غزة - خاص قُدس الإخبارية: انتظر عاما بأكمله لإزالة ركام بيته المدمر من أمام عينيه لكن وزارة الإسكان تخلفت عن الأمر، فاضطر لفعل ذلك بنفسه ويزداد ألما على ألم بعد أن تسبب تدمير بيته في تشتيت عائلته المكونة من 12 شخصا في البيوت المتنقلة "الكرفانات".
ويقول عبدالحميد الفرا، إنه تعاقد مع شركة مقاولات لازالة البيت مقابل 900 دولار والحصول على ركام البيت أيضاً، وذالك حرصاً على حياة أحفاده الذين يقيمون قرب المنزل من أنقاضه.
الفرا عاطل عن العمل منذ تسع سنوات والآن يعيش في شقة أجرتها الشهرية 200 دولار، وذلك عقب استهداف بيته من قبل طائرات الاحتلال الحربية أثناء العدوان على قطاع غزة صيف عام 2013، فيما أبناؤه يعيشون في كرفانات بالقرب من البيت المهدم.
ويوضح الفرا لـ قُدس الإخبارية، أنه تعرض لمماطلة في تقديم حقوق مختلفة له، مثل عدم انتظام دفع بدل إيجار لمنزله أو إزالة أنقاض بيته من قبل وزارة الإسكان، مبينا، أنه حصل على جزء من المنحة الكويتية يفترض أن يضمن بناء بيته منذ منتصف العام الماضي لكن لا شيء من ذلك تحقق.
ويتابع، "دفعت 900 دولار لإزالة بيتي، وشركة المقاولات أخذت فوق ذلك ركام البيت والحديد المستخرج منه، وقد أصلح العمال الحديد في نفس موقع الركام، فأين يذهب الحديد؟!".
تساؤل الفرا أجاب عنه صلاح سالم تاجر الحديد المستخدم "خردة" مبينا، أن الحديد الذي يستخرج من البيوت التي تتم إزالتها يقسم لقسمين، فيذهب 40% منه لإعادة الاستخدام بعد إصلاحه وبيعه في السوق المحلي.
أما الـ 60% المتبقية من الحديد فيضغط ويباع للاحتلال ولمصانع الصلب في "إسرائيل" مقابل 400 شيكل للطن الواحد، موضحا، أن هذا المبلغ زهيد جدا ولا يساوي شيئا من تكاليف استخراجه.
ويفتقر قطاع غزة لمصانع الحديد والصلب الأمر الذي يدفع الفلسطينيين لبيع الحديد الناتج عن ركام المنازل للمصانع الإسرائيلية، حيث كانت قوات الاحتلال قد هدمت خلال العدوان على قطاع غزة نحو 100 ألف منزل.
لكن التساؤل الأكبر لدى الفرا ومثله عائلات كثيرة حول أسباب تأخر إزالة الركام لا تجد إجابة واضحة، بعد أن كان وزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة قد كشف أواخر العام الماضي عن حصول الوزارة على تمويل بقيمة 14 مليون دولار من مؤسسة سويدية لإزالة ركام المنازل.
وقال الحساينة في مؤتمر صحفي حينها، إن الوزارة أزالت 650 ألف طن من الركام ناتجة عن هدم 630 مبنى، معترفا أن آلية إزالة الركام بطيئة ولا تتناسب مع حركة الإعمار، وأن المئات ممن تضررت بيوتهم هدموها ولم ينتظروا الوزارة.
شبكة قُدس الإخبارية حاولت لأيام التواصل مع وزارة الإسكان ووكالة "الأونروا" للحصول على تعقيب حول هذه القضية، وما وصل إليه ملف إعادة الإعمار، إلا أنها لم تجد أي تعاون من الجهتين.
والجدير بالذكر أن مؤتمر المانحين الذي عُقد في مدينة القاهرة خلال شهر تشرين أو/2013 انتهى بإطلاق تعهدات بتقديم خمسة مليارات دولارات لإعادة إعمار القطاع، لكن "الأونروا" تشتكي باستمرار من نص التمويل نتيجة تخلف المانحين، وتحذر باستمرار أن يؤدي ذلك لانفجار الأوضاع في قطاع غزة.
واستنكر الناشط الحقوقي سمير زقوت، إجراء إعادة إعمار قطاع غزة وفق خطة سيري، معتبرا، أن هذه الخطة لا تتعامل مع سكان القطاع على أنهم بشر وتغفل الجانب الإنساني تماما، وتكتفي بحصر مواد البناء للمتضررين دون مراعاة حق المواطنين في البناء.
وأشار زقوت، إلى ربط كل الإعمار في القطاع بدولة الاحتلال، سواء الحصول على المواد الأساسية أو التخلص من ركام المنازل أيضا، مضيفا، "إسرائيل تدفع دائما نحو تبعية القطاع لها".
وبين زقوت، أن قطاع غزة سيعاني لسنوات من مأزق إعادة الإعمار، معتبرا أن الانقسام الفلسطيني ساهم في تعميق هذه المأزق وتمكين الاحتلال من تنفيذ مخططه، وقدم للمانحين مبررا لعدم الالتزام بدفع الأموال اللازمة لإعادة الإعمار.
وتوقع زقوت انهيار الأوضاع الإنسانية في القطاع إذا استمرت الأوضاع على هذا الحال، وهو ما أكدته أيضا وكالة "الأونروا" وحذرت منه حتى المستويات الامنية في دولة الاحتلال أيضا، وذلك في ظل استمرار تحكم الاحتلال بالمعابر حول غزة، وإغلاق مصر لمعبر رفح والخلاف الفلسطيني حول إدارته.