غزة – خاص قُدس الإخبارية: (شيكل، 2 شيكل، 5 شيكل)، هذه القطع النقدية المعدنية الصغيرة فُقدت من أسواق غزة، حتى أصبحت تشكل عائقاً في الحركة التجارية في أحيانٍ كثيرة، في أزمة تتجدد كل عام مع حلول شهر رمضان وفي فترات الأعياد، وسط تساؤلات مستمرة عن أسباب هذه الأزمة والمسؤولين عنها، دون إشارة لدور كبير لحصار غزة في الأزمة.
"أبو فادي" يعمل صرافاً متجولاً وسط مدينة غزة، يشترط على من يريد تصريف عملة أن يكون حاملاً للفكه، فعدم وجودها مع الزبائن "يوقف حاله" على حد تعبيره، وقد يخسر بسبب ذلك 50 زبونا على الأقل يوميا، أي ما يصل لنحو 100 شيكل .
ويحمل أبو فادي المسؤولية للبنوك التي تورد العملات إلى قطاع غزة، فهي كما يقول "قادرة على توفير القطع المعدنية ومع ذالك لا توفرها، هذا بالإضافة لاعتماد التجار سياسة الاحتكار، حيث يجمعون ملاين القطع النقدية المعدنية لتسيير أعمالهم".
فيما يحمل محمد مرشد صاحب محل صرافة المسؤولية لسلطة النقد، "التي يقوم دورها الرئيسي على مراقبة عمل المصارف وإدارة السياسة المالية لأراضي السلطة الفلسطينية وتوفير العملة بشكل عام"، مضيفا أن للمشكلة جزء آخر وهم التجار الذين يحتكرون القطع النقدية المعدنية الصغيرة.
ويوضح أنه كتاجر وليتجنب هذه المشاكل يحاول الاحتفاظ دائماً بمبلغ من الفكة، ليبقى على عجلة عمله دون مشكلات، لافتاً إلى أن المشكلة تنتهي عادة في أول أيام عيد الفطر بعد وصولها للذروة خلال شهر رمضان.
وكان محافظ سلطة النقد عزام الشوا أعلن الخميس الماضي عن إدخال سلطة النقد أربعة ملايين شيكل من العملة النقدية المعروفة بـ”الفكة”، إضافةً لتبديل العملات التالفة واستبدلها بعملات جديدة بما يصل إلى 50 مليونا، وإدخال 9.5 طن من العمل النقدية، لكن الأزمة مازالت قائمة ومايزال سائقو "التكاسي" يطلبون من الركاب "فكة خمسة شواقل".
ويقول مدير دائرة الدراسات في وزارة الاقتصاد حسام الريفي، إن مشكلة القطع النقدية تقع مسؤوليتها على جهتين أساسيتين، وهما سلطة النقد ومسؤوليتها توفير القطع المعدنية من البنوك الإسرائيلية، ودائرة حماية المستهلك ومسؤوليتها حماية "المواطنين" من احتكار التجار، مضيفا، "مع الأسف كلا الجهتين لم تقوما بالدور المناط بهما، الأمر الذي جدد الأزمة".
وحول عدم تعاون الوزارات في غزة مع المصارف لحل الأزمة، أجاب الريفي بأن المشكلة تكمن في حساسية مواقف البنوك وخوفها من إدراجها على القائمة السوداء الإسرائيلية أو الدولية، مبينا أن هذا الظرف تسبب بعدم توفر تواصل مجدٍ بين الجانبين.
ويرى الخبير الاقتصادي معين رجب بأن الأصل أن تكون سلطة النقد مسؤولة عن النظام النقدي ومراقبة عمل البنوك والتواصل مع دولة الاحتلال لتوريد العملات التي تحتاجها الأراضي الفلسطينية، وفق اتفاقية باريس الاقتصادية، مضيفا، "لكن بما أن إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقيات فإنها لا تلتزم بتوريد النقد المطلوب، وذلك بهدف إبقاء الاقتصادي الفلسطيني تابعا لها على الدوام".
وتنص اتفاقية باريس الاقتصادية على أن يكون للسلطة النقدية دائرة تشرف على البنوك، وتكون مسؤولة عن الأداء الملائم والاستقرار، والقدرة على سداد الدين والسيولة في البنوك العاملة داخل المناطق الفلسطينية.
ويؤكد رجب بأن عدم توريد العملة من البنوك يرجع لضعف استجابة الاحتلال لمطالب البنوك، مشيرا في الوقت ذاته لاحتكار التجار للعملات الصغيرة أثناء المواسم، دون أن يعفي سلطة النقد ووزارة الاقتصاد من مسؤوليتهما مناصفة عن الأزمة، من خلال متابعة الأخيرة التجار والأسواق وحماية المستهلك، ومراقبة الأولى أداء البنوك وتنظيم تدفق النقد للأراضي الفلسطينية.