كتب: جهاد حرب
"في المصالحة" اسم مجرور يحتاج إلى فعل وفاعل ليصبح مفعول به في الجملة الفعلية، أو خبر مجرور يحتاج إلى مبتدأ في الجملة الاسمية. أي بمعنى آخر ليصبح جمله مكتملة لها معنى أو ذات مغزى مفهوم. في كلا الحالتين المفعول به والخبر يحتاجان الى المبادأة والمبادرة، وهذا الامر بالتأكيد ينطبق على المصالحة.
اتفق تماما إلى ما ذهب إليه العديد من الكُتّابِ والمحللين من تشاؤم لزيارة وفد منظمة التحرير الفلسطينية أو وفد الفصائل الفلسطينية إلى قطاع غزة دون حمله مقترحا جديا يقدم أمرا فعليا لحل مشاكل عملية، ودون أن تكون قيادة حركة حماس جادة بتسليم الحكم لحكومة الوفاق الوطني.
هنا يبرز ايضا مدى جدية الاطراف الفلسطينية المختلفة على السعي للوحدة الوطنية، ورغبتها في تحمل الاعباء الناجمة عنها وفقا للمقدرة المتوقعة دون تحميل الطرف الاخر عبئا أكبر مما يستطيع، أو افناء الاخر وتغييب مصالحه كلية، أي على قاعدة "لا تموت الغنم ولا يفنى الذيب" أو اللعبة الصفرية التي تعني أن خسارة طرف من الأطراف هو بمثابة مكسب للطرف الآخر، أي بمعنى آخر وضع قواعد للعبة متفقٌ عليها.
دون الدخول في نقاش معضلة من أسبق "البيضة أم الدجاجة" لوضع العصى في الدواليب أي دفع رواتب موظفي غزة وإعادة الاعمار أم فرض سيطرة الحكومة في قطاع غزة. بمعنى أدق دفع الرواتب يحتاج الى خضوع الموظفين لقرارات وتعليمات الحكومة، وفتح المعابر يحتاج إلى حكومة مسيطرة على الارض، وإدخال مواد الاعمار تحتاج إلى معابر مفتوحة، وجميعها تحتاج اتفاقات خارجية والتزامات دولية.
بمعنى آخر نحتاج إلى مبادر يقود عملية تغيير قادرة على تلبية احتياجات المواطنين من ناحية ومعززة للوحدة الوطنية من ناحية ثانية. هذا الامر يحتاج إلى مقياس لقياس حسن النوايا متفق عليه، أي معايير تقيس حسن النوايا بشكل عملي، واضح ودقيق ومعلن بعيدا عن النصوص الغامضة أو المفتوحة القابلة للتأويل والتفسيرات المتعددة، والأخذ والرد والخلاف حول نوايا كل واحدة منها، أو مدى انسجامها مع النقاش الذي دار في غرف وردهات الحوار والمفاوضات بين الفصائل المختلفة أو بين حركتي فتح وحماس.
المصالحة دون تقديم حسن النوايا، ودون مبادر، ودون اطار يحدد قواعد اللعبة، ودون استعداد لتحمل الجميع للأعباء الناجمة عنها، تبقى اسم بلا معنى أو مغزى وهي كذلك لا تكوّن جملة مفيدة دون مبتدأ أو فاعل.