شبكة قدس الإخبارية

أموال اليتامى وحصالات الأطفال نهبٌ لجنود الاحتلال

شذى حمّاد

فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: أمام المئات في مدينة جنين، أنهت العائلتان خلافاتهما المستمرة منذ ١١ عاما، وقد دفعت إحداها للأخرى عطوة عشائرية بلغت (١٢٠ ألف دينار) جمعها أهالي المدينة من بعضهم دينارا تلو الدينار.

ولكن وبعد يوم واحد فقط، اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلة زيود في بلدة سيلة الحارثية، وقبل أن تطأ قدم الضابط الإسرائيلي خطوة داخل البيت قال بالحرف الواحد "أعطينا الـ ١٢٠ ألف دينار".

خالد زنود والذي استلم شكيين اثنين خلال العطوة العشائرية التي تمت في ١٨ نيسان، حيث بلغ قيمة كل واحد (٦٠ألف دينار)، كان قد صرف شكا ليقدمه لأبناء شقيقه المغدور عدنان زيود، فيما أجَّل صرف الشيك الثاني والذي يتضمن تعويضا لخمسة أسر حرقت منازلها خلال الخلافات.

جهاد زيود يروي لـ"قدس الإخبارية"، أن عمه خالد زيود قام بصرف الشيك الأول ليقدمه لأبناء أخيه المغدور عدنان في اليوم التالي، إلا أن قوات الاحتلال داهمت منزله وصادرت المبلغ إضافة لمبلغ بقيمة ستة آلاف دينار ومصاغا ذهبيا، مبينا أن الجنود قدموا إيصالا بمصادرة ٣٩ ألف دينار فقط.

وأكد الزيود على أن المغدور عدنان ترك خلفه ١٣ ابنا كان هو المعيل الوحيد لهم، "هم أيتام وضعهم المادي صعب الآن، وقد كانوا معولين على هذا المبلغ ليحسنوا أوضاعهم قليلا".

إلا أن الصفحات الإسرائيلية وعلى رأسها صفحة الناطق باسم جيش الاحتلال "افيخاي ادرعي" نشرت صور المال الذي تمت سرقته من عائلة زيود، مدعية أن هذه الأموال التي تم مصادرتها "تدعم الإرهاب"، على حد زعمه.

فيما يبين الزيود أن هذه العطوة تم جمعها من أهالي مدينة جنين من قبل لجنة مختصة ترأسها محافظ المدينة والذي قال إن بحوزته ألفي إيصال مالي بكل مبلغ تم جمعه لصالح العطوة.

ضمن إجراءات ممنهجة باتت قوات الاحتلال تقتحم منازل الأهالي في الضفة الغربية، بطريقة عشوائية وغير عشوائية وتسرق أموالا تدعي أنها تجمع لدعم المقاومة، فمن سيلة الحارثية في محافظة جنين إلى بلدة سلواد شرق رام الله حيث سرقت قوات الاحتلال ما يقارب ١٥٠ ألف شيقل من منازل الأهالي خلال اقتحاماتها الأخيرة.

ففي بيان لجيش الاحتلال بعد عملية الدهس الفدائية التي نفذها الشاب مالك حامد في السادس من نيسان الجاري، أكد خلاله على أنه سيفرض عقابا جماعيا على أهالي البلدة يتخلله اقتحامات يومية ومصادرة الأموال والمركبات، وفرض حصار وإغلاق على بلدة سلواد.

مهند حماد أحد التجار في بلدة سلواد يروي لـ قدس الإخبارية، أن قوات الاحتلال وخلال اقتحامها منزله في البلدة فجر ٢٠ نيسان سرقت مبلغا ماليا بعد إخضاعه للتفتيش أمام عائلته، وبعد عمليات تفتيش داخل المنزل سرقت حصالات أطفاله ومبلغا ماليا من حقيبة زوجته.

ووصل قيمة المبلغ الذي تمت سرقته من بيت مهند ٧٣ ألف شيقل، جزءا كبيرا منه كان عليه أن يدفعه في اليوم التالي للتجار الذين يتعاقد معهم، إضافة لسرقة مبلغ بقيمة ثمانية آلاف شيقل من منزل شقيقه مسيطر، "على الرغم من إثباتي لهم أني صاحب شركة وهذه أموال عملي، إلا أن ضابط الاحتلال أخبرني أن سرقة هذا المال صدر من أوامر عليا".

في اليوم التالي كان مقررا أن تدفع نغم مهند (٥٠ شيقل) للمشاركة في رحلة مدرسية، إلا أن سرقة الاحتلال لمال والديها لم يبق لها هذا المبلغ البسيط، فتروي نغم (١٤ عاما) لـ قدس الإخبارية، أن قوات الاحتلال لم تكتف بسرقة مال أبيها فقط بل سرقت حصالاتها وحصالات أشقائها.

"رأيتهم وهم يدفعون أبي ويفتشونه ويسرقون من جيبه المال، أختي الصغيرة منة الله كانت خائفة جدا وتبكي أما سلافة فكان وجهها أصفرا وكان سيغمى عليها"، تقول نغم.

نغم وأشقاؤها ومنذ سنوات وهم يحرصون على الادخار، وخططوا قبل أيام قليلة فقط أن يضعوا مدخراتهم في البنك إلا أن اقتحام قوات الاحتلال لمنزلهم كان أسرع من ذلك.

تقول نغم: "جمعت ستة آلاف شيقل، ادخرتها شيقلا شيقلا.. أبي يريد أن يبني لنا منزلا جديدا وكنت أجمع بهذا المبلغ لأشتري غرفة نوم خاصة بي كما أحلم".

نغم وسلافة ادخرتا معا مبلغا من المال كان عبارة عن مجموعة من الشواقل، تعلق نغم: "كنت أريد تحويل المبلغ لورق ووضعه في الحصالة، إلا أنهم حتى هذا المبلغ سرقوه"، مؤكدة على أنها حاولت التصدي لجنود الاحتلال ومنعهم من سرقة حصالتها بعد جلوسهم أمامها وأسرتها وعدهم المبلغ، إلا أن ضابط الاحتلال واصل الصراخ بها بقوله "اسكت.. اسكت".

صباح اليوم رفضت منة الله (٦ أعوام) أخد مصروفها، قائلة لوالديها، هذا لكم فالجنود سرقوا كل مالنا، ولتخفف عليهما ظلت تكرر، "المصاري مش مهمة، المهم ماما وبابا".

سميح محسن منسق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في الضفة المحتلة قال لـ قدس الإخبارية: "إن سرقة الاحتلال الأموال من الفلسطينيين لا يندرج إلا تحت ما يفرضه من عقاب جماعي"، مؤكدا على أنه لا يوجد أي تبرير قانوني لذلك.

وبين محسن أن قوات الاحتلال تسرق مبالغ مالية خلال اقتحامها المنازل وبالعادة تكون مبالغ مالية بسيطة لا تشكل أي خطر على الاحتلال الذي يدَّعي أن هذه الأموال ستستخدم لدعم المقاومة، "الاحتلال ومن خلال مصادرة الأموال يهدف لفرض العقاب الجماعي على الأهالي والتضييق عليهم بحياتهم اليومية".

وعن كيفية استرجاع الفلسطينيين أموالهم، قال: "لا نثق بالنظام القضائي الإسرائيلي الذي يخدم بالعادة سياسات الاحتلال، إلا أننا ندعو دائما الأهالي لاتباع كافة الطرق من بينها القانونية لاسترجاع أموالهم وما يصادر منهم".

https://youtu.be/8NvFJDwWyuI