لا يهُمّ المستعمرة الصهيونية التي تحتلنا شكل الأداة التي نحاربها - أو ندعي محاربتها - بها، بقدر ما يهمها التأثير الذي تحدثه هذه الأداة و حاملوها على كيانها المتضعضع، لهذا السبب نرى "البندقية " التي يحملها أعضاء الأجهزة الأمنية في الضفة قد تخلّت عن مهمتها الأساسية و صورتها كسلاح يُطلق النار و يُحارب به، و تحوّلت الى مجرد نثريات أو اكسسوارات لا قيمة لها في نظر العدوّ حيث لا يلقي المستعمرون بالاً لأجهزة دايتون و " مُجنديها " الذين يتنقلون بين حواجز الضفة مدججين بالسلاح بأريحية من لا يخاف شيئا ولا عدواً، تلك الأريحية المتبادلةُ بينهما، لأن كليهما يعلم يقيناً أنّ هذا السلاح لن يوجّه يوماً الى نحور الصهاينة ولن يكون فتيل حرب، و لهذا السبب أيضاً قام وزير جيش الإحتلال موشيه يعلون بحظر مؤسستين أوروبيتين، يدير الدكتور رامي عبده المكتب الإقليمي لإحداهما.
لم يحمل عبده سلاحاً تقليدياً في حياته ربما، لكنه امتلك سلاحاً آخر حقوقياً رأى المحُتلّ وجوب قمعه، هذا السلاح الحقوقيّ ذاته ادعت سلطة أوسلو أنها ستشرعه في وجه إسرائيل عبر المحافل الدولية و الأمم المتحدة و صرعت رؤوسنا في أنه البديل الوحيد و الضمان الأكيد لننال ما سُلبناه، و هنا نسأل لماذا اعتُبر د.رامي عبده خارجاً عن القانون يجب حظره و لإسرائيل الحق في ملاحقته و مصادرة أمواله و لم يُعتبر رياض المالكي "ممثلنا" في الأمم المتحدة كذلك؟
بين د. رامي و المالكي فارقُ النيّة و المقصد، و فارق الصدق الذي قال عنه دُنقل:
" عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس"
أثناء عملي على مشروعي التخرُج وصلتُ بعد بحثٍ طويل الى أنّه لولا ستاتاس فيسبوكي نشره الدكتور على صفحته الخاصة لما عرفت وسائل إعلامنا الفلسطينية و العربية بخبر كارثة أحاقت بلاجئي سوريا من الفلسطينيين إلّا بعد أسبوعٍ على الأقل، أي بعد أن يعود السفراء من إجازاتهم، كانت " الدبلوماسية الفلسطينية" غير " الإرهابية " في نظر إسرائيل تغط حرفياً في سبات عميق تجلّى في مقابلةٍ مع تلفزيون فلسطين اليوم حول الكارثة إياها،فحين كان عبده يحرق دمه لتوضيح ما يعانيه اللاجئون و ما يتعرضون له من خيانة فلسطينية أولاً كان السفير الفلسطيني في ليبيا" غير الإرهابي" في بيته في قلقيلية يُعيّد مع عائلته.
د. رامي عبده ببدلته الرسمية و ال Ph.D التي يحملها و بالإنجليزية التي يتقنها لا يشبه الإرهابي التقليدي الذي تحاول إسرائيل الترويج له، " المقاوم ذا اللحية الكثة و الصاروخ على كتفه، الذي يقتل النساء و يروّع الأطفال" لهذا اتهمته بالانتماء الى حماس في وقتٍ تُقبل فيه هذه التهمة عربياً و دولياً بعد حظر جماعة الإخوان المسلمين و بعد الدعاوي الفلسطينية حتى لفك ارتباط حماس بها كي تتحلل من إرهابيتها.
لا يدرك الصهاينة كم يعني للفلسطينيّ الصادق أن يكون إرهابياً بنظر عدوه، و كم يتصالح مع ذاته حين يدرك أنه ليس مقبولاً من عدوه ولا مستساغاً عنده، و لا يفهمون الأزمة الداخلية التي تعتصر الفلسطينيّ و مفهومه عن المقاومة حين يمرّ عنهم كأن لم يمرّ، حين يفتحون له حواجزهم و يعطونه تصاريحهم .
لا بأس إذاً، د. عبده إرهابيّ .