شبكة قدس الإخبارية

الحرب على البسطات

ماهر الحمد الله

في حرب ليست جديدة على بسطات الفقراء في المدن الكبيرة ومحاصرة الأسواق الشعبية في المدن الفلسطينية، باستخدام حجة واهية وهي تنظيم السوق يقف المواطن الفلسطيني يائساً من الوضع العام التي تجرنا له السلطة ومشتاقاتها.

ففي قلقلية تم تدمير سوق الخضار وفي طولكرم صاحب بسطة يحرق بسطته احتجاجاً، ولكن في رام الله شركات كبيرة مسؤولة عن توفير خدمات اساسية مثل الكهرباء لا رقابة عليها، وتخلق حالة من الازمة السياسية والاقتصادية للسلطة نتيجة فسادها وعدم أخلاقيتها، فإحدى تلك الشركات لم تنشر تقاريرها المالية وفيها تحقيق حول اختلاسات، واخرى تنشر تقريرها المالي لتزيد عدد موظفيها خمسة ليزداد بالمقابل تكلفة الرواتب حوالي 13.6 مليون شيكل، غير مصاريف الضيافة التي تضاعفت وغير التلاعب الواضح في التقرير المالي، لكن رغم ذلك السلطة تحاول ان تساعد تلك الشركات وتقوم بدفع جزء من ديون تلك الشركات للجانب الاسرائيلي.

شركة دخان ملاكها انفسهم مجلس ادارتها وعددهم سبعة يتقاضون 556343 دينار سنوياً حسب تقريرهم المالي، يطالبون السلطة دوماً بملاحقة مزراعي الدخان وبائعي الدخان الحلل وذلك بحجة تأثيرهم على المنتج الوطني الذي يحتكرونه.

اما البنوك ومؤسسات الاقراض التي انهكت المواطن الفلسطيني بالفائدة العالية وسهولة الاقتراض، وحتى نفس السلطة لم تنجو من قروض تلك البنوك وفوائدها.

و شركات الاتصالات والانترنت التي تحقق ارباح خيالية على حساب المواطن الفلسطيني لفئة محدودة من المستثمرين واصحاب راس المال.

وكبار التجار الذين يتهربون من الضريبة والمقاصات التي تكلف السلطة ملايين الدولارات لصالح الجانب الاسرائيلي، وعلى الرغم من ذلك فالاسعار مقارنة بالدخل عالية جداً.

وهناك حديث عن الاستثمارات بارقام خيالية ، فمرة نسمع النية بافتتاح شركة اثاث عالمية فرع في فلسطين، ومرة نسمع عن افتتاح مدارس تكلفتها ملايين الدولارات واستحضار عمالة اجنبية، ومرة نسمع عن افتتاح فنادق ومطاعم باسعار خيالية، كل هذا يهلك الاقتصاد الفلسطيني ويؤثر سلباً على السوق.

أما عن أسعار العقارات والاحتكار فيها حدث ولا حرج، فخلو أحد المحلات القديمة في وسط مدينة نابلس يتجاوز المئة الف دينار على الرغم من مساحته الضيقة، اما رام الله تلك الفقاعة العقارية التي يتوقع في السنين القادمة ان تنافس نيويورك ولندن في اسعار الشقق والايجار فلا رقيب عليها ولا على محلاتها ولا مؤسساتها المدنية.

كل هذه العشوائية في السوق لم تراها السلطة ولم تتعامل معها بحزم  لسبب بسيطة أن السلطة لا تملك السياسات والادوات المالية والنقدية، ولا تملك الحق في مراجعة تلك الشركات لنفوذ اصحابها وقوتهم الاقتصادية، لكنها قادرة على معالجة عشوائية البسطات وكأن مدننا تملك من البنية التحتية والتنظيم القدر الذي يجعل المواطن منزعجاً من وجود بسطة في شارع ليبتاع منها مواد غذائية بسعر اعلى من سعر التكلفة بقليل، تلك البسطة التي تسيء لاقتصاد استغلالي وهمي بطهارتها وعفويتها.