مثل كل مرة، نالت انتخابات جامعة بيرزيت اهتمامًا كبيرًا؛ لأنها تشكل بارومتر لاتجاهات الرأي العام الفلسطيني، خصوصًا في الضفة المحتلة.
وساهم في زيادة الاهتمام بهذه الانتخابات هذا العام ما يأتي:
أولًا: جرت بعد انقطاع لأعوام عدة لم تجر فيها انتخابات جراء وباء كورونا، فآخر انتخابات جرت كانت في العام 2019، وجاءت النتائج فيها متعادلة؛ حيث حصلت كتلتا الوفاء والشبيبة على 23 مقعدًا لكل منهما، مع فارق قليل في الأصوات لصالح الشبيبة.
ثانيًا: جرت مياه كثيرة في نهر الحياة السياسية الفلسطينية؛ إذ شهدت المدة الفاصلة بين الانتخابات السابقة والحالية تطورات كبيرة، أبرزها سقوط دونالد ترامب ونجاح جو بايدن؛ حيث شهدنا في عهد ترامب قطيعة في العلاقات الفلسطينية الأميركية، بينما عادت العلاقات رويدًا رويدًا في عهد بايدن، ووفرت القطيعة الأميركية الفلسطينية أرضية سياسية مشتركة بين الفلسطينيين أتاحت فرصة للاتفاق على إجراء الانتخابات الفلسطينية، ثم إلغائها حتى إشعار آخر جراء أسباب وتطورات متعددة، منها نسف الأساس المشترك، ومنح إدارة بايدن الضوء للسلطة الفلسطينية بإلغاء الانتخابات كونها ستمنح الشرعية لحركة حماس ويمكن أن تفوز لائحتها بأعلى عدد من الأصوات، وتداعيات هذا القرار على تعميق الانقسام، خصوصًا بعد جريمة قتل نزار بنات، والغضبة السياسية والشعبية على السلطة التي تزايدت في ظل القمع غير المسبوق الذي مارسته السلطة على المحتجين، التي وصلت إلى اعتقال شخصيات بارزة على النوايا، على أساس أنها كانت تنوي التظاهر.
ثالثًا: شهدت فلسطين، العام الماضي، هبة القدس والشيخ جراح، التي امتدت إلى كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، خصوصًا في أراضي 48، وإلى اندلاع معركة سيف القدس التي مثلت تطورًا مهمًا خصوصًا على صعيد ربط المقاومة في غزة بالقدس وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة، بعد فترة من التعامل مع المقاومة في غزة كأنها مجرد أداة لخدمة السلطة هناك؛ إذ بات أصعب الفصل ما بينها، وكان لهذه المعركة أهميتها كونها جاءت بمبادرة من غزة التي أطلقت الصواريخ منذ اللحظة الأولى نحو القدس وتل أبيب، الأمر الذي له مغزى إستراتيجي لا يمكن إنكاره، ويمكن البناء عليه أو إهداره.
رابعًا: شهدت مرحلة تولي بايدن سدة الحكم في واشنطن العودة إلى المراهنة على إمكانيات إحياء المفاوضات، وما سمي "عملية السلام"، التي انتهت إلى خيبة أمل كاملة ظهرت في لجوء السلطة إلى التعايش والتعاطي عمليًا مع خطط "تقليص الصراع" و"السلام الاقتصادي" و"التعاون الأمني" في الضفة و"التفاهمات الأمنية" في غزة؛ ما يزكي خيار المقاومة ويوجه ضربة جديدة لخيار المفاوضات والسلطة التي تسعى لإعادة إنتاجه بلا جدوى.
خامسًا: ما شهدته الفترة الأخيرة منذ بداية العام من اندلاع الحرب في أوكرانيا، وتداعياتها الفورية على العالم كله، وتداعياتها المحتملة إذا ما استمرت على النظام العالمي الجديد، وعلى الشرق الأوسط، وقضية فلسطين، بما في ذلك ما يتعلق بازدواج المعايير والغلاء والحصول على الاحتياجات الأساسية من الطعام والطاقة والغاز وغيرها.
سادسًا: تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها السلطة في ظل استمرار وزيادة العجز في موازنة السلطة بسبب تداعيات وباء كورونا الاقتصادية، والخصم الذي تقوم به سلطات الاحتلال من أموال المقاصة الفلسطينية، وتراجع الدعم العربي والدولي، بما في ذلك الأميركي والأوروبي بصورة تهدد استقرار السلطة واستمرارها؛ ما أدى إلى تخفيض نسبة صرف رواتب الموظفين المستمر منذ نصف سنة حتى الآن، وهذا الأمر معرض للاستمرار والتفاقم إذا لم تطرأ تطورات إيجابية، وهذا ترك آثارًا سلبية كبيرة على السلطة ومن يمثلها.
سابعًا: تفاقم، بل طغيان أزمة الصراع على السلطة والمراكز والمناصب وخلافة الرئيس، كما يظهر في فصل ناصر القدوة من اللجنة المركزية لحركة فتح بصورة غير قانونية، ومن مؤسسة ياسر عرفات، وتشكيل قائمة الحرية بدعم من القائد الأسير مروان البرغوثي، ومشاركة زوجته وعدد من الكوادر الفتحاوية المحسوبين عليه وتجميد عضويتهم من "فتح"، والتهديد بفصلهم كليًا إذا لم يعتذروا ويتعهدوا بعدم تكرار مخالفة قرارات اللجنة المركزية، وفصل المرشحين في الانتخابات المحلية، بمن فيهم الفائزون، وعلى رأسهم رئيس بلدية الخليل، وعقد مجلس مركزي غير شرعي سياسيًا وقانونيًا، وتعيين أشخاص من الموالين ومحل جدال حتى داخل "فتح" في اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس المركزي/الوطني، والمضي في تآكل المؤسسات وتجويفها كما يظهر في عدم عقد اللجنة التنفيذية المنتخبة في شباط الماضي سوى اجتماع يتيم لم يتم فيه توزيع المهمات بين أعضائها، خصوصًا الأعضاء الجدد؛ حيث بقي منصب أمين سر اللجنة التنفيذية شاغرًا بسبب الخلاف، والدعوة إلى اجتماع طارئ ثم تأجيله إلى أجل غير مسمى، كما لم يعين رئيس للأمن الوقائي خلفًا لزياد هب الريح الذي أصبح وزيرًا للداخلية.
وتتواصل أزمة الحكومة جلية من خلال اتضاح أنها ليست مصدر الحكم، ولا تملك رؤية، ولا برنامجًا جديًا للإصلاح ووقف التدهور، وعجزت عن إجراء تعديلات على تشكيلتها تم الإعلان عنها والتحضير لها، وتلاحقها الإشاعات والمساعي الجدية لتغييرها من أجل تحويلها إلى "كبش فداء" على خلفية الشلل والفشل بعملها في ظل عدم تمكينها من الحكم.
ثامنًا: شهد العام الحالي تصعيدًا متواترًا، خصوصًا في القدس وجنين؛ حيث ارتقى أكثر من خمسين شهيدًا، كما شهد صمودًا ومقاومةً لمساعي تكريس وتشريع الفصل الزماني والمكاني للأقصى، وتنفيذ عمليات مقاومة داخل الخط الأخضر وفي الضفة المحتلة سقط جرائها 18 قتيلًا إسرائيليًا، ووصلنا إلى الذروة باغتيال شيرين أبو عاقلة، الذي كان حدثًا فارقًا أثر في فرض القضية الفلسطينية إلى صدارة الأحداث الدولية، ويمكن أن يكون بداية تحول تاريخي إن أحسن الفلسطينيون التصرف وكانوا في مستوى الحدث.
في هذا السياق، جرت انتخابات جامعة بير زيت التي لا يمكن عزلها عن كل ما سبق، فيكفي أن نورد ما جاء على لسان مناظر كتلة الوفاء ومعظمه لا تتحمل وزره كتلة الشبيبة في الجامعة، وإنما السلطة بسياستها البائسة وإدارتها السيئة وبفسادها وقمعها وتنسيقها الأمني. ويضاف إلى ذلك فصل منسق الشبيبة وزملائه السابقين في جامعة بيرزيت على خلفية بيان الشبيبة الذي أدان مقتل نزار بنات.
الشبيبة ضحية التنافس ما بين مراكز القوة في "فتح"
إنّ من أهم الأخطاء التي ارتكبتها حركة فتح منذ تأسيس السلطة وتفاقمت كثيرًا ونوعيًا في عهد الرئيس محمود عباس ذوبانها في السلطة وأجهزتها الأمنية؛ ما حولها أكثر وأكثر إلى حزب الموظفين، وإلى تحملها أوزار السلطة، خصوصًا في مرحلة هبوطها بعد انتهاء "العصر الذهبي " لاتفاق أوسلو وبدء العصر السيئ له بعد اغتيال ياسر عرفات، حين باتت السلطة هدفًا بحد ذاتها، وليست خطة لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة؛ ما جعلها ترتهن أكثر وأكثر للاحتلال من دون التزامات متبادلة ولا أفق سياسي، وما جعل بروز ظواهر ممكنة مثل قيام بعض أعضاء من الشبيبة إلى جانب الأجهزة الأمنية تساهم في قمع المظاهرات المطالبة بالعدالة ومحاكمة المسؤولين عن قتل نزار بنات.
وهذا جعل الشبيبة ضحية للتنافس بين الأجهزة وما بين مراكز القوة في "فتح" وما بين المناطق المختلفة، فالمنازعات داخل الشبيبة لا تقل عما بينها وبين منافسيها من الكتل الأخرى، فمن الجدير بالذكر أن أجنحة من الشبيبة اشتركت في شجار داخلي مع بعضها في أوائل العام الدراسي وأثناء استقبال الطلبة الجدد؛ ما ترك أسوأ الآثار على صورتها.
كما لا يمكن إسقاط عامل أن المرجعية الفتحاوية الجديدة السياسية للإشراف على الانتخابات هذا العام لم تكن محل قبول من المرجعيات السابقة، خصوصًا الأمنية؛ ما يدفع البعض للترويج إلى أنها لم تضع كل ثقلها لفوز الشبيبة؛ حتى لا تتكرس المرجعية الجديدة ومن كان على رأسها، وهو من المتنازعين على القيادة، وأن الطلاب والطالبات من القدس الذين يشكلون نسبة مهمة من مجموع الطلاب (حوالي 4 آلاف طالب) معظمهم صوتوا لصالح الوفاء، لأن الغضب على السلطة في القدس كبير ويتعاظم جراء الإهمال والتخلي. هذا مع الإشارة إلى أن عدد طلاب الجامعة يزيد على 15 ألف طالب، فيما بلغ عدد الطلاب الذين يحق لهم الاقتراع من طلبة البكالوريوس حوالي 12500 طالب، وتشكل الطالبات النسبة الأكبر بواقع 62% مقابل 38% للطلاب. كما يشكل الطلاب من محافظة رام الله والبيرة والقدس حوالي ثلاثة أرباع الطلبة، فيما يتوزع الربع الأخير على طلاب المحافظات الأخرى، وهذا عامل يقلل من اعتبار أن انتخابات بيرزيت تعدّ انعطافة لا رجعة عنها، يضاف إلى ذلك أن الطلاب الذين يشاركون في الانتخابات تتراوح أعمارهم ما بين 18-23 عامًا، وهي شريحة أكثر حماسة نعم، ولكنها لا تمثل مختلف شرائح الشعب الفلسطيني.
ومن ضمن أهم الأسباب لخسارة الشبيبة كونها لا تحظى بقيادة مستقرة منتخبة من الطلاب، بل يعين الموالون ويعزل الأكفاء وأصحاب الرأي؛ ما لا يمكّن من حشد كل أنصار حركة فتح.
ومن الأسباب التي تفسر ما جرى تميّز كتلة الوفاء، فهي كتلة متماسكة ونشيطة ومثابرة ومنفتحة، وتتحلى بقيادة نموذجية، وتهتم باحتياجات الطلاب، ومواصلة العمل طوال العام، كما أن كوادرها مناضلون كما يظهر في تقديم العديد من الشهداء، والعشرات من كوادرها قابعون في السجون الإسرائيلية، كان آخرهم اعتقال المناظر معتصم زلّوم وزملائه ليلة الانتخابات في محاولة للتأثير على نتائجها، فالاحتلال غبي ولم يدرك من تجاربه السابقة أن الاعتقال والاغتيال يزيد من شعبية الفصيل الذي يتعرض له، فهكذا الاحتلال يؤمن بأن ما لا تحققه القوة يحققه المزيد من القوة.
الوفاء فازت 12 مرة والشبيبة 10 مرات وتعادلتا مرة واحدة
حتى تكتمل الصورة، نذكّر بأن الانتخابات جرت في جامعة بير زيت منذ تأسيس السلطة 23 مرة، فازت فيها كتلة الوفاء 12 مرة، والشبيبة 10 مرات، وتعادلتا مرة واحدة؛ أي أن وزن الوفاء ليس جديدًا ومستقرًا.
ومن الملاحظ أن الشبيبة فازت في جميع انتخابات بيرزيت التي جرت بعد الحسم العسكري/الانقلاب حتى العام 2015؛ حيث حصلت الشبيبة في العام 2008 على 25 مقعدًا مقابل 19 مقعدًا للوفاء، وفي العام 2009على 24 مقعدًا مقابل 22 للوفاء، كما حصلت في العامين 2010 و2011 على 31 مقعدًا و29 مقعدًا في ظل مقاطعة الوفاء للانتخابات خلال هذين العامين، وحصلت في العام 2012 على 26 مقعدًا مقابل 19 للوفاء، وحصلت على 23 مقعدًا في العامين 2013 و2014 مقابل 20 مقعدًا للوفاء.
وشكّل العام 2015 نقطة تحول بالنسبة إلى كتلة الوفاء؛ إذ فازت حينها بأغلبية مقاعد المجلس 26 مقعدًا مقابل، 19 مقعدًا للشبيبة، ومن حينها لم تخسر الوفاء الانتخابات في الجامعة، باستثناء تعادل الكتلتين في عدد المقاعد في العام 2019، إلى أن فازت فوزًا كبيرًا هذا العام بحصولها على 28 مقعدًا، وهي أعلى نتيجة تحصل عليها الوفاء طوال تاريخها في بيرزيت، مقابل 18 مقعدًا للشبيبة، وهي من أسوأ النتائج التي حصلت عليها الشبيبة؛ إذ من الجدير التذكير أنها حصلت على 17 مقعدًا في العام 1996، و18 مقعدًا في العام 2006 بعد شهور قليلة من فوز حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي وتشكيل الحكومة.
يقودنا ما سبق إلى الموضوع الأهم في هذا المقال، وهو هل الفوز الباهر وبفارق غير مسبوق يؤشر إلى تحول تاريخي وانعطافة أم مجرد ظاهرة قابلة للتغيير؟
من السابق لأوانه الحسم الآن بهذا الأمر، لأن نتائج الانتخابات متذبذبة منذ البداية مع غلبة لصالح الوفاء. لقد قيل إن نتائج انتخابات 2015 تمثل انعطافة، ولم يثبت ذلك، بدليل التعادل بانتخابات 2019، وتقليص الفارق لصالح الشبيبة على حساب الوفاء في السنوات اللاحقة، وصولًا إلى التعادل في العام 2019.
وهناك من قلل من قيمة خسارة الشبيبة هذا العام، وعزاها إلى أسباب فرعية مثل أن أبناء من كوادر فتح يصوتون للوفاء، وهذا لا يقدم التفسير المطلوب.
انتصار للمقاومة قول فيه نظر
القول إن انتصار الوفاء انتصار للمقاومة لا يستقيم؛ لأن ذلك يعني أن نتائج انتخابات المحامين والانتخابات المحلية وغيرها هزيمة للمقاومة، وهذا يعني أيضًا أن خسارة الوفاء في السابق هزيمة للمقاومة، وهذا الأمر لا يستقيم أيضًا! مع ملاحظة أن صواريخ القسام والتمسك بالتنسيق الأمني يلعبان دورًا متعاكسًا، ولكن هنا يجب ملاحظة أن المقاومة والإنجازات تجري في إطار سجن غزة، الذي يعدّ أكبر وأطول سجن، ولم تستثمر سياسيًا وتكلفتها عالية جدًا؛ حيث ارتقى منذ العام 2006 أكثر من 7 آلاف شهيد فلسطيني، بينما سقط أقل من 300 قتيل إسرائيلي، إضافة إلى أضعاف العدد من الجرحى وتدمير المنازل والبنية التحتية؛ ما جعل نسبة الشباب في قطاع غزة الذين يريدون الهجرة والبطالة والعائلات تحت مستوى الفقر كبيرة جدًا.
كما يوجد غبن بالشبيبة وحركة فتح، فهي قاومت وتقاوم، والمعتقلات والشهداء والجرحى وميادين المواجهة تشهد، ولكن "فتح" لا تستطيع أن تستثمر مقاومتها وإنجازاتها؛ لأن قيادتها في واد آخر تمامًا. ومن هنا فأحد عوامل استعادة الشبيبة لنفوذها أن تقيم مسافة واضحة بينها وبين السلطة؛ حيث تكون إلى جانب الدفاع عن الحقوق والحريات وضد الفساد والتنسيق الأمني، وهنا يحضرني أن الهيئة التنفيذية لاتحاد طلبة فلسطين التي كانت الأغلبية فيها دائمًا لحركة فتح عارضت في مرات عدة القيادة، التي كان على رأسها ياسر عرفات، وفي مرحلة النهوض الفلسطيني العظيم.
تأسيسًا على ما سبق، لا توجد مبالغة في القول إن السبب الرئيسي لخسارة الشبيبة يرجع إلى التصويت احتجاجًا على ما وصلت إليه السلطة، وبعد ذلك نضع الأسباب المتعلقة بالشبيبة، وإذا استمرت الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة، وخصوصًا السلطة على ما هي عليه وتدهورت أكثر سنكون أمام إنعطافة، واذا تمت المراجعة ستحدث عودة إلى ما كان عليه الوضع في السابق.
يبقى التوقف أمام الكتل اليسارية التي لم تتجاوز كتلتان منها نسبة الحسم، بينما حافظت كتلة القطب الديمقراطي على حجمها المعتاد، وهنا لا يكفي وحتى من غير الصحيح إرجاع الأمر كله أو جله إلى عدم وحدتها، وإنما عليها بشكل منفرد أساسًا، وجماعي تاليًا، فعليها كل على حدة وبشكل مشترك مراجعة تجربتها، واستخلاص العبر، وترى هل قدمت رؤية واضحة فكرية وسياسية واقتصادية وثقافية ومهنية، والأهم هل قدمت نموذجًا في الممارسة مختلفًا وبديلًا يجذب الناخبين، أم تبقى تلوم الآخرين والظروف وتدور في فلك هذا الطرف أو ذاك، وتغرق في الأيديولوجيا في زمن تراجعت فيه الأيديولوجيا، أو تكتفي بالنقد وتسجيل مواقف للتاريخ ولا تقدم ممارسة بديلة، ولا تتقدم أكثر لنقد قيادتها المتقادمة والمترهلة التي لا تملك إمكانيات حقيقية للتجديد والتغيير وحتى للإصلاح؟