القدس المحتلة - قُدس الإخبارية (ألترا صوت): قد لا يتكرر يومٌ كهذا في سجن "نفحة" الإسرائيلي، الغارق في عمق الصحراء، حيث يحاول أسرى "قسم 12" استراق بعض لحظات الفرح، التي غابت عنهم كثيرًا، فهم على موعد اليوم مع خِطبة أسير لابنة أسير آخر. وحدث كهذا، له طقوسه، التي لن يتركها باقي الأسرى تذهب دون بهجة، ومحاولة احتفال!
بعد شهر سيترك العريس ياسر خلفه "حماه" سامر، الذي يقضي حكمًا بالسجن المؤبد "8 مرّات"، ونحو 600 أسير فلسطيني يقبعون في سجن نفحة الصحراوي، بأقسامه السبعة.
الأسير الشاب ياسر أبو رميلة "22 عامًا" من بيت حنينا في القدس، والذي يقضي حكمًا بالسجن 9 أشهر، كان رأى خلال إحدى زيارات الأهالي لأقاربهم في السجن، فتاة كانت في زيارة لوالدها سامر الأطرش من مخيّم شعفاط بالقدس، والمعتقل منذ 14 سنة.
البداية، وفق ما قالت والدة الشابة نادية الأطرش، لـ"ألترا صوات"، أن المعتقل ياسر، كان قد رأى ابنتها خلال إحدى الزيارات، فأعجب بها، وطلب من والدته خلال الزيارة التالية أن تتعرّف إلى الفتاة وأهلها، وبعد ذلك، طلب من والده أن يخطب له الفتاة. وفي هذا الجانب يقول أبو أنس، والد المعتقل ياسر: "تعرفنا ع البنت وأهلها، وطلعوا ناس ما شاء الله عنهم"، مضيفًا: أخبرنا ياسر أن والد الفتاة هو الأسير سامر الأطرش، وبعدها تم طرح الموضوع داخل المعتقل مع والد الفتاة، وكان الردّ إيجابيًا.
وعلمت "ألترا صوت" أنّه وفي مناسبة كهذه، فإن أسرى الغرفة، يتوزّعون على قسمين، القسم الأوّل يمثّل جاهة أهل العريس، ومنهم في هذه الحالة، الأسرى "جمال الطويل، ومحمد عرمان" ومعهم العريس ياسر، حيث يذهبون إلى غرفة والد العروس، الأسير ياسر أبو رميلة، ومعه باقي الأسرى الذين يمثّلون طرف أهل العروس، حيث يتم طلب العروس، وقراءة الفاتحة، وإعلان الخطوبة المبدأية، وفق ما هو متبّع خارج المعتقل.
يتوزع أسرى الغرفة على قسمين، جاهة أهل العريس، يذهبون إلى غرفة والد العروس، الأسير ياسر أبو رميلة، ومعه باقي الأسرى الذين يمثّلون طرف أهل العروس.
ويعمد الأسرى لزيارة بعضهم البعض، وتبادل التهاني فرحًا بهذه المناسبة، ويقدّمون المباركة للعريس، ويوزّعون بعض الحلويات الجاهزة، وأخرى يعدّونها مما يتوفر لديهم، احتفاءً بهذا الفرح!
الأسير نصر عميرة، من بلدة نعلين غرب رام الله، والذي سبق وأن أمضى في الاعتقال 15 شهرًا، تحدّث لـ"ألترا صوت" عن الحلويات التي يعدّها الأسرى داخل السجن، مما تصله أيديهم، في مناسبات فرح شبيهة كهذه، أو في أيام الأعياد. فـ"الكنافة" في السجن، تشبه كلّ شيء إلّا الكنافة، وفق ما يقول عدد من الأسرى، ولكنهم في الوقت ذاته، لا يملكون بديلًا آخر للحظات فرح كهذه.
عميرة، الذي قضى مدة اعتقاله في معتقل عوفر، يقول إن الكنافة داخل السجن تُصنع من فتات الخبز الذي يتم تجميعه وتحميصه مع الزبدة، وجوز الهند الذي يستخدم للتحايل على نكهة الخبز، وتشكّل هذه المكوّنات معًا، بديلًا لعجينة الكنافة التي لا تتوفّر داخل السجن بالطبع.
وبيّن عميرة أن الأسرى يستعملون الجبنة الصفراء، للتغلّب على عدم توفّر الجبنة البيضاء الحلوة، الخاصّة لعمل الكنافة، حيث يتم بسطها على صينية، وفوقها طبقة الخبز المحمّص/بديل العجينة، ويتم رصّها بشكل جيّد. بانتظار أن تبدأ عملية خَبز الكنافة، وهي عملية لا تخلو من التعقيد.
[caption id="attachment_97149" align="aligncenter" width="308"] الاسير سامر الأطرش والد العروس[/caption]فالاحتلال لا يسمح بتوفّر الغاز "الطبّاخ" داخل غرف السجن، ويستعيض الأسرى عن ذلك بالاعتماد على أجهزة طهي كهربائية تعرف بـ "البلاطة"، حيث يتم وضع إحداها على الأرض، وفوقها إناء يحتوي الماء، وذلك لطبخ الكنافة بوساطة البخار، فيما يتم الاستعانة بـ "بلاطة كهربائية" ثانية، يتم تعليقها على ارتفاع 15 سم من سدر الكنافة، لتتم من خلالها عمليّة "التحمير" لطبقة الخبز العلوية، وبعدها تتم إضافة القَطْر، وقطع الفستق الحلبي المالح الذي يتم رشّه على سطحها، لتصبح الكنافة جاهزة للتناول.
ويشير عميرة إلى أنّ الأسرى يقومون بتجميع كميّات الخبزة لتصبح كافية لتلك العملية، ويقومون أيضًا وعلى مدار شهر كامل بتجميع "الجبنة الصفراء"، وكذلك يجمعون كميّات الزبدة التي تأتي مرتين أو ثلاث مرّات فقط شهريًا، وحين لا تتوفر الأخيرة، يتم الاستعانة بدلًا عنها بزيت القلي. لافتًا إلى أنه وخلال مدة وجوده داخل السجن والبالغة 15 شهرًا، تم إعداد الكنافة أربع مرات فقط.
وحين لا يكون إعداد الكنافة ممكنًا، يلجأ الأسرى وخاصة في فصل الصيف، لإعداد ما تعرف بـ "البوظة" داخل السجن، وهي مكوّنة من اللبن الرائب، مضافًا إليه مُبيّض النسكافية، وكذلك بعض النسكافية لمنح البوظة نكهتها، مضافًا إليها بعض الفستق المالح المتوفّر لديهم، حيث يتم وضع طبقة من البسكويت والسكر، مضافًا إليه الخليط السابق، ثم طبقة أخرى من البسكويت المبروش، وتوضع جميعها في ثلاجة ما تعرف بـ "الكانتينا" داخل السجن.
ويلفت عميرة أيضًا إلى أن مكوّنات "البوظة" ليس من السهل توفّرها دائمًا، مبيّنًا أنّ علب اللبن يتم تجميعها على مدار "30- 45 يومًا" لإعداد كميّة من البوظة تكفي 10 أشخاص، لمرّة واحدة.
[caption id="attachment_97150" align="aligncenter" width="716"] العريس ياسر في طريقه إلى قاعة المحكمة[/caption]