خلال جلسة المحكمة الصهيونية "العليا"، حاول القضاة الصهاينة مساومةَ أهل الحي على الآتي:
- الاعتراف بملكية المستوطنين للمنازل مقابل اعتبار أهل الحي "مستأجرين محميين"، مع اعتبار الجيل الحالي من السكان جيلاً أول، أي أنهم يستمرون في بيوتهم لجيلهم وجيل أولادهم وأحفادهم لكن وجودهم في بيوتهم ينتهي بوفاة الأحفاد، أي الجيل الثالث، بموجب القانون الصهيوني للإيجار المحمي.
- التعهد بعدم إخلاء أهل الحي تحت أي ذريعة حتى الجيل الثالث، بشرط إقرار أهل الحي بملكية المستوطنين للحي.
- مساومة أهل الحي بالقول إنكم إن لم تقبلوا هذه التسوية فالمحكمة لا تتعهد بقبول الاستئناف، وربما ترفضه فتنتهي القضية عند قرار التهجير الذي سبق للمحكمة الصهيونية المركزية أن أصدرته.
رفض أهالي الحي اليوم هذه المساومة التي تحاول مصادرة حقهم وتسليمه للمستوطنين بسيف المحكمة، وبناء على ذلك أعلنت المحكمة منح مهلة للطرفين لإمكانية التسوية من جديد وعقد جلسة أخرى مشابهة خلال أيام.
وهذه المجريات لها دلالات مهمة:
1- يتضح من إصرار المحكمة والمستوطنين معاً على اعتراف أهل الحي بالملكية للمستوطنين أنهم لا يثقون بزعمهم للملكية ويستبطنون أنها ادعاء هش وفارغ ولا يمكن إثباته عملياً، ولذلك فهم يحتاجون إلى اعتراف أهل الحي بهذه الملكية ويدفعونهم إلى ذلك بأي شكل من الأشكال.
2- تعول سلطات الاحتلال –والمحكمة واجهة لها- على شق صف أهل الحي، لذلك هي تمنح المهلة تلو المهلة للوصول إلى فرض مساومة تدفع أهل الحي للاعتراف بملكية المستوطنين؛ هذه عملياً ليست "مُهَلا للتفكير" بقدر ما هي مُهَل للضغط على أهل الحي وشقِّ صفهم.
3- المتوقع انطلاقاً من ذلك أن يتعرض الحي لقمع مكثف منذ ما بعد المحكمة وحتى الجلسة القادمة، لعل الترهيب يدفع بعض أهل الحي لقبول الحل الأسهل والاعتراف بالملكية للمستوطنين ليتخلصوا مما سيفرض عليهم من ضغوط، وهذا يجعل دعم أهل حي كرم الجاعوني بكل الوسائل الممكنة واجب اللحظة والأولوية الأولى.
4- إذا حافظ أهل الحي على وحدة موقفهم فإن المحكمة ستفشل في تصدير أزمتها إليهم، وستصبح هي أمام خيارات صعبة: فإما أن ترفض الاستئناف وتضع الحكومة الصهيونية الهشة أمام تحدي تنفيذ التهجير، أو أن تقبل الاستئناف وحينها ستكون مضطرة لفتح النقاش حول الملكية الأصلية، وهو الباب الذي كانت المحاكم المتعاقبة تصر على إبقائه مقفلاً لإدراكها أنه سينقلب ضد المستوطنين.
نحن أمام أيام فاصلة مفتاح عبورها وحدة صف أهل الحي وثباتهم على حقهم، ودعمهم بما يمنع الاحتلال من دفع أي منهم لقبول الحل الأسهل تحت الضغوط الكبيرة التي توضع عليهم.