رام الله – قُدس الإخبارية: فجرت حادثة اعتداء مجموعة من عناصر الأمن الوطني على فتى من بيت لحم، الجمعة الماضية، انتقادات متبادلة بين شخصيات من الجبهة الديمقراطية من جهة، وشخصيات أمنية من حركة فتح من جهة أخرى، رغم العلاقة الجيدة التي تجمع الفصيلين معا طوال سنوات.
فبعد الحادثة، هاجم القيادي في الجبهة تيسير خالد بشدة الاجهزة الامنية، قائلا، إن المشهد كان لعصابات "غستابو" وليس لأجهزة أمن فلسطينية، وهو البوليس السري الالماني الذي أسسه الحزب النازي لحمايته، والمسؤول عن تنفيذ عدة عمليات اغتيال في ذلك الحين.
وقال خالد، إن الواقعة ليست فردية كما تقول جهات رسمية، "فالمشهد المرعب" شارك فيه عدد غير قليل من أجهزة الأمن، داعيا لإيقاف المشاركين فيه وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بمشاركة قوى سياسية ومنظمات مجتمع محلي للخروج بتوصيات واتخاذ ما يلزم لمنع تكرار مثل هذه الممارسات التي تليق فقط بعصابات "الغستابو".
ومرت هذه التصريحات حينها دون أن تحدث أي جدل، في ظل الانتقادات الواسعة التي لقيتها الحادثة، واستنكار شخصيات من داخل الحكومة والاجهزة الامنية للحادثة وتبرئهم منها باعتبارها تصرفا فرديا، لكن الخلاف بين الفصيلين تفجر اليوم بعد تصريحات للقيادي الاخر في الجبهة رمزي رباح حول هذه القضية.
وقال رباح، إنه يجب حماية وحدة الصف الوطني والتلاحم للتصدي للاعتداءات الاسرائيلية، بدلا من الإساءة للمتظاهرين والتهجم على الفصائل المناضلة وأبنائها وقادتها، ما يصب في تعميق الشرخ وتأجيج الخلافات الداخلية ويؤدي إلى حرف الأنظار والجهود عن المعركة الرئيسية ضد الاحتلال، وفق تعبيره.
وبعد هذا التصريح، تحدث الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك" معاتبا ومنتقدا، لكن بحدية أقل من تلك المعتادة عنه في قضايا سابقة متعلقة بفصائل أخرى، أو جهات إعلامية أحيانا.
وبعد أن أبدى احترامه للجبهة الديمقراطية، اعتبر الضميري أن القيادي تيسير خالد قد حرف البوصلة بوصفه للاجهزة الامنية "التي ينتمي لها كثير من أبناء الجبهة بالجستابو"، قائلا، إنه لم يكن يرغب بالرد لولا أن تيسير خالد عضو لجنة تنفيذية، يقرر سياسات الأمن ويدرك أن ما تم هو عمل فردي، ويملك المسؤولية والصلاحيات بوضع الموضوع على طاولة اللجنة التنفيذية في أعلى المستويات ومحاسبة المسيء، حسب قوله.
وأضاف الضميري، أن كلام خالد كان قد اعتبر سقطة وزلة لسان، وقد طلب منه "الاعتذار بشجاعة" عنه، لكن تصريح رمزي رباح اليوم "ووقوعه في نفس الخطأ"، أكد أن هذه التصريحات تمثل منهجا لا عتابا، معتبرا، أن الجبهة تردد ألفاظ حركة حماس وأسلوبها وهي "عدوة الشرعية الفلسطينية" التي تعتبر الجبهة الديمقراطية جزءًا منها.
وتابع، "إن كنتم قد اخترتم تحالفا جديدا غير الذي انتم به الآن فهذا شأنكم، ولكن تصبحون لا تملكون الحق بالعتب علينا بروح اخوية ورفاقية ما دام هذا خياركم، أتمنى أن تكون زلة أخرى وللصديق على الصديق مئة زلة وزلة، فما بالكم على الرفيق". وفق تعبيره.
وبعد وقت قصير، جاء الرد على هذه التصريحات من القيادي في الجبهة طلال أبو ظريفة، الي استغرب ما وصفها بـ"الهجمة غير المبررة" من قبل عدد من الناطقين على شخص تيسير خالد، بسبب تصريحه حول الاجهزة الامنية وتشبيهها بعصابات "الجستابو".
واعتبر أبو ظريفة، أن هذه الهجمة تهدف لحرف الانظار عن التخبط الذي عبرت عنه الاجهزة الامنية في البداية بأنه عمل فردي، وعن أسباب وجود أجهزة الأمن الفلسطينية في موقع المسيرة ودوافع قمعها لها، وقد خرجت منددة بانتهاكات الاحتلال في الاقصى والقدس، متسائلا، "ماهي الوظيفة التي أدتها هذه الأجهزة وما الرسالة التي أرادت ارسالها بهذه الفعلة النكراء ولمن؟".
وأضاف، أن من يتهم الآخرين بحرف البوصلة الوطنية يحاول الاستخاف بقول الشعب وقواه السياسية، فمن يدير الظهر للإجماع الوطني الذي يرفض التنسيق الأمني هو من يحرف البوصلة، ويضع الاجهزة في مواجهة أبناء الشعب المحتجين على جرائم المستوطنين، ما يؤجج صراعا داخليا لا يستفيد منه سوى الاحتلال.
وتابع، "لا أريد أن اذكر أيا من الأسماء التي أساءت للجبهة الديمقراطية ولشخص الرفيق تيسير خالد، فإساءاتها مردودة عليها، ونحن تعودنا أن نكون بسلوكنا وممارساتنا للعلاقة الوطنية اكبر من النزول إلى مستوى الردح والتطبيل".
وأشار أبو ظريفة إلى أن الجبهة تواجه بالقول والفعل أيضا أي سلوك يمتهن كرامة المواطن أو يضيق الخناق عل الحريات السياسية أو العامة أو الخاصة من قبل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة.