هل تعلم يا عزيزي، أن جمهورية الثورة الإسلامية يصدر فيها أكثر من عشرين مطبوعة مهتمة بشؤون السينما؟ هذا عدا عن صفحات أخبار السينما في 140 صحيفة أخرى لاسيما في آخر عشر سنوات. و كل هذه المطبوعات في إيران يميل جزء كبير منها نحو التخصصية في النشر حول مهن السينما، "كمجلة السيناريو، أو مجلة التمثيل، أو مطبوعات للنقد، أو لأخبار النجوم، وجديد الصناعة الفيلمية،حيث تناقش بشكل مباشر قضايا عديدة من خلفيات علمية، و مهنية.
عزيزي، هل تعلم أيضًا أن صحافة السينما في فرنسا منذ 1912 م تقريبًا؟ و هناك أيضًا مجلات مختصة، شهدت تطورا تراكميًا حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، كما أن مصر شهدت صحافة السينما منذ 1923 م، وكانت بداياتها متواضعة إلى أن أصبح لها مطبوعات، ومنابر خاصة تقف عند تفاصيل كثيرة في هذا الشأن؟ عدا عن كادر صحفي مختص.
هذه الاشعارات الاستفهامية لا توحي بشيء لدى المواطن العادي الذي بالكاد يتصفح الصحيفة العامة، لكنها بالتأكيد مهمة لدى الذين يعملون في حقل السينما و التلفزيون
مهمة؛ لأنها تدفعهم و إنتاجاتهم للأمام حيث يرون نجومهم، و أبطالهم، و تشريح أعمالهم، و تمييز الضعيف من الجيد، كما أنها بالغة الأهمية لأنهم يدركون حقيقة إثارة التساؤلات حول الأعمال على صدر الصفحات، و المواقع المختصة كيف أنها تسهم في تعزيز مبدأ الجودة و الارتقاء.
لذا غيابها مدعاة للبحث عنها مجددا؛ لترسيخها و الاحتفاء بها فلا نهضة فنية في ظل تهميش إعلامي. كما أنه لا نهضة فنية بدون التفاف الصحف المختصة إن وجدت و العامة حول الفن السابع، والمتعارف بأنه فن شعبي يلامس حاجات الجميع.
ولو أسقطنا نظرة عامة على الصحف المحلية، والمواقع الالكترونية، والإذاعات، والقنوات لوجدناها فقيرة لدرجة أنك تشتهي قراءة تقرير، أو حوار، أو مقال نقدي، أو كواليس تصوير عمل ذات علاقة بالسينما. فأغلب ما ينشر هو موضوعات ذات علاقة بالفن التشكيلي، أو الإنشادي و قلة ما تجد زاوية عن موضوع يناقش قضايا فيلمية
الفقر الاعلامي هذا ربما تعود أسبابه من وجهة نظر البعض إلى الطابع السياسي العام الذي يغلب على الاهتمامات للمواطنين، وأن تناول قضايا السينما نوع من الترف، و السطحية، و هناك أمور تطل برأسها كمتطلبات يومية، وربما أيضا يعود إلى قلة الإنتاجات البصرية التي تصبح محط اهتمام الصحفيين و ربما يعود كذلك إلى انعدام الصحفيين الذين يهتمون في هذا المجال.
ولو أردت التعقيب على وجهات نظرهم لن يتسع المقال، لكن أود الاشارة إلى أن صحافة السينما ليست ترفا، ولا حملا ثقيلا، ولا أمرا خارقا؛ كي يعجز الصحفيون عن ممارستها بإبداع، واقناع وامتاع.
هذا مع ضرورة التأكيد على أهمية هذا النوع الإعلامي لطالما أننا نقول نحن نؤسس لعجلة انتاج في السنوات العشرة الأخيرة، فمن الصعب الحديث عن إقبال جماهيري نحو السينما دون كتابة اعلاني، أو نقدية، أو خبرية عن قضاياها، المجتمع حتى اليوم جزء كبير منه لا يعترف بمدى حاجتنا للسينما محليا لمناقشة الواقع المجتمعي، أو لعرض مظلومية الشعب في محافل عالمية
و ترى الكثيرون يمانعون عمل أبنائهم، و بناتهم في مجال الأفلام؛ نظرًا لثقافات ليست صحيحة استقرت في أذهانهم، و لم نجد إعلاما متخصصا يغيرها، لذا أختم بالقول، " أتمنى أن نجد صحفيين مختصين في مجال السينما يساهمون بصورة، أو أخرى في دفع واقع السينما للأمام، و تغييره نحو الأفضل من خلال ما يتناولوه بمهارة و بساطة
وأتمنى من رؤوساء التحرير أينما كان مسمى مؤسساتهم أن يخصصوا زوايا للنشر عن السينما ليس عن الفن بشكل عام هذا في ظل إيماننا أن أعمالنا البصرية من أدوات المقاومة، و على اعلامنا المقاوم أن يساند سينما المقاومة، ولا تدعونا نقول إن السينما بلا إعلام يظهر بريقها كأميرة بلا تاج.