شبكة قدس الإخبارية

مليونية العودة رسالة عالمية

300319_MKH_00 (15)
عبد الستار قاسم

اليوم السبت الموافق 30/آذا2019 تهب الجماهير الفلسطينية في حشود ضخمة في غزة والأرض المحتلة/48 ولبنان وأماكن أخرى في مليونية تؤكد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم في الأرض المحتلة/48، وإحياء ليوم الأرض الذي ارتقى فيه شهداء فلسطين في مدينة سخنين في الجليل دفاعا عن أرضهم التي عزم الصهاينة على مصادرتها.

إنها مليونية عظيمة تصر على انتزاع حقين فلسطينيين مقدسين وهما حق العودة وحق استرجاع الأرض من أيدي المغتصبين الصهاينة. وهذه الحشود الضخمة ليست رسالة فقط للعرب المتهالكين على التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإنما هي رسالة لكل العالم، وتؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه مهما بلغت التضحيات ومهما تطلب التحرير واستعادة الحقوق.

إنها رسالة للعالم تقول إنه مهما ادلهم الخطب ومهما اشتدت الأخطار ومهما بلغت غطرسة الصهاينة ووقاحة الأمريكيين فإن الشعب الفلسطيني صامد وقوي بإرادته الصلبة ووحدة كل أبناء الشعب.

وهذه مليونية تؤكد على رفض كل المشاريع ومواجهة كل المؤامرات وسياسات الخذلان والحصار والتعاون مع الأعداء.

إنها ترفض أوسلو والمبادرة العربية والتطبيع والاعتراف بالصهاينة وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء مؤكدة أن الصراع هو صراع إرادات، وإرادة شعب فلسطين دائما وأبدا تعلو، وراية فلسطين ستبقى هي الخفاقة عاليا فوق أرض فلسطين.

والمليونية رسالة إلى كل العرب المعترفين بالكيان الصهيوني والمطبعين والمهرولين نحو هذا الاحتلال الغاشم. والمنبطحين عند أحذية البيت الأبيض.

إنها رسالة تؤكد لهم أن تطبيعهم سينقلب على رؤوسهم وسيدفعون ثمنه إن عاجلا أو آجلا. والمليونية تشكل نصيحة لكل الخونة العرب بأن يرتدعوا ويتراجعوا عن كل ما يقومون به من خذلان للقضايا العربية، وأن يعودوا إلى صفوف الأمة قبل فوات الأوان.

وقد برز في المليونية عدة أمور هامة لها أثرها الكبير في المجتمع الفلسطيني وهي:

1- لم ترقد القيادات السياسية في غزة في بيوتها وحجراتها ومكاتبها بل خرجت مع جماهير الشعب تهتف باسم فلسطين وعزة الأمة وكرامتها. وهكذا تكون القيادات.

2- علم فلسطين كان الراية الوحيدة الخفاقة في سماء الميادين. غابت رايات الفصائل والأحزاب عن المشهد ليتم التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني والتفافه حول علم واحد وهوية واحدة وهدف واحد. الجمهور الفلسطيني موحد، وما ينقصه هو قيادات تؤمن بأن وحدته هي سر قوته.

3- أغلب المشاركين في المسيران هم من الشباب الذين ولدوا بعد حرب عام 1967، ولم يعرفوا فلسطين جغرافيا ملموسة يتفاعلون مع ترابها وصخورها وخيراتها. هذا الجيل الصاعد يتمتع بوعي عميق، ويعرف ما يريد، ويعرف الطريق نحو الهدف. لا قناعة لدى هذا الجيل أن الصهاينة والأمريكان سيعون حجم ما سيواجهونه في المستقبل، وأن عليهم ان يحملوا اللواء متقدمين الصفوف نحو التحرير.

الصهاينة والأمريكان قد يهزأون مما يرون اليوم، لكننا نعي تماما أن هؤلاء يفكرون بعضلاتهم وليس بعقولهم. لو كانت العقول هي التي توجههم لأدركوا أن المستقبل لأصحاب الإرادات الصلبة وليس لأصحاب الطائرات الحربية والدبابات. وكم من مرة هزمت الإرادة الصلبة أعتى القوى العسكرية والحربية. نحن شعب فلسطين نتألم ونحزن، ونعرف مر العذاب وقسوة الحياة وضنك العيش، لكن كل الآلام والأحزان عملنا على امتصاصها لنحولها إلى إرادة صلبة لا تلين أمام كل القوى.

إرادتنا صلبة ومعنوياتنا عالية ومقاومتنا شديدة وأيديها دائما على الزناد. وهي ترفض كل مشاريع التصفية من صفقة القرن غير المعلنة إلى المبادرة العربية الخيانية واتفاق أوسلو المشؤوم والمسيرة التفاوضية العبثية البائسة.

أما بالنسبة للشعوب العربية التي ترى اليوم على الشاشات هذا الإصرار الجماهيري أقول إنه مطلوب من الشعوب العربية دعم المقاومتين الفلسطينية واللبنانية. أنتم أيها العرب ترون الحصار المالي والاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني على المقاومتين. وما تحتاجه المقاومتان الآن هو الدعم المالي. ولهذا أهيب بكم تشكيل لجان على نمط لجان رفض التطبيع في مختلف أنحاء الوطن العربي لجمع تبرعات شعبية لهاتين المقاومتين اللتين تنسقان أعمالهما. وأذكر العرب بجهودنا نحن الشعوب في دعم ثورة الجزائر التي تحررت بتضحيات أبنائها الشجعان. الأمريكان والعديد من العرب يصنفون حزب الله وحماس والجهاد وكل المقاومة الفلسطينية في قائمة الإرهاب. وعلينا أن نثبت أن الأنظمة العربية هي الإرهابية وليس المجاهدون الذين يدافعون عن شرفنا وكرامتنا وحقوقنا.