شمس شناعة
التزاماً مني بحرية الرأي والتعبير التي ضمنها لي القانون الأساسي الفلسطيني، ورغبة في الحفاظ على نقابه الصحفيين، باعتبارها الإطار الجامع للجسم الصحفي في وطني، وصوناً للدماء التي سالت لتحمي هذا الجسم النقابى العظيم، فإنني أطالب باستقالة نقيب الصحفيين وأعضاء الأمانة العامة، بسبب فشلهم في الحفاظ على مكتبسات الصحفيين ومصالحهم، واخفاقهم في القيام بدورهم في السياق الوطني والاجتماعي، وعملاً بالايجاز في عرض الموقف، فإنني أضع بين يدي القارئ الكريم الأسباب التي دفعتني إلى المطالبة بهذه الخطوة، على النحو الآتي:
أولاً: خروج نقابة الصحفيين عن اختصاصها ودورها المنوط بها، مما تسبب في اضعاف الجسم النقابي، الممثل الوحيد للصحفيين، وهو أمر انعكس بالسلب على الصحفيين، والسبب في ذلك موافقة النقابة على تفويض معهد الإعلام في جامعة بيرزيت جزءاً مهماً من اختصاصها، وهو طرح مشاريع القوانين الجديدة أو المطالبة بسن قوانين للصحافة، تضمن حرية الصحافة والحفاظ على حقوق الصحفيين، فلماذا وافقت النقابة على ذلك، سواء كانت موافقة صريحة أو ضمنية، ولماذا شاركت في حفل افتتاح المشروع، ألم يكن الأجدر بها أن تسجل هذا الإنجاز في صفحات أنشطتها وبرامجها النقابية؟، لكن المشكلة أن الأمانة العامة تجهل أهمية ودور وجود قوانين حديثة للصحافة وأهميتها للمجتمع.
ثانياً: عدم دعوة خبراء القانون والإعلام والصحفيين في غزة للمشاركة في حفل الافتتاح، وتهميش دورهم في التشاور والنقاش، والأدهى من ذلك أن كل من ذكرتهم من فئات إعلامية، بمن فيهم أعضاء الأمانة العامة في قطاع غزة، لم يكن لديه العلم بوجود هذا المشروع من أساسه.
ثالثاً: عدم ضم أى خبير قانوني أو إعلامي أو صحفي من غزة إلى الفريق الذي تم تشكيله للعمل في هذه الخطة.
رابعاً: عدم تطبيق أنشطة المشروع، والتي بدأ العمل بها منذ 40 يوماً في قطاع غزة، ورغم اعتراضنا على طبيعتها ومضمونها وطريقة العمل فيها، فإن ذلك لا يعني حرمان صحفيي غزة وطلبة الإعلام من الاستفادة منها، والمدهش في ذلك أن المعهد قام بعمل أنشطة في مناطق 1948، وتكمن الخطورة في الموضوع أن المشروع مدته ثلاثة أعوام، والتمويل حسب ما يرشح من معلومات ضخم جداً، لذلك سيستفيد منه مئات الصحفيين وطلبة الإعلام، من ناحية أكاديمية، كما سيستفيد منه الكثير من خبراء القانون والإعلام والمؤسسات المدنية، وذلك أثناء النقاش العملي وهو أمر من شأنه تقوية تحصيلهم العلمي.
خامساً: عدم تنفيذ المشروع في قطاع غزة سيساهم في إعاقة نشر ثقافة الحريات وسيادة القانون في القطاع، حيث أن عقد ورشات العمل والمؤتمرات واللقاءات مع طلبة الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني حول قانون معين يساعد على نشر مبادئ الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير.
سادساً: مدة المشروع طويلة، وما يتم تنفيذه من أنشطة غير مناسب لعنوان المشروع، لأن ما يتم العمل عليه حالياً هو تدريب بعض الصحفيين على فنون الكتابة والتصوير، وهذا جيد ولكن هناك مئات المؤسسات التي تعمل في هذا المجال، فقد كنا نتوقع من معهد الإعلام في بيرزيت أن يتم التركيز على المسائل القانونية، وعقد اللقاءات والمحاضرات لمناقشة هذه القوانين، فالصحفي الناجح هو الذي يمتلك الثقافة القانونية، وهذا ما يتوجب أن تسعى له السلطة والمجتمع، كنا نتوقع أن يتم مناقشة الصحفيين بالمبادئ العامة التي يجب أن يرتكز عليها القانون، وأن يأخذ النقاش مع الصحفيين والخبراء الشكل المعمول به في المجلس التشريعي عند سن القوانين، مع فتح الأبواب للجميع للمشاركة، ثم يتم تكليف لجنة إعلامية وقانونية لصياغة القوانين، ويتم عرضها على الصحفيين لأخذ آراءهم، ثم اعطاء مؤسسات المجتمع المدني الفرصة لمناقشة مواد هذه القوانين مع أعضائها وفئات المجتمع، بمعنى خلق حراك قانوني مجتمعي ليعلم المجتمع أهمية الصحافة، ويحافظ عليها، لأنها سلطته في الرقابة والوسيلة المعبرة عنه لدى مختلف الجهات.
لهذا وكله، فإنني أتوجه إلى نقيب الصحفيين ومجلس نقابته أن يقدموا فوراً استقالتهم، ويعتذروا لجمهور الصحفيين عن اخفاقاتهم وفشلهم بعد الانتكاسة التي حققوها في صيانة الجسم الصحفي وصياغة القانون الذي يليق بتضحيات الحركة الوطنية الصحفية عبر عقود طويلة.