خاص شبكة قدس: عند الخامسة فجرًا، استفاق الطفل أحمد سمير 14 عاما على وقع طرقات جنود الاحتلال لباب منزل عائلته، وخلال لحظات وجد نفسه طريح الأرض تحت أقدام الجنود قبل أن يدرك أن هذه الفرقة العسكرية قد جاءت لاعتقاله هذه المرة، بعد أن سبقتها فرقة أخرى باعتقال شقيقه الأكبر محمد 16 عاما قبل أشهر.
انهال الجنود ضربًا بأعقاب السلاح على وجه أحمد وبطنه ورأسه، قبل أن يتم اقتياده للمسكوبية واحتجازه في زنزانة انفرادية، وبدء جولات مطولة من التحقيق تنوعت خلالها أساليب سحب الاعترافت.
ويقول أحمد لـ شبكة قدس، إن المحققين منعوه من تناول الطعام لثلاثة أيام، ولم يسمحوا له برؤية أفراد عائلته أو حتى الاجتماع بأحد المعتقلين، حيث ظل على هذه الحال قرابة الأسبوعين، قبل أن يتم استدعاؤه للجولة الأخيرة من التحقيق.
ويضيف، "طلب مني المحقق الاعتراف للافراج عني، فقلت له إنني لن أعترف بما لم أفعل .. رجع ضربني مرة ثانية وأعادني للزنزانة، ثم تم الإفراج عني بعد ثلاثة أيام".
خرج أحمد من السجن فيما ظل شقيقه محمد قيد الاعتقال، حيث حكم عليه بالسجن لعامين رغم صغر سنه. وتقول والدة الطفلين فدوى عبيد، إن العائلة طلبت استئناف الحكم بحق نجلها كون العقوبة قاسية ولا تناسب صغر سنه.
وتضيف عبيد، أن محكمة الاحتلال رفضت استئناف الحكم بل حولت الفتى لمحكمة سرية قبل أيام، واجهت خلالها الطفل بصور ورسومات تزعم أنها تؤكد مشاركته في إلقاء الحجارة على المستوطنين، حيث يتوقع محامي العائلة أن يُضاف للحكم خمسة أشهر أخرى، إلا أن الأم ترفض تصديق الرواية متوقعة عقوبة أكبر.
تصعيد كبير
ويقول رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبوعصب، إن سلطات الاحتلال ومنذ استشهاد الفتى محمد أبوخضير، وسعت حملة استهدافها للأطفال المقدسيين حتى طالت حوالي 400 طفل، اعتقلتهم لأيام عديدة ثم أبقت على 52 منهم وأفرجت عن الآخرين بشروط قاسية.
ويوضح في حديث لشبكة قدس، أن سلطات الاحتلال تحاكم الأطفال عادة بتهم إلقاء الحجارة والزجاج الحارق على جنود الاحتلال أو المستوطنين، ليكون مصير الطفل بعد ذلك الاعتقال أو التحويل إلى الحبس المنزلي، أو الإبعاد إلى خارج القدس أو الداخل المحتل، كما حدث مع الطفل اسلام النابلسي المبعد إلى حيفا.
ويضيف أبوعصب، أن معاناة الأطفال تبدأ منذ لحظة اعتقاله، حيث يتعمد الاحتلال اعتقالهم ميدانيًا خلال مشاركتهم في المواجهات أو مرورهم بالقرب منها، أو اعتقالهم في وقت متأخر من الليل بإرسال جنود ملثمين أو يصبغون وجهوههم باللون الأسود، في محاولة لترهيب الأطفال.
وخلال عملية الاعتقال، يتعمد الجنود الصراخ وتكسير محتويات المنزل، وضرب الطفل أمام والديه أو ضرب والده أمامه، قبل أن يتم اعتقاله وضربه خلال نقله إلى قسم التحقيق، ليصل إلى المحقق وقد أنهك جسديًا ونفسيًا، مشيرًا إلى استخدام المستعربين في اعتقال الأطفال من خلال تنكرهم بزي فلاحين أو مصلين أو نساء أو رجال دعوة مسلمين.
ويبين أبوعصب، أن سلطات الاحتلال ترتكب مخالفات للقانون "الإسرائيلي" والقانون الدولي خلال اعتقال الأطفال والتحقيق معهم، حيث يمنع القانون الدولي اعتقال أي طفل بعد الساعة السابعة مساء، ويحض على اعتقالهم بتوجيه استدعاء لهم، فيما ينص قانون الاحتلال على تواجد محامٍ أو أحد أولياء أمر الطفل خلال التحقيق معه، وهذا ما يتجنبه المحققون خلال الأشهر الأخيرة.
ويتابع، "يتذرع المحقق بأن التحقيق مع الطفل يجري في قضية أمنية خطيرة يصعب تواجد أحد خلاله، أو يتعمد طرح سؤال استفزازي على الطفل أمام والده ليتدخل الأخير معترضًا، فيطرده المحقق بذريعة التدخل وتعطيل التحقيق".
وعن أساليب تعذيب الأطفال، يقول أبوعصب إن التحقيق معهم قد يستمر لعدة أيام، يبتز خلالها المحققون الأطفال ممن لم تتجاوز أعمارهم 13 عاما بتجويعهم طوال هذه المدة، ثم يعرض عليهم "الشوكولاتة" أو "الشيبس" أو "البسكويت" ليعترف الطفل جوعًا أو خوفًا بارتكابه أفعال لم يقم بأي منها، وهو ما حدث مع مجموعة أطفال من حي الثوري مؤخرًا.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الممارسات تجري بأمر من وزير الأمن الداخلي في دولة الاحتلال اهارنوفيتش الذي دعا للقضاء على ظاهرة "الأطفال المناضلين" وفقًا لأبوعصب، في حين أمر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل أيام باستخدام المزيد من القوة لقمع المقدسيين.