شبكة قدس الإخبارية

بعد 13 عامًا .. الريماوي يحضن طفله مجد لأول مرة

ديالا الريماوي

فلسطين-خاص قدس الإخبارية: عندما يصبح الحلم حقيقة، وينتصر الأسيرُ على سجّانه يكون عبد الكريم الريماوي أحد عناوين هذا الانتصار، فبعد 13 عاما من المعاناة والحرمان يسجّل الريماوي انتصاره على السجّان أكثر من مرة، كانت أولها عندما هرّب نطفته من داخل الأسر ويتوج نصره بعد تسعة أشهر بطفله مجد، والمرة الثانية عندما اعترفت محكمة الاحتلال مجبرة بطفله مجد وسمحت له بالزيارة.

الاحتلال يحاكم الريماوي بتهمة الإنجاب

عبد الكريم الريماوي والمحكوم بالسجن لـ (25 سنة) من قرية بيت ريما غرب رام الله، قضى منها ثلاثة عشر عامًا ونصف، كان ثاني أسير ينجح في تهريب نطفته من داخل الأسر في نهاية عام 2012، ليرزق بشقيق لابنته الوحيدة قبل أسره رند.

وتوضح ليديا الريماوي زوجة الأسير عبدالكريم، إنها وبعد إنجابها مجد بأسبوعين أخذته لزيارة والده في أول زيارة لها بعد الإنجاب لتبدأ حكاية جديدة، فبعد أن جاء دور ليديا للزيارة تفاجأ الجنود بحملها رضيعًا بين يديها وعندما سألوها عنه أجابت، "هذا طفلي مجد".

وتقول لـ قُدس، "بدت علامات الاستغراب والتعجب على وجوههم وقالوا لها، "عبد الكريم الريماوي مسجون لدينا منذ 12 عامًا وليس لديه سوى ابنة واحدة فكيف ينجب طفلاً وهو المعتقل؟".

بعد أن علمت مصلحة السجون بوجود رضيع لأسير فلسطيني، قرر أن يعاقب الأسير عبد الكريم وعائلته وأن يكون قضاؤه هو الفاصل في قضية الاعتراف بالطفل مجد، فكانت تلك القضية الأولى من نوعها في محاكم الاحتلال، فيما اتخذ الاحتلال إجراءات عقابية بحق الأسير وعائلته.

وتضيف الريماوي لشبكة قدس، "كانت أولى جلسات المحكمة في شهر آب من العام الماضي، وفي شهر نيسان من العام الجاري تم اصدار قرار بمنعنا من زيارة عبد الكريم وبقي هذا القرار يتجدد حتى شهر ايلول من هذا العام".

ولم تعترف المحكمة الاسرائيلية أول الامر بالطفل متذرعة بأنه ليس ابن الاسير.

مجد ووالده ينتصران على الاحتلال

وكانت العائلة في انتظار حكم جديد من المحكمة الاحتلال في نهاية شهر أيلول الماضي يسمح لهم بالزيارة، فجاء المنع هذه المرة فقط بحق الزوجة والأولاد، واعترفت المحكمة بالطفل مجد بعد اعتراف الأسير عبد الكريم بتهريب نطفته، لكنها لم تسمح له بالزيارة.

وتوضح الريماوي، أن المحامية عبير بكر التي توّلت قضية عبد الكريم ومجد تقدمت إثر ذلك باستئناف جديد حتى حصلت على قرار من المحكمة في منتصف شهر تشرين الأول يسمح لمجد بزيارة والده.

يوم أمس الثلاثاء، كان موعد اللقاء الأول بين مجد ووالده، لتبدأ رحلة ابنته رند ووالدة عبد الكريم وطفله مجد إلى سجن النقب، في زيارة اختلفت تماما عن زيارات عبد الكريم طوال ثلاث عشرة عامًا، حيث حملة نكهة فرح وانتصار على خلاف الزيارات الممزوجة بالألم.

مع تكبيرات المؤذن لصلاة الفجر انطلقت العائلة في مشوارها إلى سجن النقب، وعلى الرغم من قرار منعها بزيارة زوجها إلا أنها لم تقبل باستثناء نفسها من فرحة الانتصار التي حققتها بصمودها وإصرارها، فرافقت العائلة بتصريحها السنوي وتذكرة الصليب الأحمر لتستطيع تجاوز حاجز بيت سيرا وتصل إلى سجن النقب.

وعند موعد الزيارة في الفوج الثالث توجهت ليديا ورند وجدتها ومجد، فسمحت المجندة لرند وجدتها بالدخول وقالت لليديا أنت والطفل ممنوعان من الزيارة، مشكلة بذلك مفاجأة خالفت جميع التوقعات لوجود أمر محكمة يسمح لمجد على الأقل بالزيارة.

وبعد جدل أكدت إدارة السجن منع مجد من الزيارة، قبل أن تتصل ليديا بالمحامية بكر لتتدخل متصلة بعدة جهات وتنجح في استصدار قرار بتنفيذ حكم المحكمة، بكى مجد رافضًا أن تحمله المجندة، فحضرت شقيقته رند وحملته موجهة للمجندة كلمة وحيدة، "انتصرنا".

اللقاء الاول

دقائق قليلة تفصل مجد عن لقاء والده، وعيون تنظر بترّقب إلى مجيء الجندي الذي سيفتح باب غرفة انتظار أهل الاسرى، فتح الباب وبدأ الأهل بخطوات سريعة بالمشي في ذلك الممر الضيق من أجل الوصول إلى غرفة الزيارة، وكانت تلك المرة الاولى التي ينظر فيها عبد الكريم بعينين مغرورقتين بالدموع فرحًا لطفله الذي حرم من ضمه طيلة عام ونصف.

وقالت ابنة الاسير رند لـ قُدس، إن والدها حاول إخفاء دموعه عنهم عند رؤية مجد، وبدأ بالحديث مع مجد وتقبيله عبر الحائط الزجاجي الذي حال دونه ودون مجد، فرد مجد قائلاً، "بابا، ماما، تيتا".

خمس وأربعون دقيقة غير كافية للأسير الذي يرى عائلته مرة واحدة في الشهر، فكيف لأسير يريد أن يوقف الوقت ليبقى مع طفله، طلب عبد الكريم من الجندي إدخال مجد إليه وعندما أمسك بمجد واستطاع لأول مرة أن يحضن ابنه بدأت دموعه تنهمر على وجنتيه، لم تكن الفرحة مقتصرة على عبد الكريم فالاسرى في غرفة الزيارة شاركوه فرحته، أضافت رند.

وتابعت، "بدأ الاسرى بالتجمع حول والدي وبدأوا باللعب مع مجد تاركين مقاعدهم فارغة، والأهل ينظرون عبر الحائط الزجاجي إلى فرحة ابنائهم بوجود مجد بينهم وبين يدي والده".

تجربة عبد الكريم وليديا والتي حملت بين طياتها قصة صمود وقوة إرادة ممزوجة بالألم والوجع، تمثل تجربة تنتظرها سبع عشرة امرأة أنجبن أطفالا بعد تهريب النطف، وكنّ ينتظرن ما يحصل مع ليديا حتى يقدمن على نفس الخطوة ويصطحبنّ ابنائهن إلى الزيارة وفي حال لم يسمح للأطفال بالزيارة سيرفعن قضايا في محاكم الاحتلال.

 10624708_396414807173953_7201839177432408111_n

[caption id="attachment_54677" align="alignnone" width="450"]رند تحمل شقيقها لوالده رند تحمل شقيقها لوالده[/caption]