شبكة قدس الإخبارية

“خندق خباب”... معارك غزة برواية قائد ميداني شهيد

photo_٢٠٢٥-١٠-٢٥_١١-١١-١٠

خاص - شبكة قُدس: لا يحكي هذا الكتاب تجربة معارك المقاومة في حرب "طوفان الأقصى" من متابعة للأخبار أو تحليل للبيانات أو اهتمام أكاديمي وبحثي، بل هو تجربة شخصية، على لسان مقاوم، خرجت إلى الورق من داخل أنفاق القسام ومعها كل ما في القتال والحرب من لحظات الشجاعة والاندفاع والترقب والوداع والدموع والدعاء والأمل والألم والتصميم والصبر.

مؤلف كتاب "تحت راية الطوفان... خندق خباب" هو الشهيد محمد زكي حمد، من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، قائد فصيلة في كتائب القسام، وجمع إلى عمله المقاوم شغفاً بالعلم والقراءة وبرع في العلوم الشرعية مع حفظه للقرآن، وكانت له مؤلفات ومحاضرات وندوات وجهود في خدمة العلم الشرعي، مع جهود في خدمة المجتمع وفعل الخير، رغم انشغاله بالعمل المقاوم منذ كان في عمر 17 عاماً، واستشهد بعد استهدافه في عملية اغتيال من قبل جيش الاحتلال، في تموز/ يوليو 2025.

“خندق خباب”... مبايعة على الموت

وفي المقدمة يذكر الشهيد قصصاً عن الصحابي خباب بن الأرت الذي تعذب في بداية الإسلام، بعد إيمانه برسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في إشارة إلى التسمية في عنوان الكتاب "خندق خباب"، ثم يعرج إلى عملية "طوفان الأقصى" التي وصفها بـ"النصر العظيم" الذي تحقق على الاحتلال دون أي "خرق أمني واحد" للمقاومة، ولم "يلبث المقاومون طويلاً بعد العملية حتى انطلقوا إلى وضع دفاعي لمواجهة مخططات جيش الاحتلال"، وسط "حمم القذائف والقصف المتواصل من الطيران" الذي يصفه بأنه كان "متوقعاً".

“لقد تبايعنا على الموت ووضع كل واحد منا معه قنبلة للحظة الصفر”، يقول الشهيد عن القرار الحاسم الذي اتخذه مع أخيه، وبقي عليه طوال أيام الحرب التي عاشها حتى شهادته، على أن يبقى يقاتل الاحتلال ولا يسلم نفسه للاحتلال.

مقاومة من وسط الأهوال 

رغم خطورة الوضع الميداني في المنطقة التي كان الشهيد يشارك، في التشكيلات العسكرية للمقاومة فيها، إذ أن بيت حانون لا يفصلها عن الأراضي المحتلة 1948 سوى كيلو متر واحد، وطيران الاستطلاع يحلق بكثافة حتى أن أي تحرك “قد يضع صاروخاً في حضنك يينقلك للجنة”، كما يقول الشهيد، وهو يشير إلى المرات العديدة التي استهدفهم فيها طيران الاحتلال، لكنهم صمموا على خروج من الخنادق لإعداد الكمائن والعبوات، ومن وسط هذه الكثافة النارية التي استخدم الاحتلال فيها كافة الذخائر والصواريخ بينها قنابل “جي بي يو” المدمرة والجهود التجسسية المكثفة من الجو، نجح المقاومون كما يروي الشهيد في إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنة “سديروت”، وقد استفادوا من بقاء بعض المنازل لم تصلها يد التدمير للمناورة التكتيكية في الميدان.

بعد 120 يوماً من حرب الإبادة، يكتب الشهيد أن 100 من كتيبته استشهدوا في القتال ضد جيش الاحتلال، بعد أن صمدوا وصمموا على البقاء في ميدان دمره الاحتلال عدة مرات بمختلف أنواع الصواريخ والذخائر التي قد يقتل الواحد منها “100 شخص معا”، حسب وصفه، ويروي الشهيد عن الهجوم الوحشي الذي شنه جيش الاحتلال من الطيران والمدفعية لتمهيد الأرض لدخول قواته البرية، في الأيام الأولى من الحرب، وقد دخلت الغازات من الصواريخ القاتلة إلى بعض الأنفاق واستشهدت قيادات، لكن المقاومين لم ينكسروا و”خرجوا من تحت الركام وقاتلوا الاحتلال وأذاقوه الويلات”، يؤكد الشهيد، ويروي عن الجوع وقلة الماء والزاد الذي كابده المقاتلون بعد تدمير المنطقة، والأمراض التي أصابت أجسادهم، حتى أن العثور على “جالون ماء” صار سبباً للفرح وإطلاق التكبيرات.

بعد 30 يوماً من العدوان نجح الشهيد في الخروج من تحت الأرض مع مجموعته، بعد أن سدت عليهم جراء القصف الوحشي، والتقى مع رفاق له في المقاومة كان “يظنهم قد استشهدوا”، ومن أجواء المعارك والقتال ينتقل الشهيد إلى الحديث عن فضل الشهداء والصفات التي عاينها في المقاومين والمجاهدين الذين رافقهم في مسيرة مواجهة الاحتلال، وقد عاشوا حياتهم في هذا الطريق، كما يقول، والوصول للشهادة كان حلمهم، في مقابل نموذج آخر يسميهم “قد أهمتهم أنفسهم” الذين لا يرون من الحياة إلا أنفسهم وأن يتقدموا على الآخرين، حسب وصفه، وهو يرى أن من الخطأ تقديم الانتقادات والانشغال بها في وسط المعارك، وأن واجب المقاوم هو أن يكون جندياً يسد ثغراً في المواجهة مع الاحتلال، حسب تعبيره.

ومن أقسى ما واجهه في الحرب، يروي الشهيد، هو انتشال مجموعة من المقاومين الذين استشهدوا داخل نفق بعد قصفه من طيران الاحتلال، وبقوا تحت الأنقاض 4 شهور، وكلفت قيادة القسام مجموعته بانتشالهم، ويذكر أحد الشهداء في النفق باسم “أبو جعفر” الذي كان قناصاً “صبر 8 ساعات متواصلة قرب بندقية القنص في حرب 2014 ليقنص ضابطاً من جيش الاحتلال” وكانت له أدوار في تدريب المجموعات، وأبو مسلمة “الذي لا يكل ولا يمل وينشغل بالعمل حين ينشغل الناس بالجدال”، وإبراهيم “الهادئ الذي سبق أصحاب الضجيج والصراخ”، وياسر “الذي كان معلماً في المدرسة لكنه لم يترك الثغور وكان أسداً في الاشتباكات”، وبلال “الحريص على خدمة إخوانه مثل الأم الحنون”.

ويتطرق الشهيد إلى الجدال حول هل المقاومة مكلفة بمنع جيش الاحتلال من اجتياح غزة، ويقول إن هذا ليس تكليفها بل الإعداد لتكبيده خسائر والعمل بكل الطرق والوسائل والتجهيزات من أجل هذا الهدف، ويروي عن قصص لمقاومين بكوا بكاء شديداً بسبب حصول خلل خارج عن إرادتهم خلال القتال منع بعض الحالات انفجار عبوة أو إطلاق طائرة مسيَرة أو غيرها من التفاصيل التي تقع خلال العمل القتالي.

قصة حصار

ويكشف الشهيد عن تفاصيل معركة ضارية خاضتها مقاومون بأسلحة خفيفة ضد جيش الاحتلال المدجج بتشكيلة واسعة من الصواريخ والعتاد والقوات الكبيرة المحمولة على أنواع مختلفة من المدرعات، خلال اجتياح محيط مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، في شهر رمضان من العام الأول للحرب، ويشير إلى أن أحد مؤسسي العمل العسكري في منطقة بيت حانون كان يجري عملية جراحية في المستشفى، قبل أن تتحاصر، وقد خرج إلى مبنى في المنطقة مع 10 مقاتلين ورفضوا تسليم أنفسهم، رغم أن بعضهم لا يملك من العتاد سوى مسدس، ورغم أن الاحتلال صب عليهم حمم الصواريخ والقصف بقوا على موقفهم في رفض الانصياع لطلبات قائد العملية العدوانية الذي صرخ عليهم عدة مرات عبر مكبرات الصوت وحاول خداعهم أنهم لن يصابوا بأذى في حال سلموا أنفسهم وسيخرجون في الصفقة.

ومن التفاصيل المذهلة التي يرويها عن هذه المعركة أن الاحتلال قصف المنطقة بحزمة صاروخية مدمرة، ثم أدخل طائرة تصوير مسيَرة إلى المبنى الذي كان يتحصن فيه المقاومون، لكي يعاين نتائج القصف ومن استشهد وهل بقي أحد منهم،  وقد سمع صوتها القائد الذي رفض تسليم نفسه، فأحضر عصا وضربها واستطاع كسرها وأخذ شريحة المعلومات التي تخزن المشاهد عليها، فعاد جيش الاحتلال وقصف المنطقة بطريقة أكثر وحشية.

وبعد 15 يوماً خرج المقاومون وهم يعانون الجراحات المختلفة، والجوع الشديد، والأمراض، وهم لا يصدقون أنهم نجوا بعد هذه الأيام العصيبة، كما يروي، وقد سمعوا صوت الناس وهم يتوافدون إلى المنطقة، ويقولون إن جيش الاحتلال انسحب منها، بعد أن ارتكب جرائم إبادة وإعدامات ميدانية في المستشفى. 

مقاومة تفدي مجتمعها

ومن القصص التي تكشف عن إخلاص المقاومين للناس ومجتمعهم، ما جاء في الكتاب عن مجموعة من المقاومة خرجت لتنفيذ كمين محكم، لقوة من جيش الاحتلال وتحقيق إصابات فيها، لكنهم تفاجئوا أن مسناً جريحاً كان في المنطقة، وإذا نفذ الكمين فإنه الرجل سيقتله جيش الاحتلال من جراء القصف وإطلاق النار.

اتصلت المجموعة بقائدها وأخبرته عن الموقف، فأخبرها بأمر صارم، يروي الشهيد حمد، أن عليها وقف العملية وإنقاذ الرجل الجريح، وفضل عدم تنفيذ الكمين، وقال للمجموعة “دماؤنا خير من دمائهم”، أي أن دماء الشعب الفلسطيني خير من دماء جنود جيش الاحتلال، وقد صرخ المقاومون على الجريح وقالوا له ازحف حتى تصلنا دون أن ترصدك طائرات الاستطلاع، وبعد أن وصل إليهم أنزلوه في نفق وقدموا له العلاج وهو في حالة دهشة، يضيف الشهيد، ومن الطرائف أنه عندما روى القصة لأولاده وأحفاده قالوا “فقد والدنا عقله”، إذ لم يصدقوا أن هذه القصة وقعت له، ويروي أن القائد الذي أنقذ المسن وجه لاحقاً لإرسال مبلغ من المال له لكي يعينه مع عائلته في ظل الحصار وحرب التجويع ولم يكتف فقط بعلاجه وإخراجه من الموت.

ويكشف عن تفاصيل إطلاق رشقة صاروخية نحو مدينة القدس المحتلة، في كانون الثاني/ يناير 2025، كانت هذه الصواريخ أعدها الشهيد محمد شبات، بعد حرب 2014، وبقيت في المنطقة رغم أن الاحتلال اجتاحها ولكنه فشل في العثور عليها، ويشير إلى فتوى من القيادة بأن لا تطلق الصواريخ حينها وأهالي بيت حانون فيها وأن الإطلاق مرتبط بخروج الناس جميعهم منها لتجنبيهم ردة فعل وحشية من جيش الاحتلال الذي يرتكب المجازر بحق الأطفال والنساء حين يعجز عن مواجهة المقاومة، ويرد على المزاعم التي ترددها بعض الجهات أن “المقاومين يطلقون الصواريخ ويستهدفون الاحتلال في مناطق قريبة من انتشار المدنيين”، ويذكر قصة عن أمر صدر من قائد في المقاومة لمجموعاته بأن تحذر الأهالي في المنازل التي كانت تقع على بعد أكثر من 5 كيلو مترات من مكان كمين كانت المقاومة تعده، خوفاً عليهم من قصف الاحتلال لهم، انتقاماً على الخسائر التي قد تقع في قواته.

قلة الزاد والماء

ومن المعضلات التي واجهتها المقاومة، خلال القتال، يشير الشهيد إلى قلة الماء والطعام، بسبب الحصار، ويذكر مواقف اعتبرها توفيقاً إليهاً للمجموعات المجاهدة التي بقيت تقاتل في مناطق مدمرة وحدودية ومحاصرة، مثل بيت حانون، ومن هذه القصص كيف نجحت المجموعات في الوصول عبر عين نفق كانت تعرضت للقصف إلى منزل فيه صهريج ماء، بالإضافة إلى رصدها خط بئر قديم قرب أحد الأنفاق وبعد العمل ليومين متواصلات رغم التعب الشديد الذي وصل له المقاتلون بسبب الجوع استطاعوا توزيع الماء على الأنفاق عبر مد شبكات لها من هذا البئر.

ومن مصادر الطعام كان مخزناً لجيش الاحتلال اغتنم المقاتلون ما فيه، كما جاء في مذكرات الشهيد، بعد رصده من المقاتلين لفترة ونجاحهم في مغافلة جنود الاحتلال، الذين كانت تصلهم كميات كبيرة من الإمدادات، بينما كان المجاهدون الفلسطينيون يقاتلون وهم بأجساد هزيلة بسبب الحصار وضعف الإمكانيات والدمار الهائل في المناطق التي كانت أنفاقهم تنتشر فيها.

ويسرد الشهيد تفاصيل كمين منطقة “الزراعة” الذي أوقعت فيه كتائب القسام قوة كبيرة من كتيبة “نيتساح يهودا”، على أطراف المنطقة بين بيت حانون والأراضي المحتلة 1948، ويتذكر فرحة مقاوم بعد أن اشتبك مع قوات الاحتلال وحقق إصابات فيها، وكيف طلب أحد قناصة المقاومة مساعداً له وبعد ساعات وصل خبر قنصه 3 من الجنود.

رأى الناس بعض عمليات المقاومة التي نفذتها خلال الحرب في تسجيلات مصوره بثها الإعلام العسكري، وبعضها لم يعرض، لكن ما لم يراه الناس، يقول الشهيد، هو كواليس هذه العمليات وفرحة المقاتلين بقتال الاحتلال وصبرهم وتضحياتهم، في الميدان، رغم ما تعرضوا له من قصف وحشي وشديد، يضيف، ويذكر مواقف متنوعة بينها لمقاتل استهدف جرافة عسكرية وأحرق من فيها رغم الانتشار العسكري الإسرائيلي على المباني العالية، وبقي ينتظر لفترة وصول قذيفة مضادة للدروع ليضرب بها دبابة “ميركافا” كانت في المنطقة، ومن المواجهات الشديدة الشراسة كان اشتباكا ضارياً أطلق فيه المقاتلون 11 قذيفة “أر بي جي” على مبنى تحصن فيه جنود الاحتلال، وسط صرخات قائد الزمرة لمقاتليه “هدوا الدار على روسهم”، كما جاء في مذكرات الشهيد حمد، وقد انصهرت فوهة سلاح “الكلاشينكوف” في يد أحد المقاتلين بعد أن أطلق منه أكثر من 18 مخزن رصاص.

ويقول إن من العمليات المركبة هي من الأعمال “الجميلة”، إذ تكلف المقاومة عدة زمر بالقيام بعملية واحدة، تكلف كل منها بمهمة، بعضها للرصد وأخرى لزراعة العبوات وثالثة للقنص ومجموعة للقتال وغيرها من المهمات، ومن العمليات المركبة التي يرويها الشهيد عملية قنص واستهداف بطائرة مسيَرة وقصف بقذائف الهاون، وفي التفاصيل يذكر القناص الذي كان يترقب بشوق أن ينجح في قتل جندي بسلاح القنص وعندما وصله خبر انتشار مجموعة لجيش الاحتلال على الحدود خرج وهو فرح وجازف بأن صعد على منطقة عالية لكي يرى الجنود بدقة وقنص أحدهم وعاد، ويؤكد الشهيد أن كل المقاومين الذين استشهدوا من مجموعته لم يقتلهم الاحتلال في اشتباكات وجهاً لوجه بل جراء القصف الجوي لحماية الجنود الذين كانوا يهربون من الاشتباكات، حسب وصفه.

معارك بيت حانون... “التعلم بالصدمة”

وعن اجتياح الشمال، في أوج الحرب، قبل الهدنة الثانية، لتنفيذ ما عرفت باسم “خطة الجنرالات” لتهجير الفلسطينيين من شمال غزة، يذكر الشهيد كيف ثبتت فتوى من أستاذه المقاومين في المنطقة، وكيف كان يرسلها لرفاقه في بيت حانون، التي خاضت فيها المقاومة عدة معارك مع جيش الاحتلال الذي اقتحمها مرة بعد الأخرى، رغم أنه قصفها بشكل جنوبي واجتاحها في بداية الحرب، إلا أن المقاومة بقيت فيها ونفذت كمائن قاتلة منها وداخلها، ويشير إلى الصعوبة الشديدة التي واجهها المقاومون في ترميم الأنفاق في المنطقة، بعد الدمار الهائل الذي أصابها بسبب القصف، لكنهم استمروا في هذا العمل في سياق الإعداد المستمر للبقاء في حالة استنزاف لجيش الاحتلال.

ويكشف أن متراً واحداً احتاجت عملية تعميره عملاً شاقاً ليوم كامل، وقد استعان المقاومون بعد نفاد المواد المخصصة للترميم، بالأخشاب من بيوت مقصوفة، وقد جهز الشهيد مع مجموعته شبكة كاميرات، كما يقول في مذكراته، راقبوا من خلالها تحركات الاحتلال، حتى داخل مستوطنة “سديروت” المجاورة لبلدة بيت حانون، ويروي كيف جهز المقاتلون عشرات العبوات الناسفة من مواد حصلوا عليها من مخلفات الاحتلال، ونجحوا في زراعتها وسط كل الظروف القاهرة التي رواها عدة مرات، رغم أن تجهيز عبوة واحدة فقط يحتاج فترة طويلة، حسب تعبيره، لكن المقاومين نجحوا في مهمتهم بسرعة.

ويصف ما حصل مع المقاومين بأنه “التعلم بالصدمة” إذ أن كثيراً منهم تعلموا صناعة العبوات، في الحرب، إذ أنه تخصص عسكري دقيق يحتاج إلى معارف مسبقة، لكن الظروف القاهرة التي حصلت دفعتهم إلى التعلم من أجل تنفيذ كمائن وعمليات قاتلة لجيش الاحتلال.

تفاصيل كمين “نائب اللواء” و”الميركافا المقلوبة”

وعن تفاصيل الاجتياح الثاني لبيت حانون، يذكر الشهيد أن الاحتلال تقدم من محورين: محور حاجز “إيرز - شارع السلطان نحو منطقة السكة، ومحور أبو صفية - مدخل بيت حانون نحو منطقة البساينة، وأن ضربات المقاومة أجبرته على إلغاء محور “إيرز”، ومع اشتداد القتال قررت كتائب القسام، في المنطقة، حسب رواية الشهيد، اختيار مقاتلين لتنفيذ عمليات “استشهادية”.

والعملية التي يتحدث عنها، يقول الشهيد، هي قتل نائب قائد لواء في جيش الاحتلال ومعه 10 من الجنود، وحينها كانت المقاومة زرعت عبوات وجهزت الكمين لكن الأسلاك انقطعت بسبب القصف، فقرر أحد المقاتلين الخروج في مهمة “استشهادية” لترميم الأسلاك والتفجير، وكان احتمال عودته يقارب الصفر، لكنه فجر العبوات وقتل الضابط الكبير ومن معه، وعاد إلى رفاقه، وهو يقول لهم “سامحوني رجعت عايش”. 

ويتحدث عن كيف كان المقاتلون يكشفون أساليب الاحتلال لاستدراجهم، عبر وسائل مختلفة، بينها “الريبوتات المفخخة” وغيرها، ويقول إن سلوك جنود الاحتلال “أناني”، إذ أنهم كانوا يخرجون من منطقة ولا يحذرون زملائهم من الوقوع في الكمائن التي قد تكون المقاومة قد أعدتها فيها.

ومن الكمائن الكبيرة التي نفذها الشهيد مع رفاقه، يروي قصة “الميركافا المقلوبة”، التي انفجرت بها عبوة أعدتها المقاومة داخل صاروخ ألقته طائرة حربية على بيت حانون ولم ينفجر، وقد دخلت جرافة مع دبابتين إلى منطقة الكمين، ورغم أن الجرافة حفرت الأرض إلا أنها لم تصب العبوة، وبعد أن تقدمت تحت عين المقاومين الذين يراقبون المنطقة بالكاميرات بعد ترميمها، فجروا عبوة بها فتراجعت الدبابة ووقفت مباشرة على العبوة داخل الصاروخ وانفجرت بها وانقلبت، فخرج المقاومون من النفق واعتلوا أحد المباني وشاهدوها، يقول الشهيد.

وعن دور القناصين في المعارك، يشير إلى الصفات اللازمة في القناص من الصبر والخروج المبكر في كل يوم، للبحث عن هدف من جنود الاحتلال، وأنهم كانوا يبقون في موقع واحدة عدة ساعات، وليس معهم في حالات كثيرة سوى الماء وأحياناً إصبعاً واحداً من الحلاوة، ورغم القصف الشديد من حولهم إلا أنهم يصممون على البقاء حتى يحققوا هدفهم في صيد الجنود والضباط الذين يتحصنون داخل الدبابات والآليات ويحميهم الطيران الحربي والمسيَر.

ويذكر كيف أن جهازاً على دبابة ميركافا كشف قناصاً بعد أن أطلق الرصاصة، فأطلقت الدبابة عليه قذيفة لكنه نجا، وهو يشير في هذه القصة إلى خطورة الدور الذي يقوم به القناصون في معارك المقاومة.

خدمة الناس... مقاومة أخرى

ولا يتوقف الشهيد عن التفاصيل العسكرية وروايات المواجهة الميدانية فقط، بل ينتقل وسط هذا الخضم إلى أحاديث عن أطباء وموظفين وعناصر شرطة صمدوا خلال الحرب، ويصفهم بأنهم “مجاهدين من نوع آخر”، بينما ينتقد من اعتبروا أن الحرب تعني نهاية عملهم الخدماتي والحكومي، وينتقد ما يصفها بـ”الحداثة” التي تغلغلت إلى عقول بعض الناس، حسب تعبيره، ويؤكد أن إدارة الجبهة الداخلية من أهم المهمات خلال الحرب، وخدمة الناس هي واجب على الجميع، ويشير إلى كرم العائلات التي تقاسمت القليل الذي تملكه مع نازحين قدموا إليها.

ولا ينسى الشهيد أيضاً وهو على رأس عمله العسكري المقاوم، أن يعود للتذكير بالأحكام الفقهية الخاصة بالظروف التي عاشها مجتمع قطاع غزة، في الحرب، ويشدد بوصفه داعية أيضاً على ضرورة الالتزام بها، وأن الناس يجب أن يتجنوا أكل مال ليس لهم، وأن لا يأخذوا إلا الضرورات، ومن هذه التفاصيل يروي كيف عاش مع رفاقه المقاومين ليال شديدة البرد وكانوا ينامون في بعضها في العراء في ظروف شديدة القسوة.

مع الكتاب في وسط المعارك

ويشدد على حبه الشديد الذي لازمه من طفولته للكتب، لكن الاحتلال أحرق مكتبته، وكانت الهدية التي وصل إليها في أوج الحرب، كتابين للمفكر الإسلامي محمد الغزالي وآخر عن الشهيد القائد نزار ريان، خلال جولته في منطقة تعرضت لقصف شديد من جيش الاحتلال، ويعرج من حديثه عن فضل الكتابين إلى رواية عن حياة الشهيد ريان وتضحياته وفضله على المقاومة.

ووسط الانشغال بالقتال والظروف الوحشية التي خلقها الاحتلال، في حرب الإبادة، إلا أن المقاومين عقدوا مجالس في تفسير القرآن الكريم، والحديث النبوي، وجلسات للذكر والدعاء، كما يروي الشهيد، وهو يعدد كتباً قرأها في الحرب مثل “الإسلام بين الشرق والغرب” للمفكر علي عزت بيجوفيتش، و”أخلاق الحروب في الإسلام” للدكتور راغب السرجاني.

يصف الشهيد معنوياته، خلال الحرب، بأنها بقيت عالية، رغم أن “البلاء طحنه وعضه الجوع وكابد التعب”، حسب تعبيره، ومن المواقف التي مرت به في الحرب، والهشاشة النفسية لعض الناس، كما يسميها، يخرج بأفكار أن “قيادة المقاومة تتخذ القرارات وفقاً لمصلحة المقاومة والشعب الفلسطيني ولا تخضع لمزاجية بعض الناس”.

ومن ذكريات الحرب عودته مع مجموعته إلى الشمال، وسط القصف الشديد وانعدام الإمكانيات في المنطقة، وإصرارهم على العودة رغم القصف الشديد، بعد أن كانوا في مهمة، في مدينة غزة، وكيف قررت المجموعة العودة إلى بيت حانون متحدية كل الظروف القاهرة، وشجعوا الناس على الذهاب إلى هذه المنطقة الحدودية والبقاء في مدارسهم، بعد توفير ماء وكهرباء لهم، قبل أن يفصل أحكاماً شرعية ناقشها العلماء حول هل يجوز للمسلم أن يسلم نفسه للعدو، ويرى أن القائد والعالم بسبب موقعهما في المجتمع لا يجوز أن يسلما نفسيهما للأعداء لما في ذلك من آثار نفسية شديدة السوء على المجتمع، حسب وصفه.

وفي خضم هذه الذكريات يكشف أن المقاومين وصلهم خبر استشهاده مع مجموعته، وبعضهم صلى عليه الغائب، وعندما خرج من الحصار داخل النفق طاروا فرحاً حين شاهدوه حياً، بعد أن بكوا عليه لأيام بعد اعتقادهم أنه استشهد، ولا يتوقف عن المزج بين الذكريات والفوائد الإيمانية وهو يعدد الآيات التي تتحدث عن حكمة الله من البلاء الذي يقع بين المؤمنين، ويقابل بين مؤمن مسته الشدة والبلاء وآخر يتقلب في النعيم والرخاء، وفقاً لتعبيره، وينتقد المتقاعسين عن نصرة غزة والمقاومة، بحجج مختلفة، ويربط مواقفهم بمواقف مشابهة ذكرها القرآن الكريم، ويروي كيف أن الآيات من سورة الأنعام كانت “شفاء لجراحه” بعد اشتداد الحزن بعد الذي وقع على غزة بسبب إجرام الاحتلال، ويهاجم المطبعين والدول العربية التي تقيم العلاقات مع الاحتلال.

“قبل ظهور المثلث الأحمر”

لا ينفك الشهيد عن الربط بين أحداث التاريخ الإسلامي والعبر منها، والواقع الفلسطيني، ويقول إن النصر في معركة بدر لم ينسي المقاومين الجراح في الأحد، ويضيف: “وفي معركتنا هذه ما كان للمثلث الأحمر أن يظهر إلا بعد مشوار طويل من إعداد سابق وتدريب ورباط، وحفر الأنفاق، ومد الأسلاك، وفحص العبوات، والرصد والمتابعة، وتجهيز عدسة الكاميرا، وتنظيف السلاح، وقلة النوم، ووجع الظهر، واحمرار العينين، ووجع الركبتين، وشدة البرد وطول السهر، وكثر التضرع لله وطول السجود، والتخطيط الجيد والعمل الجماعي، والسمع والطاعة، والعمل تحت الضغط، والمخاطرة العالية، وقلة الزاد، وإصابة البعض، واستشهاد المقاتلين، والقصف الرهيب”.

الإسلام والأخلاق و”سقوط الغرب” والأنظمة العربية

ويشدد الشهيد على الحضور الأخلاقي في الفكر الإسلامي، وأن الحروب والنصر والقتال غير منفك في الإسلام عن ضرورة الالتزام بالأخلاق، التي حض عليها القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، ويشير إلى مواقف من يصفهم بـ”المرجفين” الذي انقلبوا على المقاومة خلال الحرب، وكانوا يفرحون لها سابقاً بسبب الانجازات التي حققتها، ويقول إن “ما يحزنه هو متدين لم يشرفوا الإيمان بسلوكهم ولم يحققوا العدالة التي أمروا بها”.

ويستعين بأسباب موضوعية للنهي عن “الوهن”، حسب وصفه، بينها ما أصاب الاحتلال في معركة السابع من أكتوبر من خسائر فادحة وسقوط نظرية الردع والحسم وتحطيم الرخاء الاقتصادي الذي قامت عليه دولة الاحتلال، وأن القتال هو من أجل الله ولدفع الظلم، وأن العاقبة للمؤمنين وأن الاحتلال لم يدخل الأرض التي اجتاحها إلا بعد تدمير منازلها ومساجدها.

ويتطرق إلى الأكاذيب التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف أخرى حليفة للاحتلال، عن مزاعم “قتل المقاومين للأطفال”، ويؤكد أن هذا لم يحصل، ويشير إلى الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الأطفال والمدنيين والنساء، في كل حروبه على الشعب الفلسطيني وغزة.

ويتحدث عن ذكريات شهر رمضان الذي حلَ مجدداً على غزة، وهي وسط حرب الإبادة، ويصفه بأنه أجمل “رمضان مر عليه”، رغم الظروف القاسية، بسبب الأجواء الإيمانية التي حرص الناس والمقاومون عليها لمواجهة ما يشنه الاحتلال عليهم من تدمير، وينتقد الدعاة الذي رفعوا “شعار تجديد الخطاب الديني”، لكنهم غابوا في هذه المعركة عن حشد الأمة والناس لرفع الظلم عن غزة ومواجهة العدوان والطغيان، ورغم انشغاله مع المقاومين بمواجهة الاحتلال إلا أنه لا ينسى دور العمل الخيري، في الحرب، ويؤكد على فضله، ويذكر قصصاً من أعمال خيرية نفذها مع رفاقه لإعانة الناس الذين كابدوا الأهوال جراء العدوان، بعضها تأمين الماء والكهرباء والغذاء، وسط حرب التجويع والحصار الشديدين.

يروي الشهيد كيف رأى في المنام أن والده “يحلق شعره”، وقد استبشر بهذه الرؤية، كما يقول، وبعد أيام وصله خبر إفراج قوات الاحتلال عن شقيقه، الذي اعتقل خلال الحرب، لمدة 25 يوماً، وهو يتذكر كيف كان والده يبكي بحرقة شديدة، في الاتصال الأول بينهما، بعد أسابيع من الانقطاع بسبب الظروف، جراء شوقه الشديد له، والاطمئنان عليه أنه لم يمس أذى، ويتحدث عن الحب العظيم الذي يكنه لوالده، واشتياقه لتفاصيل كثيرة معه، بينها صلاة العيد إلى جانب، وأن يسلم عليه ويقبل يديه.

ومن التفاصيل القاسية غيابه القسري عن والدته التي كانت تعاني المرض، خلال الحرب، وهو يعدد صفاتها وكيف حفظت القرآن رغم معاناتها من أوجاع مختلفة، وكيف أجريت له عدة عمليات، وأولادها أحدهم أسير وآخرين في ميدان قتال الاحتلال والرابع مسافر.

ويربط بين قصة الصحابي مصعب بن عمير الذي كان قبل إسلامه شديد الرفاه ويلبس أفضل اللباس، وأصبح زاهداً بعد إسلامه لا يجد ثوباً واحداً، والمقاومين الذين كانوا يعيشون في ظروف ممتازة ويحبون الحياة، وخلال الحرب تغيرت أحوالهم وأصبحوا لا يجدون كثيراً من الأشياء المادية، لكنهم واصلوا قتال الاحتلال والدفاع عن المظلومين.

ويؤكد أن أحداث السابع من أكتوبر وما لحقها من أهوال يجب أن تدفع الأمة نحو التغيير، والعمل على المستوى الفردي والجماعي لتبديل أحوالها، حسب وصفه، وأن الكلام داخل المساجد والصوامع لوحدها “لا يكفي”، يضيف الشهيد، بل يجب العمل على الإعداد المادي والإيماني لرفع الظلم عن الناس، ويناقش طالب علم يعيش في دولة مطبعة مع الاحتلال كتب على منصة “اكس” دعاء لبلده ب”الاستقرار وأن يقيم الله الخلافة”، ويقول له الشهيد: “هل أنت مقتنع حقاً أن الاستقرار الحالي فيه خدمة للإسلام؟ أي شيطان لعين هذا الذي أقنعك أن الشيطان محمود لذاته؟ أليس نموذج الخلافة هو نموذج مغاير لهؤلاء الأنجاس؟”.

وينتقل إلى السيرة النبوية ويقول إن تدبره فيها قاده إلى تشابهات بين أحداثها وما مر على غزة والشعب الفلسطيني، منذ السابع من أكتوبر، ويشبه الهجرة للحبشة وهجوم السابع من أكتوبر من ناحية “عدم تسجيل أي خرق أمني”، والهجرة إلى المدينة والنزوح، والتضخم السكاني في المدينة بعد الهجرة، وقافلة بدر إذ أراد المجاهدون الأسرى لكن الله “أراد إحقاق الحق”، وأعياد النبي صلى الله عليه وسلم وأعياد أهل غزة في الحرب، وشهداء غزوة أحد والشهداء القادة والاغتيالات خلال الحرب وغيرها من القضايا.

“تمنيت وأنا في المستشفى أن أكون طبيباً لإنقاذ المرضى والجرحى”، يقول الشهيد وهو يصف المشاهد القاسية والفظائع التي رأها في الليلة التي باتها في المستشفى، بعد أن اختنقت أروقة المستشفى وأرضيتها بالشهداء والجرحى، وسط صرخات المكلومين الذين فقدوا أعز الناس عليهم، جراء مجازر الاحتلال التي استهدفت الأطفال والنساء والمدنيين، ويذكر كيف حرم لأسابيع طويلة من رؤية زوجته وأطفاله وهو يتقلب على نار الشوق لهم والخوف من استهدافهم من الاحتلال في حال اتصاله بهم.

ويخصص الشهيد فصولاً من كتابه للتدبر في سور من القرآن الكريم، والتذكير بفضل الدعاء والعلم الشرعي وحفظ الآيات، ويشير إلى مشاريع علمية وأكاديميات أقامها مع رفاق آخرين له قبل الحرب، وساهمت في تحفيظ القرآن الكريم لأجيال وتقديم العلم الشرعي، وقد دمر الاحتلال مبانيها، وقتل عدداً من القائمين عليها بينهم الدكتور محمد حمودة، ويكشف أن ضابطاً من جيش الاحتلال اتصل بأحد النازحين في مأوى وقال له “سنقصف المكان لأنكم تحفظون فيه القرآن الكريم”.

ويتحدث الشهيد عن اهتمامه بالفن والنشيد الملتزم، ويروي كيف كان يكتب بعض عبارات الأناشيد التي يحبها على جدران أماكن خلال رباطه مع مجموعته لقتال الاحتلال، وينتقل من الأجواء الإيمانية إلى نقد الحضارة الغربية التي يراها أنها دمرت البشرية ولم تقم العدل وظلمت المجتمعات، ثم ينتقد الأنظمة العربية وبينها النظام الأردني الذي منع تفعيل الجبهة الشرقية لفلسطين التي لو حصل ذلك لكان الاحتلال قد استنزف ولم يستفرد بغزة ويواصل ارتكاب الجرائم فيها، حسب وصفه، ويعرج على النظام المصري وكيف أن الاتفاقيات مع الاحتلال كان هدفها منع الجبهة المصرية من التحرك لنصرة فلسطين، وكيف تشارك الأنظمة في حصار الفلسطينيين، وتقيم العلاقات الاقتصادية وسط حرب الإبادة والتجويع، ثم يهاجم السلطة الفلسطينية التي يرى أنها قدمت خدمات للاحتلال وقمعت المقاومين، ويعرج على الأنظمة الحاكمة في الخليج التي لم يكن دورها أقل في الحرب على المقاومة وعدم التحرك لرفع الظلم عن فلسطين، كما يقول.

ويخصص فصلاً في مذكراته للتذكير بالواجبات تجاه الأسرى، في سجون الاحتلال، الذين يكابدون تعذيباً شديداً، ويرد على رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو المجرم الذي ارتكب المجازر الكبيرة، في شعار “النصر المطلق” الذي أطلقه خلال الحرب، ويقول الشهيد إن الله وعد المجاهدين بالتمكين، وستثبت الأيام ذلك، حسب تعبيره.

ويشير إلى الاتهامات التي كان تخرج من بعض الأطراف ضد قيادة حماس، في الخارج، التي تقود المفاوضات، ويقول إن رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري استشهدا ولم يكونا في الفنادق، بل في قيادة العمل المقاوم، ويرى أن “كل نظام مبصر يجعل له نسخاً في كل مكان للحفاظ على بقائه والعمل من أجل قضيته في كل مكان”، ويشير إلى تجربة كيان الاحتلال الذي ينشر اللوبيات في كل مكان ويعمل على الضغط لصالحه على كل الدول، ثم يرد على المزاعم حول أن “الأنفاق فنادق” التي يقول إن بعض “علماء السوء” رددها، ويقول: “خنادقنا وأنفاقنا ليست جبناً يا جبناء فميادين القتال تعرف صولتنا، أنفاقنا فن وتكتيك من فنون القتال، والأنفاق ليست فنادق ولا تصلح للحياة الآدمية ولكنها ضريبة العز والجهاد في سبيل الله”.