مجددا أقدم الإسرائيليين على اغتيال الشاب الفلسطيني أحمد عريقات من أبو ديس على أحد حواجزهم، أطلقوا عليه النار وأصابوه وتركوه ينزف حتى الموت أمام شقيقاته.
وكالعادة يدعي الصهاينة أنه حاول الاعتداء على الجنود فدافعوا عن أنفسهم، جريمة نكراء بغيضة وقاسية جدا تتكرر بمشهدها وتبريرها. والصهاينة يسردون قصتهم المختلقة وجاهزة التصنيع ويقدمونها رواية دون أن ترمش لهم عين أو يتصبب من جباههم عرق. من يكذب يهتز قليلا ويتردد في كلامه وربما يتلعثم، لكن حياة هؤلاء القذرين، أولاد الأفاعي، كما وصفهم السيد المسيح، قامت وتقوم على الكذب والدجل والتضليل وخداع الأمم والشعوب حتى أصبحت الأكاذيب جزءا عضويا من تركيبتهم النفسية والتربوية، وسلوكا اعتياديا لا ترمش له عين.
قتل الغرباء، كما ورد في العهد القديم الذي يعتبرونه توراتهم، عبادة ترضي الرب ويفرح لها ويمجدهم بها. شعوب الأرض عدا الصهاينة حيوانات بصورة بشر، وهم أنجاس ضالون لا يؤمنون برب إسرائيل والقضاء عليهم واجب ديني يخلص العلم من دنسهم ونجسهم. وإذا عدنا إلى تصريحات حاخامات يهود مثل عوبادية يوسف فإنهم لا يترددون بوصف الفلسطينيين بأنهم غرباء أنجاس يلوثون الأرض المقدسة والمقدسات، والتخلص منهم يشكل تقربا من الرب. وكم من مرة حذر الرب في العهد القديم من الكنعانيين وبنات كنعان لأنهم ضالون وباؤوا بغضب مستمر منه. وقد أوصى الرب بالتعامل معهم بعدائية وكراهية شديدة وقال لهم إن عليهم قتل هؤلاء الفاسقين الكافرين أو استعبادهم أو طردهم من أرض الأجداد التي خصصها الرب لهم.
فضلا عن قناعاتهم الدينية، لا يوجد من يردع بني صهيون أو، على الأقل، من يرد عليهم بسلاح. لقد جرد عباس ومن معه من أهل أوسلو الضفة الغربية من مختلف أسباب القوة والتكاتف والعمل الجماعي والعمل المتبادل. هم لم يصادروا السلاح ويسيطروا على ورش تحضير المتفجرات فقط، وإنما عملوا بكل جهد وإخلاص من أجل نزع روح العمل الجماعي الفلسطينية والتعاون المتبادل بين الناس. وعملوا بدأب على نزع الثقة التي كانت قائمة إلى حد كبير بين الناس، واستبدلوها بعلاقات الشك المتبادل. كثر في ديارنا اللصوص والنصابون ومزارعو المخدرات، والقتلة والفاجرون، وتعمدوا تدمير المنظومة القيمية الأخلاقية للشعب الفلسطيني، حتى تحولنا إلى عاهات نضالية نتغنى بما سلف والذي أوصلنا إلى اتفاق أوسل الموسوم بالقانون الثوري لمنظمة التحرير بأنه خيانة عظمى ولا مغفرة لمن يتخابر مع الصهاينة.
هناك مسلحون في الضفة الغربية، لكن سلاحهم لا يستعمل إلا في المناسبات مثل الأعراس أو خروج معتقل من السجن أو للطوشات وتهديد الناس وابتزازهم.
والسؤال دائما: ما هو هذا السلاح الذي يظهر علنا أمام سمع وبصر العدو الصهيوني، والعدو لا يلاحقه ولا يسأل عنه؟ هو سلاح لا يخيف سوى الفلسطينيين.
يستمتع الصهاينة بقتل أبنائنا، ويبدو أن إعدام الشباب جزء من عملية تدريب الجنود على القنص، وعلى وحشية القلب في قتل جريح ينزف. على الجندي الصهيوني أن يعتاد القتل دون أن تأخذه رأفة أو شفقة أو أي اعتبار لأهل القتيل وأحبائه وأصدقائه.
قتلوا أحمد عريقات وهو يستعد في تجهيز أخته لعرسها الذي كان قريبا. وبدل أن تفرح العروس، حول الصهاينة عرسها وفرحها إلى مأتم لها ولكل أسرتها ولآل عريقات ولعموم الشعب الفلسطيني.
وإلى عباس اقول: بفضل أعمالك يا عباس وسياساتك ينتابنا مع كل اعتداء صهيوني علينا شعور بأننا مجرد قطيع غنم يصاب بالذعر والهلع كلما برزت أنياب ذئب صهيوني. نحن يا عباس بدون أنياب، وأنت مسؤول عن هذا الوضع المتردي الذي مهد طريقا واسعا للخنوع والخضوع والتنازل عن الحقوق. نحن يا عباس لا نريد دولتك، نحن نريد كرامتنا، وشعب لا يشعر بالكرامة لا يمكن أن يقيم دولة.
تحصل مسيرات وتظاهرات خفيفة وزوامير سيارات هنا وهناك احتجاجا، لكن هذا لا يشكل منقذا ولا يعيد للشعب كرامة. والمؤسف جدا أن رصاصا سيُطلق يوم التشييع، والذين يطلقونه يرون في الهواء ملجأ لهم من الصهاينة. فينظر الصهاينة إلى رصاصنا يتطاير في الهواء وهم يبتسمون.