أكتب هذا المقال وأنا على بينة أنكم لا تسمعون نصيحة، لكن واجبي في حماية المقاومة يدفعني إلى الكتابة.
أنتم تنشطون الآن، ودول عدة تحاول الاتصال بكم والتأثير عليكم، ومنها من يعدكم بالحلق والخير الوفير. لا تؤهلوا آذانكم لسماعهم. حماس وغزة ليستا مسرحًا للتنافس بين دول المنطقة، وإن تم السماح لهذه الدول للتلاعب والتخاصم فإن الخاسر الأول ستكون المقاومة الفلسطينية.
أنتم حركة مقاومة، والعلاقات مع مختلف الدول يجب أن تكون محكومة بهذه الحقيقة. هدفكم تحرير الوطن إن شاء الله، وحلفاؤكم هم فقط من يعينكم على تحقيقه. أما المال والطعام فهدفان يأتيان بدرجة متأخرة، ورفع الضرر عن أهل غزة مهم جدًا وعلينا العمل على تحقيقه، لكن ليس على حساب المقاومة.
وأنتم تعلمون أنه ما دام في غزة من يقاوم من أجل التحرير فإن الحصار لن يُرفع، وكل الدول التي قد تأملون فيها الخير غير قادرة على رفعه ولا تجرؤ على القيام بالنشاطات التي تؤدي إلى رفعه. يمكن لهذه الدول أن تمدكم بالطحين والأسبيرين، لكنها أجبن من أن تبعث لكم رصاصة.
دخول الدول إلى قطاع غزة سيحول القطاع إلى ميدان منافسات واستقطابات وتحسسات وربما خصومات ومواجهات. سبق أن أدخلت منظمة التحرير الدول في صفوفها، وكان رئيسها يحتفظ بجانبه بعميل لأمريكا وآخر للكيان الصهيوني، وللأردن والعراق ومصر وليبيا،الخ. والنتيجة كانت الخراب والدمار الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني.
المعنى، لا نتقرب من مصر إلا إذا وثقنا أن هدفها ليس محاربة قطر وتركيا، ونصادق إيران إذا وثقنا أن محاربة السعودية ليس من أهدافها، ولا نتقارب مع الإمارات لتضمنا إلى قائمة المذهبيين الطائفيين، ولا نلجأ للإسلام إلا إذا كان إسلاما إلهيًا وليس طائفيًا. ولا نتعامل مع دحلان إذا كان يحمل برامج لدولٍ معينة.
وفي النهاية، نجوع ولا نتحول إلى أدوات للآخرين، سبق أن أدخلتم أنفسكم بمواقف منحازة لهذا الطرف أو ذاك، وكنتم والشعب الفلسطيني من الخاسرين.
لا تكرروا التجربة. بلدان عربية وإسلامية تفتحون معها خطوطًا وهي تشكل خطرا عليكم وعلى مجمل الشعب الفلسطيني. قد تسمعون كلامًا معسولًا من هذه الجهة أو تلك، لكن الواقع على الأرض هو البوصلة الحقيقية لسياسات مختلف الجهات. الحذر ثم الحذر.