدى الموظفات في المؤسسة قالت لبعض أهالي الشهداء: "توجهوا لحركة حماس، فأولادكم ماتوا بسبب صواريخها". ولم يتسن للشبكة التأكد من صحة هذه الرواية.
وينوي الأهالي في الأيام القليلة القادمة اتخاذ المزيد من الإجراءات التصعيدية والمتمثلة في إغلاق مقر مؤسسة رعاية عائلات الشهداء والجرحى، ومكتب زكريا الأغا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والاعتصام أمام مقرات ممثلي الحركة، وقد يصل الأمر إلى الإضراب عن الطعام، حسبما أفادوا.
وفي تصريح لوسائل الإعلام أضاف محمد جرادة القيادي في المبادرة الفلسطينية: "سوف يستمر الاعتصام كل يوم ثلاثاء حتى يتم النظر في صرف الرواتب لزوجات وأهالي شهداء حرب الفرقان وهو حق وطني يجب منحهم إياه".
وطالب جرادة حكومتي غزة ورام الله بتسخير جميع الجهود من أجل حلّ هذه القضية وتوفير لقمة العيش الكريمة لأبناء وزوجات الشهداء.
وفي تصريح سابق للإعلام بتاريخ السابع والعشرين شباط الماضي كان تعقيب انتصار الوزير أم جهاد رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى كالتالي: "هناك خلل فني متعلق بالبرنامج المحوسب الخاص بصرف مخصصات أسر الشهداء والجرحى في قطاع غزة أدى إلى توقف بعض هذه المخصصات وليس كما قيل بأن هذا الوقف كان مقصوداً".
وقالت الوزير إنّها عقدت اجتماعاً عاجلاً مع وزير المالية آنذاك د. نبيل قسيس من أجل معالجة هذا الخلل الذي أبدى بدوره تعاوناً كاملاً ووضع طاقم وزارة المالية لمعالجة الخلل على أن يتم صرف المخصصات بأثر رجعي مع مخصصات شهر شباط الحالي.
وأضافت بأنها أصدرت تعليماتها لكافة دوائر المؤسسة للعمل على تحديث بيانات المستفيدين قبل شهرين من تاريخ نهاية الاعتماد تجنباً لأي خلل قد يحدث لاحقاً. وأعربت عن اعتذارها لكافة المستفيدين الذين توقفت مخصصاتهم مؤكدة بأن المؤسسة ستعمل جاهدة من أجل ضمان عدم تكرار هذا الخلل".
ولكن المراقب لتصريحات أهالي الجرحى والأسرى والخطوات التصعيدية التي يقومون بها من أجل الحصول على المستحقات، يلمس أن الأمور لا تتجه للحلّ، ولا توجد نوايا لإصلاحه في الوقت الراهن.
وفي حديث مع شبكة قدس أكد وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة غزة، عمر الدربي، أن الجهة الوحيدة المخولة بدفع مستحقات أهالي الشهداء والجرحى هي مؤسسة "رعاية أسر الشهداء والجرحى" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وأوضح الدربي لـ "شبكة قدس" أن هذه المؤسسة أصبحت تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة فتح في عام دخول السلطة للأراضي الفلسطينية 1994، إلى حين ما أسماه فشل مديرة المؤسسة انتصار الوزير في الانتخابات التشريعية الأخيرة، الأمر الذي حدا بها إلى فصل هذه المؤسسة عن "الشؤون الاجتماعية"، وإقرار ميزانيتها ضمن ميزانية منظمة التحرير الفلسطينية.
وأشار إلى أن الوزارة بغزة لا تملك ملف "الشهداء والجرحى"، بسبب فصل عمل المؤسسة عن الوزارة وإلحاقها بالمنظمة، مبيناً أن الوزارة تختص فقط بملفين هامين آخرين وهما ملف ضحايا الفلتان الأمني وأحداث الانقسام من حركتي فتح وحماس، وكذلك ملف الحماية الاجتماعية المخصص لمساعدة فقراء قطاع غزة.
ويرى الدربي أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المنظمة، بضرورة عدم تنصلها من مهامها الرئيسية المنوطة بها، وتقديم المساعدات لهذه العائلات التي تعتمد بشكل أساسي على هذا الراتب البسيط.