شبكة قدس الإخبارية

سموتريتش يسابق الزمن: خطوة عملية خطيرة من الاحتلال تتعلق بملكية الفلسطينيين لأراضيهم في مناطق (ج)

2be7a5a0-729a-4a63-abfd-328751393d51

ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: اعتبرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن حكومة الاحتلال الحالية، التي توصف بأنها الأكثر تطرفًا في تاريخ كيان الاحتلال، تسابق الزمن قبل دخولها فترة الانتخابات من أجل تثبيت مشروعها الأيديولوجي في الضفة الغربية المحتلة، وتكريس واقع ميداني يصعب التراجع عنه لاحقًا، سواء في ملف الاستيطان أو في البنية التحتية المرتبطة به.

منذ تولي حكومة نتنياهو–سموتريتش السلطة، تشير المعطيات إلى ما يشبه الانفجار الاستيطاني؛ إذ صادقت سلطات الاحتلال على بناء نحو 48 ألف وحدة استيطانية جديدة في الضفة، بمتوسط يقارب 17 ألف وحدة سنويًا، وهو رقم غير مسبوق. ويتوقع أن يتجاوز العدد 50 ألف وحدة استيطانية بحلول نهاية العام الجاري، مقارنة بعام 2020 الذي كان الأعلى خلال إدارة ترامب، حين أُقرت 12 ألف وحدة فقط. في موازاة ذلك، أعلنت حكومة الاحتلال منذ بداية ولايتها عن 26 ألف دونم كـ"أراضي دولة"، أي ما يعادل تقريبًا مجموع ما أُعلن خلال سبعةٍ وعشرين عامًا كاملة قبلها.

تنقل الصحيفة عن الباحث يوني مزراحي من حركة "السلام الآن" قوله إن ما يجري هو ضمّ فعلي (de facto) للضفة الغربية، من دون إعلان رسمي. فبينما منع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الاحتلال من فرض السيادة رسميًا، تعمل حكومة سموتريتش على تحقيق هذا الهدف فعليًا من خلال توسع استيطاني متواصل وتغييرات إدارية وتشريعية في آليات السيطرة على الأرض. الهدف المركزي من هذه السياسات، كما تشير الصحيفة، هو إجهاض أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية عبر تقطيع الجغرافيا الفلسطينية وتحويلها إلى جزر معزولة داخل بحر من المستوطنات.

وتُبرز "يديعوت" أن الطرق الالتفافية والبنية التحتية باتت جزءًا أساسيًا من هذا المسار، فهي تمثل "لغة التطبيع" التي تُظهر للمستوطنين حياتهم كأنها امتداد طبيعي داخل "إسرائيل"، وتسهّل في الوقت ذاته زيادة عدد المستوطنين. فعلى سبيل المثال، يشهد الطريق 60 الممتد من شمال القدس حتى جنوبها أعمال توسعة مكثفة لتحويله إلى طريق سريع أشبه بالأوتوستراد، فيما أُنجزت توسعات مماثلة في طريق الأنفاق المؤدي إلى غوش عتصيون ومستوطَنات الجنوب. هذه المشاريع تُنفَّذ بسرعة قياسية، بحيث يصعب التراجع عنها حتى لو تغيّرت الحكومة.

إلى جانب شقّ الطرق، تسعى حكومة الاحتلال إلى توسيع المستوطنات في نقاط استراتيجية لضمان رابط استيطاني متصل من الشمال إلى الجنوب، مقابل قطع التواصل الجغرافي بين المدن والبلدات الفلسطينية. ففي أيار/مايو الماضي، وافق "الكابينت" على إقامة 22 بؤرة استيطانية جديدة، بعضها قائم منذ سنوات وبعضها الآخر أُنشئ حديثًا، من بينها مواقع حساسة مثل جبل عيبال وجرزيم قرب نابلس ومنطقة سبسطية التاريخية التي تخطط سلطات الاحتلال لإقامة محطة قطار فيها قبل الانتخابات المقبلة، لتثبيت وجود يهودي دائم في المكان.

وتعتبر "يديعوت" أن المشروع الأخطر يتمثل في منطقة E1 الواقعة بين مستوطنة "معاليه أدوميم" ومدينة القدس، والتي تشكل حجر الزاوية في مشروع الدولة الفلسطينية المتواصلة جغرافيًا. ففي 20 آب/أغسطس، صادقت لجنة التنظيم التابعة لـ"الإدارة المدنية" على بناء 3400 وحدة استيطانية في المنطقة، فيما ظهر سموتريتش بنفسه في حفل ميداني مؤكدًا أن الهدف هو منع قيام دولة فلسطينية مستقبلًا عبر السيطرة الكاملة على الأرض الفاصلة بين القدس والبحر الميت.

وبحسب الصحيفة، تسعى الحكومة إلى طرح مناقصة فورية وتنفيذ الأعمال الميدانية قبل الانتخابات، حتى "يصبح من المستحيل إيقاف المشروع". هذا التسريع يُعتبر رسالة مزدوجة للداخل الإسرائيلي ولواشنطن والعواصم الأوروبية مفادها أن "الحقائق على الأرض سبقت أي حديث سياسي".

وفي خطوة تُعد الأخطر من الناحية القانونية، تعمل ما تُسمّى بـ"إدارة التنظيم" التابعة لسموتريتش على مشروع مسح شامل لأراضي المنطقة (ج) يهدف إلى نقل عبء إثبات الملكية إلى الفلسطينيين، بحيث يصبح الافتراض القانوني أن الأرض "أراضي دولة" ما لم يتم إثبات العكس. هذا الإجراء، وفق الصحيفة، سيُسهّل إعلان عشرات آلاف الدونمات كمناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.

ويُموَّل المشروع بمئات ملايين الشواقل، وتم نقل مسؤوليته من "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال إلى وزارة القضاء الإسرائيلية، في خطوة ترمز إلى نقل إدارة الضفة من المجال العسكري إلى المدني، أي إلى مؤسسات كيان الاحتلال المقام على أراضي 1948، بما يعنيه ذلك من تكريس الضمّ القانوني والإداري. وتشير التقديرات إلى أن الاحتلال سيتمكن من إعلان نحو 60 ألف دونم سنويًا كـ"أراضي دولة" في حال استكمال المشروع قبل الانتخابات.

كما تشير الصحيفة إلى أن الحكومة تحاول الآن استكمال ربط ما تسميه "التجمعات الشابة" – وهي البؤر الاستيطانية الجديدة التي أُقرّ تثبيتها مؤخرًا – بشبكات البنية التحتية الأساسية: المياه، الكهرباء، الاتصالات، والصرف الصحي. ويجري العمل حاليًا على إصدار أمر حكومي واحد يشمل 80 تجمعًا استيطانيًا لربطها بهذه الخدمات دفعة واحدة.

وتختم "يديعوت أحرونوت" بالإشارة إلى أن ما يقوم به سموتريتش لا يقتصر على توسيع الاستيطان فحسب، بل يمثل إعادة صياغة كاملة لآلية الحكم الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتحويل الاحتلال من واقعٍ عسكري مؤقت إلى واقعٍ مدني دائم، يدمج المستوطنات في جسد كيان الاحتلال المقام على الأراضي المحتلة عام 1948، ويقوّض في الوقت ذاته أي أفق سياسي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.