شبكة قدس الإخبارية

لماذا يرفض مشفى "الجمعية العربية" استقبال جرحى المواجهات؟

سائد نجم

بيت لحم – خاص قدس الإخبارية: كان رأس الفتى نور حلبية (18 عاماً) يقطر دماً حين نُقل مُصاباً خلال مواجهات مع الاحتلال ببلدة أبو ديس إلى مستشفى الجمعية العربية ببيت جالا، قبل أن يرفض المستشفى استقباله حين تبين لهم بأن المصاب "جريح انتفاضة"، يصف محمد والد الفتى الذي صدم من طريقة التعامل بحق نجله المصاب.

يروي منسق اللجنة الشعبية لمكافحة الجدار والاستيطان في أبو ديس هاني حلبية لـِ "قدس الإخبارية" والذي رافق نور إلى المستشفى حين أصيب برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في رأسه في 30 كانون أول المنصرم، أنه فوجئ لدى وصولهم المستشفى بشكل طارئ رفْض استقبال الفتى وهو في حالة نزيف، مشيراً إلى أنهم طلبوا منه نقله إلى أي مستشفى حكومي.

ويشير هاني إلى أن مشادة كلامية ومناوشات حصلت مع قسم الاستقبال في المستشفى، إلى أن خرج طبيب -رفض الإدلاء باسمه- برر أن وزارة الصحة أقرت بهذا القرار، وعند الاتصال بمسؤول العلاقات العامة في وزارة الصحة أنس الديك قال إن هذا الكلام عارٍ عن  الصحة، لافتاً إلى أنه اُستدعي أمن المستشفى بعد المشادة لطرد المصاب ومن معه.

في ذات السياق، يذكر الشاب عدي عدنان (22 عاماً) من مخيم الدهيشة لحظة وصوله مستشفى الجمعية العربية مصاباً بقدمه نتيجة مواجهات مع قوات الاحتلال في الثاني عشر كانون الأول عام 2016، كيف جلس في قسم الطوارئ يتلوّى ألماً ساعة ونصف الساعة ينظر إلى قدمه الآخذة بالانتفاخ بفعل النزيف الداخلي، وهو ينتظر قدوم طبيب يكشف عليه ويعالجه.

يصف عدي لـِ "قدس الإخبارية" أن الطاقم الطبي أبلغه بأن الطبيب غير موجود بداية الأمر وبعد انقضاء مدة أبلغوه بأنه لا يجيب على الهاتف، وأنه لا يمكن إدخاله لعمل الإجراءات الطبية بناء على إجراءات المستشفى، مشيراً إلى "أن المتواجدين حينها كانوا طاقماً من الأطباء والممرضين، رفضوا إبقائي على التخت المتنقل، طالبين أن يتم نقلي إلى مستشفى حكومي".

وصل الأهل والأصدقاء بعد مدة من الألم هذه، عدي مكملاً، وقرروا نقلي بعد رؤية حالتي إلى مستشفى بيت جالا الحكومي عبر مركبة من نوع "بيك أب" مكشوفة السطح، في أجواء من المطر والبرد الشديد، ولم يستطيعوا مركبة إسعاف لي، حيث زادت الأمور تعقيداً في الطريق وصادفنا الاحتلال، لكن قدر الله أن لطف بي، وتمكنا من سلوك طريقاً آخر أوصلني المستشفى الذي تبين فيه حالة إصابتي والتي استقرت بسببها الرصاصة خلف "الصابونة" في منطقة الركبة.

ويشير عدي إلى أنه وبعد مرور 24 ساعة أثيرت خلالها القصة إعلامياً وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، سارعت جهات في "مستشفى الجمعية" للتدخل وإرجاعه لإجراء العمليات اللازمة له.

ويتفق الشاب (ع.ل) من بيت لحم -رفض ذكر اسمه وتاريخ الإصابة خشية الملاحقة والاعتقال- بأن تجربته في التوجه إلى "مستشفى الجمعية" قوبلت بالعرقلة ورفض الاستقبال عند العلم بأن الإصابة نتيجة مواجهات مع الاحتلال، مع الإشارة إلى أنه وجوب توجهه إلى مستشفى حكومي أولاً وثم نقله بتحويلة، وكان الشاب قد أصيب برصاصة حية في الفخذ عند المدخل الشمالي للمدينة خلال أحداث 2015.

من جانبه ينفى المدير الطبي في مستشفى الجمعية العربية الدكتور جميل قمصية ما جاء على لسان المصابين بحق المستشفى بشكل مُطلق، مؤكداً أن هذا الكلام يتناقض مع سياسة ومبدأ المستشفى، مشيراً إلى "أن المبدأ الطبي يحتم عليهم التعامل مع أي مريض يصل فما البال لو كانت إصابة".

ويوضح قمصية لـِ "قدس الإخبارية" أنه فور وصول المصاب قسم الطوارئ في المستشفى يتم معاملته كأي مريض آخر دون أن يتقاضى منه أي عائد مادي، لافتاً إلى أن هناك إجراء وحيد يحصل بناء على تنسيقٍ مسبق بين المستشفى ومحافظة بيت لحم، هو أن يجلب المُصاب بشكل لاحق ورقة إثبات من المحافظة تتضمن أن سبب الإصابة "مواجهات" مع الاحتلال، كنوعٍ من الترتيب مع المحافظة وهيئة شؤون الأسرى ومؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى.

وأضاف أنه بإمكان أي متضرر التقدم بشكوى لمحاسبة أي تقصير فردي قد يبدر من أحد الأطباء، وفي حال ثبت ذلك تتم المحاسبة على ذلك وفق إجراءات المستشفى الداخلية.

وينتقد أحد موظفي "مستشفى الجمعية" -رفض الإدلاء باسمه ومسماه لاعتبارات وظيفية- سياسة المستشفى في هذا السياق، معلقاً أنه إذا لم تجلب نوعية الإصابة والمصاب الضوء الإعلامي معها على المستشفى، فإن فرصة احتضانه تكون أقل من غيرها، مرجحاً أنه ربما وراء ذلك أسباب عدة أهمها الدافع المادي والدعم.

ويلفت الموظف لـِ "قدس الإخبارية" أن المستشفى يتعمد عدم استقبال الجرحى، نافياً ما أفاد به المدير قمصية ومؤكداً أن هناك سياسة متبعة بغض النظر عن دوافعها لعدم استقبال المصابين.