ل
"لي" من اسمكِ نصفه الأول. وأنتِ الألف. والنون شاطرةٌ بين النصفين، وبين النور والنار. والألف مدار الألفة والتأليف والتآلف. وأنتِ لأترابكِ في الهيبة كالألف لسائر الحروف. ولولا الألف لما وقع من قلبي استمالة؛ إذ يقولون: ألّف قلبه أي استماله. ولولاه لما استأنس القلبُ بالقلب، ولما أتلفت الأرواح معاً. والياء، حسب سيدي ابن عربي، هي الروحٌ والذات.
ي
يتمنى الناس ما يشتهون. أما العشاق فيشتهون ما يتمنون. والفرق بين التمني والإشتهاء يكمن، في وجه من الوجوه، في شدة الرغبة عند المشتهي عنها عند المتمني. فكم أشتهي يا حبيبتي أن يُؤتى بجسدي حين الموت، ويُنسل منه قلبي كما تُنسل الغرسة من منبتها، ثمّ يُحرق ويُؤتى به إليكِ رماداً ملتهبا، كحالتي لحظة لقياكِ، فتحملينه بكفين من ألقٍ وتقرأين عليه اسمكِ ناضجاً بكل مراتب الشوق، ثمّ تنثرينه أبديةً يطوف مع الريح كل الوجود.
ن
نونٌ للنار. ونونٌ للنور. وثالثةٌ للإسم؛ اسمكِ، مزجٌ بين نار الشوق ونور القلب؛ قلبكِ. والقلب يفيد التقلب إذ لا يثبت على حال. ومبعث التقلب نار الشوق. والدافع لتقلب القلب الوصلُ؛ فإذا وصل ثبت؛ وإذا ثبت صار فؤاداً. وله، عند ذلك رؤية. ورؤيته أنتِ. ولا يكذب الفؤاد ما يرى. والشوق يسكن باللقاء ويترقى ويهيج مع الوصل، كما أشار إلى ذلك شيخنا ابن عربي، وحينها يصير اسمه اشتياقاً. ولنار الشوق التهاب وحركة. وهذا مبعث التقلب، ومنه صار القلب قلباً. وقلب الشيء وسطه ولبّه؛ فقلب قلبي قلبُكِ. وأحيانا يراد به النية. والأعمال بالنيات. فالقلب مدار الأعمال وله أفعال. ومدار قلبي أفعالكِ وأعمالي.
ا
النور: الإضاءة. وهو ما يبين الأشياء ويرينا ماهياتها وأشكالها. وللعين نورٌ متى انطفأ أصيب صاحبها بالعمى؛ فنور العين البصر. وللقلب نورٌ متى انطفأ أصيب صاحبه بالهلاك؛ فنور القلب البصيرة. والبصر حس العين وحاسة في الرؤية. والبصيرة إحساس القلب وترقيه في الرؤيا. بين رؤية العين ورؤيا القلب تقفين بهيبة الألف في آخر اسمكِ. وأنا أجهد في تلاوة اسمكِ آياتٍ للعشق. والتلاوة في رؤى المتصوفة كلامٌ يفيض بسبب التلاقي بين ما يشتهيه قلب المحب وما تتمناه عين المحبوب، أو بالعكس. والتلاوة تَشوّقٌ ففيها طلب لمطلق جمال المحبوب واشتياق لرؤيته بعين البصيرة. وللتشوق شرطُ الإفراد؛ "فمن نظر إلى سوى المحبوب فهو عنه محجوب". وبه أعهد إليكِ.