هو محمود سعيد عليان؛ الشهيد ابن الـ 22 ربيعا، من بلدة عناتا شمال شرق القدس المحتلة، والطالب في الكلية العصرية الجامعية في رام الله، أو لربما يمكن ان نختصر التعريف به في كلمة واحد، حينما نقول، الشهيد المبتسم.
بنظرة واحدة ستلاحظ وجود محمود في أي نشاط وطني وأي مناسبة وطنية، في مسيرات الغضب، وتشييع جثامين الشهداء، كان محمود حاضرا دائما ببصمته الخاصة، وعندما كان ينادي المنادي للتبرع بالدماء للجرحى، تجده أول المتقدمين ليقدم دماءه لأجل فلسطين.
بابتسامة تخرج من قلب طيب، تجده دائما يحاول إسعاد الآخرين، ويترك ابتسامة على وجوههم، ولا أذكر أني نظرت إليه يوما إلا ووجدته يشبه اسمه "محمودا وسعيدا"، وكأن الصفات النبيلة تُجبل مع الشهداء منذ خلقهم.
[caption id="attachment_78732" align="aligncenter" width="600"] الشهيد في جنازة الشهيد عمر الفقيه في قرية قطنة - تصوير علي عرار[/caption] [caption id="attachment_78733" align="aligncenter" width="600"] الشهيد أثناء مشاركته في دفن الشهيد الطفل احمد شراكة في مخيم الجلزون - تصوير احمد جحاجحة[/caption] [caption id="attachment_78734" align="aligncenter" width="600"] الشهيد يهتف في تشييع جثمان الشهيد وسام المنسي في مخيم شعفاط - تصوير مصطفى هريش[/caption] [caption id="attachment_78743" align="aligncenter" width="552"] محمود يهتف في إحدى الفعاليات الوطنية[/caption]"محمود حب ينجز كل شيء بسرعة، مشان يلحق يحقق حلم إمه في إنها تزوجه وتفرح فيه. بالأخير غافلنا وما نبهنا إنه عندو حلم اسمى، هو حلم الشهادة"، بهذه الكلمات تحدثت خلود أبو اليمن، زميلة محمود في الدراسة، الذي كان قد اقترب من إنهاء تعليمه والتوجه نحو مزيد من البناء في حياته لتحقيق حلم والدته بتزويجه، حيث ولد محمود بعد انتظار طويل من العائلة، وبعد وفاة والده في سن مبكرة، إذ لم يكن يبلغ محمود من العمر حين وفاة والده سوى 7 أعوام، ليعيش يتيم الأب مع إخوته الصغار، ثم يلتحق بعرس الشهادة، قبل أن يحقق حلم أمه برؤيته عريسا.
[caption id="attachment_78735" align="aligncenter" width="252"] محمود عليان مع والدته[/caption]وعودة للميدان، كان محمود أحد الحاضرين دائما وبقوة، في كل المناسبات الوطنية، كان مشاركا بها وفي أوائل الصفوف، يقود الجماهير، وعن ذلك يقول أحد الزملاء الصحافيين "لم أكن أذهب لتغطية مواجهات بيت إيل، إلا وأجد محمود هناك، كان قائدا في الصفوف الأولى دائما".
وتقدم مثل هذه الشهادات انطباعا واضحا عن شخصية الشهيد الذي كان مشاركاته وهتافاته في جنازات الشهداء أيضا، كما لو أنه يعلم أنه يوما ما سيكون أحدهم.
ويذكر احد أصدقاء الشهيد، والذي كان مرافقا له عند المواجهات، أنه طلب منه الابتعاد للخلف قليلا، حيث كان الاحتلال يستعمل الرصاص بشكل كثيف، إلا أن محمود رفض ذلك ورد على صديقه ساخرا " من بين كل هالشباب بدها تيجي فيا؟".
ولدى مرورك في حسابه الشخصي على موقع فيسبوك بعد استشهاد محمود، ستحس بين منشوراتها بأنفاس الشهيد التي لم تكن تستشعرها سابقا قبل إصابته، فكثيرا ما تجده يتحدث عن شيء آخر وكأنه يكتب خط سير حياته أمامه، مجسدا شخصية شاب عاش لأجل فلسطين واستشهد لأجلها.
اسبوع واحد كان يفصل محمود عن الشهاده بعد اصابته بعيار معدني في رأسه، لكن كل من عرف محمود عاش أسبوعا ثقيلا وكأنه اعوام ثقيلة على النفس، وهم في حالة انتظار دائم وترقب لما يمكن ان يتمخض عنه البقاء في المستشفيات، إلا أن قدر الله كان غالبا، واختار الله محمود ليكون شهيدا على درب من سبقوه من الشهداء في انتفاضة القدس من مخيم شعفاط وعناتا، الشهيد وسام المنسي، والشهيد محمد صلاح والشهيد محمد سعيد محمد علي.