شبكة قدس الإخبارية

أنفاق المقاومة بغزة تدمر ثقة الاحتلال بنظرياته الأمنية

هيئة التحرير

ترجمات عبرية – خاص قدس الإخبارية: يبدون أن التصريحات التي تخرج بشكل شبه يومي عن الأنفاق التي بات من المرجح اختراقها الحدود مع غزة إلى داخل عمق الاحتلال الإسرائيلي، والاعتقاد السائد لدى أجهزة الاحتلال الأمنية وجيشه بأنه ربما تكون هذه الأنفاق قد وصل عددها لأكثر من 10، عمل بالفعل على جعل الاحتلال يفكر بشكل جدي لتفكير نظرياته الأمنية في تعامله مع الاحتلال، بحسب المصادر الصحفية الإسرائيلية.

أعمال الحفر والتمشيط التي تنفذها قوات الاحتلال منذ يومين على الحدود الجنوبية مع قطاع غزة لمجر الاشتباه بوجود نفق للمقاومة دليل على أن تلك القوات باتت ترتعد فرائصها لمجرد الحديث عن وجود نفق للمقاومة.

وعلى المستوى السياسي يبدو أن هذه الأنفاق وكل ما يدور حولها من حديث وصل تأثيرها إلى داخل الحكومة الإسرائيلية التي شهدت بالأمس سجالا غير مسبوق بين زعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت وهو وزير التعليم بحكومة نتنياهو، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بنفسه اللذان تبادلا الاتهامات بعد التصريحات التي أدلى بها بينيت وانتقد فيها سياسة حكومته الأمنية في تعاملها مع غزة وأنفاقها التي تشكل التهديد الأكبر لنظرية الأمن الإسرائيلية..

تغيير نظريات الأمن

بينيت دعا في تصريحاته أمس إلى ضرورة انتهاج سياسة جديدة في التعامل مع قطاع غزة تتمثل بخلق أفق لحياة مليوني غزي.

وقال بينيت في كلمة ألقاها بمؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي المنعقد بتل أبيب أمس الثلاثاء إنه "من الأفضل الانفصال عن قطاع غزة والتسليم بالواقع القائم هناك وفصل المسئولية عن مليوني فلسطيني يعيشون هناك عبر فتح أفق للحياة أمامهم مع مراقبة أمنية".

وهاجم بينيت النظرية الأمنية الإسرائيلية قائلاً "إن تطور الأعداء ترك إسرائيل في المؤخرة"، مشددًا على ضرورة تغيير النظريات الأمنية وليس فقط عبر الأسلحة.

وأضاف منتقدا فشل النظرية الأمنية، قائلاً: "بدلاً من شراء المزيد من الطائرات والقيام بنفس الأفعال فعلينا التفكير بصورة مغايرة والبحث عن المتغيرات التي ستوصلنا إلى طريق أخرى، فجميع طائرات الـF35 باهظة الثمن لن تفيدنا بشيء أمام خمسة من مقاتلي الكوماندو لحماس الذين يشقون طريقهم تحت الأرض صوب مستوطنة نتيف هعسراه".

وتحدث عن ضرورة انتهاج سياسة مغايرة تجاه حماس وحزب الله، معترفًا بأن جيشه كان ينزف في كل مواجهة معهم عبر ضرب رؤوس هذه المنظمات وعدم منح الحصانة لأحد.

ولفت إلى وجود ثغرات كبيرة ما بين جودة قادة وجنود الجيش وبين النظرية الاستراتيجية التي عملوا في إطارها، مشيرًا إلى أن السياسة الأمنية الفاشلة ستضر بالجنود الناجحين.

وفي رد على أقوال وزير التربية، أعلن وزير جيش الاحتلال، "موشيه يعلون"، أن أقوال بينيت غير مسؤولة ووصفها بأنها "مسروقة" من جلسات المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلّي المصغر (الكابينيت). وعلق مقربون من نتنياهو على أقوال بينيت قائلين: "هو يسمع الأفكار التي تطرح في المنتديات المختلفة لدى رئيس الوزراء، وبعدها يستخدمها كأفكار خاصة به".

يشار إلى أن بينيت كان من أشد الوزراء الإسرائيليين تطرفا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة صيف 2014، حيث دعا الجيش إلى الدخول أكثر في القطاع بهدف تدمير الأنفاق التي حفرتها كتائب القسام.

المقاومة بكامل استعدادها

المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية "نوعم أمير" قال "إن الذي دفع بينيت لهذه التصريحات هو أولا اعتقاده بأن سيكون له مكاسب سياسية على المستوى البعيد في ظل نتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع شعبية نتنياهو نتيجة فشل نظريته الأمنية في التصدي لانتفاضة السكاكين في الضفة".

وأضاف "السبب الثاني هو أن بينيت الذي يمثل أحد أقطاب المجلس الوزاري المصغر "الكابينيت" أراد التفكير بصوت عال في ظل الاعتقاد السائد لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن حماس أصبحت لا تخشى المواجهة القادمة مع "إسرائيل" وأن المعطيات الميدانية تشير إلى أن الحركة تيمم وجهها بكامل استعداداتها".

وقال أمير: "كعادته يستعد الجيش الاسرائيلي لأسوء الاحتمالات بما في ذلك تسلل خلايا لحماس عبر الانفاق بهدف تنفيذ عمليات "قتل جماعي" واختطاف داخل المناطق الاسرائيلية"، وهو بالضبط ما تحدث به بينيت.

ووفقا للتقديرات الأمنية الإسرائيلية فقد نجحت حماس خلال العام ونصف الماضية بحفر الانفاق الجديدة التي تنطلق إلى شتى الاتجاهات لكن لن تجد أحدا في اسرائيل يرغب او يريد الاجابة على سؤال هل هناك انفاقا تتجه نحو اسرائيل وتجتاز الحدود من أسفلها، لكن بكل تأكيد ورغم رفض الاجابة فإن الاعتقاد السائد في "إسرائيل" أن هناك أنفاقا تخترق الحدود.

وبحسب أمير فإن نظرية العمل التي يتبناها جيش الاحتلال تقوم على عدم وجود أساس للاعتقاد بأن حماس ستتخلى عن هذا السلاح الاستراتيجي والأكثر أهمية "الأنفاق" فيما لا يوجد على طول الحدود مع غزة أي عائق حقيقي ويبدو أن إقامة مثل هذا العائق لا تلوح في الأفق القريب بسبب عدم توفر الأموال اللازمة لذلك، "وبالتالي فأن الجيش سيجد نفسه مضطرا لتغيير نظرياته الأمنية في تعامله مع غزة لأن هذه النظريات وعلى ما يبدو أثبتت فشلها خلال العام الماضي".