شبكة قدس الإخبارية

حمساويون وراء تفجيرات غزة!؟

أحمد البيقاوي

في قطاع غزة، انفجرت القنابل أمام بيوت قيادات حركة فتح، وبدأت التصريحات وتبادل الاتهامات بالانتشار، وما بين تيار عباس وتيار دحلان في حركة فتح، وما بين كليهما وحركة حماس ضاع المتابع وغرق في التفاصيل والمعطيات، وبعد التأخر المستمر من قبل المسؤولين في الكشف عن أيّ خيط قد يحصر المتهمين وأهدافهم، نضطر اليوم لتتبع حدسنا وتحليل ما بين أيدينا من معلومات لفهم دوافع ومصالح منفذي التفجيرات وحصر المتهمين.

إن انطلقنا من أهم النتائج لهذا العمل، والتي سنجد على رأسها  ضرب المصالحة، وقتل محاولات دخول قوات أمن السلطة في رام الله لغزة، وتسلم سلطة رام الله لزمام الأمور فيها، وعرقلة عملية إعمار غزة البطيئة المعقدة، وصولاً إلى إفشال خطوات تخفيف الحصار عن أهالي غزة وفتح المعابر، سنجد أن الضرر الأكبر يعود على حماس وسلطتها، التي كانت وما زالت تحاول سريعاً التخلص من السلطة وتبعاتها التي لم تعد تحتملها، وأثقلتها بما يكفي للتصريح علناً عن إبداء استعدادها للتنازل عن الكثير مقابل التخلص من هَم السلطة ومسؤولياتها.

وكون حماس المتضرر الأكبر، فهذا لا يلغي استفادة تيار بداخلها لا يريد لهذه المصالحة أن تسري، كونه سيخسر الكثير من امتيازات السلطة التي تجعل يده اليد العليا في القطاع، والذي في ذات الوقت، يرى في عودة الأجهزة الأمنية مغامرة قد تعيد الزمان للوراء، وتجرّه لمواجهة جديدة معها، سيحسمها بالتأكيد لصالحه، ولكنه اليوم بغنى عنها.

هذا التيار الرافض للمصالحة لم يعد محدوداً كالسابق، فقد صار مدعوماً بشريحة واسعة من الموظفين غير المعترف بهم من قبل حكومة رام الله، والذين يتم تجاوزهم، وتأجيل نقاش قضيتهم بشكل متتالي خلال نقاش ملفات المصالحة، وما بين رفض الاعتراف بهم من حكومة رام الله والرئاسة الفلسطينية، وتجاوز قضيتهم من قبل حماس، ولو جزئياً، والتعامل معها وكأنها ورقة على طاولة المفاوضات، يشعر هؤلاء اليوم أن المصالحة إن تمت ستتم على حسابهم، أو دون أخذهم بعين الاعتبار، على أقل تقدير، تماماً مثلما شعر المعتقلون السياسيون وأهاليهم في الضفة الغربية عندما تعاملت معهم حماس على أنهم مظهر من مظاهر الانقسام يمكن انهاؤه والملفات الثانوية الأخرى بعد اتمام المصالحة!.

إن حاولنا دارسة فرص ذاك التيار في تنفيذ هذه التفجيرات، سنجدها أكثر من فرص غيره بكثير، نظراً لسهولة حركته داخل المربعات الأمنية في القطاع بعيداً عن الرقابة المشددة على غيره، وقدرته على تجاوز الحواجز الأمنية الكثيرة والانتشار وتنفيذ الانفجارات بشكل منظم وبدقة، دون قتل أو أذيّة أحد.

أما الجهة الثانية، فهي تيار دحلان، والذي في حال نجاح المصالحة، وسيطرة الأجهزة الامنية التابعة لسلطة رام الله على زمام الأمور في غزة، سيخسر ذاك التيار ورقة غزة التي أصبحت ورقته الأخيرة الفلسطينية بعد تصفية رموزه في الضفة الغربية وملاحقة كل تحركاته، والذي بالتأكيد سيتم تصفيته -ولو جزئياً- على غرار ما تعرض له في الضفة، هذا غير أنّ غزة تعتبر ميدانه الفتحاوي الذي ينافس فيه عباس وتياره بقوة، حتى صار اليوم نداً حقيقياً له.

ولكن في العودة لتاريخ دحلان وتياره، ومحاولاته البائسة لزعزعة أمن غزة ، وإطلاقه الصواريخ المدفوعة التي لا يعرف صاحبها خلال الهدن المتفق عليها، لتوريط فصائل المقاومة مع الاحتلال في مواجهة غير مستعدة لها قد تغيّر من موازين القوى في القطاع، يبقى هذا التيار معروفاً بمحاولاته الغبية المكشوفة، وملاحقته ومتابعته المكثفة من قبل الأجهزة الأمنية هناك، وعلى ذلك، قد نستبعد قدرته على تنفيذ سلسلة كهذه من الانفجارات، في ظل المساحة الضيقة جداً التي يتمتع بها، وفي وقت يستطيع فيه تنفيذ تفجير واحد ينال من شخصية اعتبارية فتحاوية، قد تؤدي الغرض وأكثر، على سبيل المثال.

ولا نستطيع تجاوز تيار عباس، والذي سيصب هذا العمل في صالحه بطريقة أو بأخرى، ولإيمان عباس بعدم قدرته على السيطرة الحقيقة على أركان القطاع، فقد  كان وما زال يتجنب التورط في حكم غزة بشكل كامل، بالرغم من حاجته لتصفية ورقة دحلان الأخيرة أولاً، وللتربع على مقعده في مصر بعد القضاء على غريمه فيها، وضرب صورة حماس التي ارتفعت أسهمها على حسابه بعد الحرب الأخيرة، والاهم من ذلك، أن يجلس على كرسي الرئاسة ويتحدث باسم “دولة” فلسطين و”شطريها” تحت سيطرته الكاملة، ولكن في ذات الوقت، كل ما سبق لا يرفع من الاحتمالية القليلة جداً التي تشير إلى تنفيذه هذا العمل.

وعلى ما سبق، يبقى التيار المتضرر والرافض للمصالحة داخل حماس وتيار دحلان في صدارة المتهمين، ومع أخذ الرقابة والمتابعة والتضييق المشدد على تيار دحلان بعين الاعتبار، وفي حال صحّت الصورة النمطية التي صدّرتها حماس، ورأينا ملامحها مكتملة منذ اليوم الأول لسيطرتها على القطاع وحتى اليوم الأخير في الحرب، حول المراقبة الشاملة لكل مشتبه داخلي أو خارجي، والسيطرة الكاملة على كل حواري القطاع، ومع عدم إعلانها عن أي خيط يشير إلى المنفذين حتى اللحظة، بالرغم من قدرتها على ذلك، كما عهدناها، وبالتزامن مع إشارتها تارة إلى الخلافات الداخلية في فتح، وإلى مصالح الاحتلال وصرف النظر عن أحداث الأقصى تارة أخرى، دون أيّ دليل، تبقى أصابع الاتهام الأكثر تشير إلى مجموعة او تيار رافض ومتضرر من المصالحة داخل حماس وعودة سلطة رام الله وأمنها إلى غزة.

مع كل ساعة تمر دون الكشف عن منفذي انفجارات غزة ومن ورائهم، تزداد أصابع الاتهام على حماس، وتقلّ على غيرها، وحتى تكشف لنا حماس أيّ خيط يبعد عنها هذا الاتهام الخطير، ويحوّل الأصابع المتزايدة إلى غيرها، ستبقى هي المتهم الأكبر، وقد تتحول إلى المتهم الوحيد قريباً!