غزة - خاص قُدس الإخبارية: زوبعةٌ قانونية وسياسية وموجةٌ من ردود الفعل المتباينة صاحبت القرار الذي اتخذه نواب حركة حماس في المجلس التشريعي الثلاثاء الماضي، باعتبار أحكام الإعدام الصادرة بحق عدة أشخاص بقطاع غزة مصادقا عليها وواجبة النفاذ.
فالعديد من الجهات القانونية اعتبرت مصادقة "تشريعي غزة" على تنفيذ أحكام الإعدام مخالفة دستورية، لعدم مصادقة الرئيس محمود عباس عليها كونه صاحب الصلاحية بذلك وفق القانون، كما رأت الفصائل الفلسطينية هذا القرار من منظور الانقسام الذي يخيم على الحياة الدستورية والاجتماعية في القطاع منذ أكثر من 10 أعوام.
حركة فتح وعلى لسان الناطق القيادي فيها إبراهيم أبو النجا، اعتبرت أن أحدا لا يملك الحق في اتخاذ هكذا قرار، "لأن هناك دولة ودستور وقواعد وثوابت توضح بأن المحكمة تعطي حكمها ثم ترسله إلى رئيس الدولة للمصادقة عليه، وهذا أمر لا اجتهاد فيه".
ورأى أبو النجا في اتصال مع قُدس الإخبارية، أن هذا القرار لا يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، مضيفًا "نحن محكومون بموقف العالم وهذا القرار سيجر لنا مشاكل نحن في غنى عنها، وسيضعنا أمام العالم في موقف المنقسمين سياسيا ودستوريا".
واستغرب ما أسماه "تسلح المجلس التشريعي برفض الرئيس المصادقة على هذه الأحكام مبررا لاتخاذ القرار"، متسائلا، "هل يراد لعباس أن يكون رئيسا في هذه القضية فقط دونا عن القضايا الأخرى؟!".
ولم يكن موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعيدا عن موقف فتح، حيث قال القيادي كايد الغول إن "هذه القرارات المبنية في ظل الانقسام تسهم في تعزيزه وتغييب القانون الأساسي الذي يجب أن يكون محددا لها".
واعتبر الغول في حديث لـ قُدس الإخبارية، أن غياب وحدة السلطة عمليا يؤدي إلى تجاوز القانون والتفرق انطلاقا من الأمر الواقع، داعيا إلى عدم استغلال الانقسام لتنفيذ أجندة خاصة بحجة غياب الرئيس أو غيره.
وتابع، "يجب أن نفصل بين الانقسام السياسي وبين وحدة القضاء، الذي يشكل ضمانة لحماية الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن هذه الأحكام قد تشفي غليل العائلات التي قتل أبناؤها، لكنه استدرك قائلا إن هناك حاجة لمعالجة مجتمعية شاملة وحقيقية للمشكلات المؤدية للجرائم، كالانقسام والفقر والبطالة، والتي تؤسس لظواهر تضعف من تماسك المجتمع.
القيادي في الجبهة الديمقراطية صالح ناصر، أشار إلى أن المجلس التشريعي والنظام السياسي الفلسطيني منقسمان، ورأى بأن هذا الانقسام يلقي بظلاله على مناحي الحياة كافة، من السياسية إلى الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، مضيفًا "هذه الأمور لا تعالج في ظل وجود الانقسام".
وطالب ناصر في حديث مع قُدس الإخبارية بإنهاء الإنقسام والعودة إلى نظامٍ سياسي وقضائي يوحد المرجعيات، بدلا من تعددها في ظل الانقسام التي أصبح الجميع بسببه يشرع كما يريد، على حد قوله.
لكن حركة الجهاد الإسلامي كان له موقفٌ مختلف تماما، إذ اعتبر القيادي خضر حبيب أن الأمن الفلسطيني خاصة في غزة خط أحمر لأنه مستهدف من أطراف عدة، مضيفا، "من تثبت إدانته ويستحق عقوبة الإعدام بعد استنفاذ الإجراءات في المحاكم، وإعطائه حقه في الدفاع عن نفسه، فالقصاص منه حياةٌ للشعب الفلسطيني".
وطالب حبيب الرئيس عباس بالمصادقة على أحكام الإعدام، غير أنه رأى أن تنفيذ الأحكام بدون موافقته واجبٌ "إذا تم تقدير المصلحة العامة التي يجب وضعها فوق كل اعتبار"، حسب تعبيره.
واستدرك حبيب الذي كان يتحدث لـ قُدس الإخبارية قائلا، "إذا كان تنفيذ الإعدام في ظل عم توقيع الرئيس والوصول إلى توافق حول الأمر سيجلب المشاكل لغزة، فمن الممكن إرجاء تنفيذ هذه الأحكام وليس إلغاؤها"، مضيفًا "يجب إعادة تقدير الأمر لدراسة للمصلحة العامة وفقا لما يراه أهل الاختصاص".
وكانت الحكومة الفلسطينية ومستشار قانوني للرئيس حذروا من تنفيذ أحكام الإعدام، وأكدوا أن الصلاحية في ذلك تعود للرئيس وحده، غير أن حركة حماس أكدت أنها وجدت حلا قانونيا لمسألة مصادقة الرئيس على تنفيذ هذه الأحكام، معتبرة أنها مطلب جماهيري بغزة.