حوادث السير على الطرقات كثيرة سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وعدد قتلى هذه الحوادث كثير، كما أن الإصابات ليست قليلة، هذا فضلا عن الخسائر الجسيمة في الممتلكات وخسائر شركات التأمين. أعداد السيارات كثيرة جدا وإلى درجة لا تستوعبها شوارعنا، لقد استوردنا سيارات بمعدل أكبر بكثير من قدرة شوارعنا على الاستيعاب، فضلا عن أن شوارعنا مليئة بالحفر والمطبات وأكوام مواد البناء والقاذورات الملقاة على الجوانب.
لكن يبدو لي أن الأزمة الحقيقية تكمن في أخلاقنا وليس فقط في مركباتنا، هناك فهلوة في السياقة، وكل سائق يحاول أن يثبت أن الطريق ملكه، وأنه ليس مجرد شريك، هناك عنجهية في السياقة وقلة أدب وتعدي على حقوق الآخرين، وكم من مرة سمعت من يقول إن حق الأولوية على الطريق لمن يسبق وليس وفق قواعد السير، نحن نعرف قواعد السير فقط عند التدريب وعند امتحان الرخصة، وبمجرد حصلنا على الرخصة نلقي ما تعلمناه خلف ظهورنا، هناك تشبيح على الطرق.
وسياراتنا بلا غمازات، سائقونا لا يستعملون الغمازات مما يربك السير على الطرق، أنت لا تعلم أين يتجه من يقابلك، وأحيانا يعطيك غمازا على اليمين ويذهب يسارا، وأحيانا ينسى السائق غمازه شغالا، الغمازات جزء من ثمن السيارة، وبما أننا لا نستعملها فالمفروض شراء سيارات بلا غمازات، أي علينا أن نطلب من شركات تصنيع السيارات تصدير سيارت بلا غمازات لكي نوفر ثمنها.
السائقون لا يحترمون حق الأولوية، لا يقفون عند إشارة قف، ولا يتمهلون عند إشارة تمهل، ولا يراعون أدب السواقة عند تقاطعات الطرق، وهناك فئة من شبابنا مستهترة بقيم وأخلاقيات قيادة السيارات ويسببون الكوارث، والمؤسف أن سيارات الرايح جاي (السرفيس) لا تتقيد بتعليمات السير.
أين الشرطة؟ الشرطة غائبة، وأنا أرى دائما سيارات شرطة وسيارات بلدية تخالف قواعد السير، شرطة المرور لا تقوم بواجبها، هي ترى التجاوزات وتغمض عينيها، وأنا أرى شرطة على الدوار في نابلس، لكنني أرى فوضى السير مستمرة، الشرطة تحرر مخالفات على الأحمر والأبيض مع علمها أن شوارعنا تخلو من مصاف السيارات، لكنها لا تخالف على تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء أو التعدي على حق الأولوية أو عدم إعطاء غماز أو استعمال الهاتف المحمول، أو على أشياء كثيرة، جهاز شرطة المرور بحاجة إلى تثقيف حول قواعد السير وحول أخلاقيات قيادة المركبات لكي تتمكن من الردع، والشرطة أيضا لا تنظم حركة المشاة إذا يقطع الماشي الشارع كيفما شاء حتى لو كانت الإشارة الضوئية في غير صالحه.
الأزمة أخلاقية، وأزمة مسؤول لا يعرف مسؤولياته، وسائق لا يفكر بغيره وبحقوقه، اللهم رأسي ومصلحتي وليذهب الناس بعد ذلك إلى الجحيم، مطلوب حملة توعية أخلاقية في فن قيادة السيارات، وحملة توعية بقواعد السير، والأهم قسوة في التعامل مع المخالفين لكي يعتبروا.