جنين – خاص قُدس الإخبارية: الموعد هو الساعة السادسة بتوقيت فلسطين من مساء اليوم الإثنين، يجلس كرم زكارنة في جنين مترقبًا خبرًا عن أخته سالي بعد 16 عامًا من الغياب والبحث، إلا أن التأجيل كان سيد الموقف مرة أخرى، يعلق كرم: "أنا شايف أكشن بكل معنى الكلمة".
كرم زكارنة (20 عامًا) من قباطية قضاء جنين، طالب في قسم الإذاعة والتلفزيون بدائرة الإعلام في جامعة النجاح الوطنية، تجول في موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر بحثًا عن أخته من أبيه سالي (27 عامًا) في السويد، إلا أن كافة محاولاته باءت بالفشل، ليلجأ إلى إطلاق هاشتاغ #أختي_سالي أو #Mysistersally محاولا تحقيق ما يريد.
أول الحكاية، أن طلاقًا وقع بين والد سالي وأمها عندما كانت في الرابعة من العمر، لينتقل الأب إثر ذلك من الأردن إلى مسقط رأسه قباطية تاركًا خلفه سالي وأمها، ثم يتزوج مرة أخرى ويرزق بكرم عام 1995، ليكون بين كرم وأخته حدود واحتلال.
وينقل كرم لـ قُدس الإخبارية، عن والده أنه كان خلال تلك الفترة يتردد على الأردن لمشاهدة ابنته، حتى اندلاع الانتفاضة الثانية ومنعه من السفر بقرار إسرائيلي، مبينًا، أنه خلال تلك الفترة التقى سالي مرة واحدة.
ويضيف كرم، أن اللقاء اليتيم تم في الأردن عام 1998، وقد بلغ عمره حينها ثلاثة أعوام فيما بلغ عمر سالي 10 أعوام، موضحًا، أن اللقاء تم في مدرسة سالي ولخمس دقائق فقط، وأنه يذكر لقطات قليلة من المشهد.
بعد ذلك بوقت غير طويل، تزوجت أم سالي من رجل يحمل الجنسية السويدية، وانتقلت مع سالي برفقته إلى السويد، ولم يتلو ذلك أي اتصال هاتفي أو رسالة إلكترونية بين الطرفين.
ويتابع كرم سرد الحكاية قائلاً، إن ابنة عمه زُفت إلى مقرب من أخوال أخته سالي عن طريق الصدفة، ليكون ذلك حلقة الوصل بين أحد أخوال سالي ووالدها وشقيقها من جديد، ويضيف، بعد عدة مكالمات بين أبي وخال سالي، صرت أتصل أنا به وأطلب منه المساعدة، وقد تكررت وعوده وانتهى الأمر برفض ضمني من أم سالي لأي تواصل معنا، ويعلق، "أستطيع أن أجد مبررًا لها، فهم ذاقوا المر".
ويبين كرم، أنه وحتى عام ونصف لم يكن سفره إلى السويد ممكنًا كونه لم يتجاوز الثامنة عشر، بالإضافة لصعوبة تحقيق ذلك ماليًا، ويضيف، أنه بدأ مؤخرًا البحث عن أسماء مختلفة يمكن أن تكون أخته سالي قد استخدمتها لحسابها عبر موقعي فيسبوك وتويتر لكن دون فائدة.
ويوضح، أنه وجد إثر ذلك أن أكثر الحلول جدوى هو إطلاق حملة إلكترونية ووسمين باللغة العربية واللغة الإنجليزية، لمحاولة الوصول إلى أخته أو إلى من يساعده في ذلك.
بعد ساعة واحدة فقط، كان "الوسم قد وصل للسويد وللجالية الفلسطينية هناك، لينجح فلسطينيون هناك بتحديد مكان سكن سالي وأمها، ويحددوا الساعة السادسة من مساء اليوم، موعدًا لزيارة العائلة وأبلاغ سالي ببحث شقيقها عنها.
لم يُخفِ كرم خلال حديثه لنا تخوفه من رفض أخته لقاءه بسبب ماعانته والدتها سابقًا، موضحًا، أنه وضع بالحسبان تغيير شكل الحملة إلى أدخال وسطاء وطرق أخرى، إلا أن ما لم يكن بالحسبان هو انتقال العائلة من سكنها إلى سكن آخر، وفقًا للمتبرعين بالوصول إلى أم سالي اليوم، والذين أكدوا أن هذا الانتقال تم قبل وقت من انطلاق الحملة.
التقط المتبرعون صورة للعمارة السكنية التي كانت سالي تقيم فيها وأرسلوا الصورة لكرم، واعدين بالوصول إلى سكنها الجديد فور تحديد تثبيته لدى السلطات السويدية المختصة، ما يعني تأجيل اللقاء المرتقب أسبوعًا إلى أسبوعين آخرين، وفقًا للمتبرعين.
16 عامًا مضت على اللقاء الوحيد، لن تكون رغم طولها أكثر صعوبة من الأسبوعين المقبلين على كرم، وهو يترقب لقاءً بات يراه اليوم أقرب من كل ما مضى وأبعد في آن معًا، فيما تتعلق روحه بحبال الصبر والأمل والتفاؤل إلى حين.