ترجمة خاصة - شبكة قُدس: قال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق في جيش الاحتلال تامير هايمان، إن المشهد اللبناني يشهد تحولات حساسة تستدعي إعادة قراءة معمقة، في ظل تصاعد ضربات جيش الاحتلال شمالًا وتبدّل موازين القوى بين حزب الله والدولة اللبنانية.
ويرى أن القيادة اللبنانية الحالية، المتمثلة برئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، تمثل فرصة نادرة لإسرائيل، إذ يُظهر الرجلان، بحسب تعبيره، استعدادًا معلنًا لتفكيك حزب الله ونزع سلاحه. لكن في المقابل تصطدم هذه الفرصة بواقع داخلي هش تحكمه ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية، التي لا تزال هاجسًا يجمّد أي مبادرة جدية نحو مواجهة الحزب. لذلك، تبقى الخطط المعلنة لتفكيك الحزب حبيسة التصريحات، من دون خطوات فعلية على الأرض.
من جهة أخرى، يلفت هايمان إلى أن إيران تتعامل مع ما جرى في لبنان باعتباره محطة لإعادة بناء حزب الله لا لإنهائه. فطهران، وفق تحليله، لا ترى في ضعف الحزب إلا فرصة لإعادة هيكلته بشكل أقوى، وهي تضخّ الأموال وتعيد تفعيل شبكات الدعم والتمويل لدفعه إلى استعادة قوته. كما أن فقدان سوريا دورها كجسر بري استراتيجي لا يشكل، من وجهة نظر الإيرانيين، عقبة حقيقية. ويرى أن الاعتقاد بإمكانية استمرار حزب الله من دون سلاح هو تناقض منطقي، لأن جوهر وجوده قائم على فكرة المقاومة والمواجهة.
أما في المقاربة الأميركية، فيشير هايمان إلى أن الرئيس السابق دونالد ترامب يعتقد أن من الممكن التوصل إلى «سلام» بين "إسرائيل" ولبنان من دون الحاجة إلى قوات دولية مثل «اليونيفيل»، التي يعتبرها إهدارًا للأموال. وبحسب رؤيته، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تشارك في مساعي نزع سلاح حزب الله سياسيًا، من دون أي تدخل عسكري مباشر. ويقول إن هذا النهج يحمل في طياته خطرًا كبيرًا، لأن واشنطن تكتفي بالتصريحات بينما تتحرك طهران على الأرض، وهو ما يتيح لإيران استعادة المبادرة في الميدان.
وعلى الصعيد الإسرائيلي، يرى هايمان أن المؤسسة الأمنية لدى الاحتلال تعتبر أن «حسمًا استراتيجيًا» قد تحقق في لبنان، وأن الخطر الأكبر زال مؤقتًا. لذلك، يتركّز الجهد الآن على تعزيز الدفاعات في الشمال ومنع إعادة بناء الحزب عبر ضربات محدودة ومنسقة، من دون الانخراط في خطوات سياسية أو عسكرية أعمق. لكنه يحذّر من وهم الاعتقاد بأن هذه الضربات المنفردة قادرة على منع حزب الله من إعادة بناء قوته، مشيرًا إلى أن التجارب السابقة أثبتت فشل هذا النهج، وأن مرور الوقت من دون رؤية شاملة سيعيد إنتاج النظام اللبناني السابق: حزب الله مسلح، والدولة مشلولة، والطوائف تعيش على تسويات خفية تضمن بقاء الوضع القائم.
ويختتم هايمان بالقول إن هناك كذبة كبيرة اسمها "نزع سلاح حزب الله"، والاستراتيجية الإسرائيلية الراهنة تفتقر إلى العمق المطلوب، وإن استمرار الاعتماد على القوة وحدها سيقود إلى نتائج معاكسة. وحده المزج بين الرؤية السياسية طويلة المدى والتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، إلى جانب العمل العسكري الميداني، يمكن أن يضمن واقعًا أمنيًا أكثر استقرارًا على المدى البعيد.



