على شبكة الانترنت وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجد التجمع الشبابي ضد غلاء الأسعار، الفرصة التي يحتاجون لإطلاق احتجاجاتهم ضد شركتي "جوال" و "الوطنية موبايل"، في حملة ستبلغ ذروتها بإغلاق الهواتف النقالة ليوم كامل في الأول من أيار.
[caption id="attachment_10561" align="aligncenter" width="511"] ملصق انتشر على الفيسبوك يدعو للمقاطعة[/caption]شبكة قدس تابعت احتجاجات التجمع واستطلعت آراء مستخدمين لشرائح الشركتين، وحاورت الوطنية موبايل، فيما تهربت جوال من كل المحاولات التي أجرتها "قدس" للحوار، والتي استمرت لثلاثة أسابيع دون أي فائدة.
أسعار مرتفعة
ويأتي ارتفاع أسعار المكالمات على رأس احتجاجات التجمع، فيقول إلياس المتحدث باسم التجمع، إن إجراء مقارنة بسيطة بين الأسعار في فلسطين والدول المجاورة، يكشف عن دفع الفلسطيني مايزيد عن (50) دولاراً مقابل حصوله على مئات الدقائق، فيما تقدم الشركات العربية والاسرائيلية عشرات آلاف الدقائق بسعر لا يتجاوز (20) دولاراً.
ويوضح لشبكة قدس إن تكلفة (5) آلاف دقيقة اتصال على نفس الشبكة بالأردن، بالإضافة لـ (100) دقيقة على الشبكات الأخرى و (500) رسالة، وجيجابايت واحد تعادل ستة دنانير، متسائلا عن تكلفة مثل هذا العرض لو وجد في جوال والوطنية.
وتؤكد ديانا خياط التي استخدمت شريحتي الوطنية وجوال وجود فرق في أسعار الدقيقة بين الشركتين، معتبرة أن أسعار جوال أغلى بشكل لافت وعروضها غير مغرية ومشروطة، وأيدها في وجهة النظر ذاتها محمد جمهور الذي وصف أسعار جوال بالناهبة، وأضاف من غير المعقول أن تكون دقيقة الاتصال من جوال لجوال أعلى من الاتصال من الوطنية لجوال.
ويبرر مدير عام التسويق وتطوير المشاريع في الوطنية موبايل معتصم عتيلي ارتفاع الأسعار بمنع الاحتلال استخدام تقنية (3G) داخل الأراضي الفلسطينية، مضيفا أن الاحتلال يمنع الشركات الفلسطينية من استيراد الأجهزة والمعدات الفنية الخاصة بها، على الرغم من امتلاك الوطنية ترخيصا لاستخدامها منذ عدة سنوات.
ويضيف لشبكة قدس إن حجم الترددات الممنوحة للسوق الفلسطيني هو الحد الأدني لبناء شبكة، ما يتطلب عددا أكبر من الأبراج بما يعادل أضعاف الذي تحتاجه الشركات الأردنية والاسرائيلية، ويتابع إن الشركات الفلسطينية مضطرة لاستئجار ترددات وموجات من الشركات الاسرائيلية ما يزيد من التكاليف على كاهل الشركة.
لكن هذه الرواية لا تلقى قبولا لدى التجمع الشبابي، والذي يطالب بتقديم أدلة على منع الاحتلال استيراد هذه الأجهزة، حتى لا يبقى الاحتلال مجرد شماعة كما يفعل السياسيون، على حدّ تعبيرهم. ويستغرب إلياس ما يقول إنه افتخار الشركات الفلسطينية باستخدام تقنيات حديثة ومتطورة، ثم الحديث فجأة عن منع الاحتلال استخدام هذه التقنية.
هل الحملات " خادعة وناقصة " ؟
وتأخذ حملات الشركتين وعروضها جانبا كبيرا من احتجاجات التجمع، فيصف إلياس لشبكة قدس هذه الحملات بعمليات النصب، قائلا إنها تقدم عروضا لا تتجاوز الخصومات فيها (15) أغورة فقط، بالإضافة لاقتصارها على أرقام محددة من الشبكة ذاتها، وإلزامها المشتركين بدفع مبالغ للاشتراك، ومبالغ أخرى لتغيير الأرقام.
ويرد عتيلي قائلا إن هذه المبالغ بسيطة مقابل الخصومات المقدمة، والتي تقتصر على برنامج "سوا" ويستثنى منها برنامج "طلاب" الذي يأخذ الظروف المادية للطلبة بعين الاعتبار.
ويضيف أن تحديد عشرة أرقام لكل حملة كاف تماما، حيث تكشف متابعة الشركة إلى أن المشتركين يستخدمون رقما واحدا أو اثنين فقط، مستغربا اعتبار البعض أن عشرة أرقام هو عدد غير كاف.
ويوضح عتيلي أن فرض رسوم على تغيير الأرقام يهدف إلى منع أي عملية استغلال مالي من قبل المشتركين، قائلا إن بعض المشتركين قد يقوم بتغيير الأرقام بشكل دائم وبيع الاتصالات إلى آخرين وهو أمر مرفوض.
ويرى التجمع تبرير الوطنية استخفافا بعقول المستخدمين، متسائلا لماذا لا تقترح على الشركات في الدول المجاورة إلغاء التخفيضات والحملات ورفع الأسعار لأن المواطن لا يستخدم سوى رقم او اثنين فقط، ويقول إلياس إن رد الوطنيه غير منطقي بتاتا فالمواطن يتصل على عشرات الارقام يوميا.
وعن استبعاد أرقام جوال من حملات الوطنية يقول عتيلي إن هذا يعود لارتفاع تكلفة دقيقة الاتصال بين الشركتين، فيما يعرف بخدمات التبادل بين الجانبين، مضيفا أن الشركة لا تستفيد من الاتصالات على جوال إن لم تكن تكلفة الدقيقة الواحدة تعادل (35) أغورة على الأقل.
وتشمل الاحتجاجات المسابقات والحملات المقدمة في رسائل نصية للمشتركين، ويقول إلياس إن هذه الحملات توهم المشترك بإرسال رسالة للدخول في سحب على مبالغ كبيرة، ليفاجئ بعدها بعشرات الرسائل التي تحتوي على أسئلة مختلفة يخصم على كل منها مبالغ كبيرة.
ويرد عتيلي بأن هذه المسابقات يقدمها طرف ثالث من خلال الوطنية موبايل، ولا يلزم المشترك بالمشاركة فيها، بل يمكنه حظر استقبالها من خلال الاتصال على الرقم (*123).
أما جوال فقد حاول مراسل شبكة قدس التواصل مع مدير العلاقات العامة فيها عدة مرات، وأرسل له أربعة رسائل إلكترونية واتصالات هاتفية عديدة كان مصيرها التأجيل وعدم الرد.
ولكن موقف جوال لا يختلف كثيراً عن الأسباب التي تقدمها شركة الوطنية. فخلال البرنامج الإذاعي "ملف الرقيب" الذي يبث على 10 محطات إذاعية فلسطينية، قال عمار العكر الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات الفلسطينية التي تملك شركة جوال إن أسعار الاتصالات الخلوية في فلسطين مناسبة، مضيفاً إن الشركات الفلسطينية تشتغل "على ترديدات بحكم إتفاقيات مع "إسرائيل"، وللأسف "إسرائيل" لم تعطينا إلا 4.8 (قوة تردد)، وبالوضع الطبيعي يجب أن لا تقل الترددات عن 10.. وهذا يؤدي إلى تكاليف إضافية تصل لثلاثة أضعاف".
وأشار العكر في حديثه الإذاعي إلى افتقار شركة جوال لتقنية الجيلين الثالث والرابع بسبب منع الاحتلال لهما، مما يصعب على الشركة طرح خدمات من هذا النوع.
وقد علق العكر على حملة التجمع الشبابي على الفيسبوك للمطالبة بتخفيض أسعار المكالمات قائلاً :"أحيي كل من انضم لهم، وأجدد الدعوة للحوار ولزيارة الشركة لإجراء نقاش في هذا الموضوع بكافة تفاصيله".
[caption id="attachment_10563" align="aligncenter" width="576"] ملصق يدعو للمقاطعة[/caption]هل ستكون المقاطعة واسعة ؟
وتشير هذه الاحتجاجات على قدم وساق نحو حملة مقاطعة واسعة ينظمها التجمع في الأول من أيار، ويوضح إلياس أنه يتوقع أن ينضم إلى حملة المقاطعة أكثر من عشرين ألف مشترك.
ويكشف التجمع عن رسائل وردتهم من موظفين بالشركتين تطالبهم بوقف الحملة، وتهاجم القائمين عليها مقللة من شأن ما يتم العمل عليه.
وأشارت جولة من الآراء قامت بها شبكة قدس على (50) مستهلكا تعاملوا مع خدمات الشركتين، أن (44)% منهم يعتبرون الوطنية تقدم خدمات أفضل، فيما أعرب (36)% عن عدم رضاهم على أداء الشركتين، فيما قال (10)% إن جوال أفضل، وأبدى (10)% رضاهم عن كلا الشركتين.
لكن اختلاف آراء المصوتين حول أداء الشركتين قابله إجماع شبه كامل على المشاركة في حملة المقاطعة، معتبرين أن هذه الخطوة من شأنها أن تدفع الشركات إلى التحسين من الخدمات المقدمة، ورفع مستوى التنافس بينهما ما يصب في خدمة المستهلك حسب رأيهم.
واستغرب عتيلي ما قال إنه انتقال الاحتجاج إلى مرحلة المقاطعة بشكل مباشر، معتبرا أن هذه الخطوات يفترض أن يسبقها حوار بين الأطراف، ولا تصل إلى المقاطعة إلا بعد فشل الحوار.
ودعا عتيلي المحتجين إلى زيارة مقر الشركة لإجراء حوار قائم على النقد الإيجابي قبل تنفيذ المقاطعة، وتقديم أسماء الموظفين الذين خاطبوا التجمع بشكل غير لائق لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأكد التجمع استعداده للحوار على أن تطلبه الشركة أولا وبشكل مباشر من التجمع الشبابي ضد الغلاء وفق ما بين الناطق باسم التجمع لـ "قدس" الإخبارية.
ومع اقتراب موعد الحملة بدأ شبان الاحتجاج بطريقتهم الخاصة، من خلال الاتصال على موظفي الشركتين، وإبلاغهم احتجاجاتهم على الخدمات المقدمة، قبل الموعد المحدد لإغلاق الهواتف النقالة، لكن ذلك كله يبقي الآمال بموقف مرن من الشركتين لإنجاز أي تغييرات.