شبكة قدس الإخبارية

الأسير حامد ودّع والدته للقاء قريب.. فكان الأخير

118791117_1719694404854063_5302352773204582151_n
شذى حمّاد

رام الله المحتلة - خاص قدس الإخبارية: لم يتأخر خبر الموت، ووصل سريعاً إلى سجن جلبوع، ولكن من يجرؤ الآن على حمله؟ من يجرؤ على نقل الخبر بين الأقسام وصولاً إلى صاحبه الأسير مالك حامد، الذي لم يُهيأ لتلقي خبر وفاة والدته المفاجئ، فقبل أيام قليلة كانت بزيارته، واطمأن على حالها وحال عائلته.

ساعات طويلة وثقيلة مرّت على رفاق الأسير مالك، فور وصول خبر وفاة والدته نجاح حامد بجلطة قلبية خلال خضوعها لعملية جراحية في مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله، يوم الخميس الموافق الثالث من أيلول/سبتمبر، ليقرر الأسرى عدم نقل الخبر مباشرة لنجلها والبدء بتهيئته حتى اليوم التالي، ليخبروه أن زيارة والدته كانت الأخيرة، فلن يراها بعد اليوم، ولن يسمع صوت دعائها. فالوالدة رحلت إلى الأبد. 

الأسير مالك حامد (26عاماً) من بلدة سلواد شرق رام الله، معتقل منذ عام 2017 بعد تنفيذه عملية دهس قتل فيها اثنين من جنود الاحتلال. ليصدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد مرتين قبل أن يهدم منزل عائلته. 

وينتظر مالك محاكمة جديدة بعد توجيه الاحتلال لائحة اتهام له إثر تنفيذه عملية داخل السجن ثأراً لدماء الشهيد الأسير فارس بارود، وذلك بإلقاء الماء الساخن على أحد السجانين ما أدى لإصابته بجروحٍ بالغة، فيما قمعت إدارة السجون مالك ونقلته للعزل الانفرادي وحرمته من زيارة عائلته لشهور. 

بعد شهور عديدة من حرمان مالك الزيارة، وتذرع الاحتلال بتفشي حالة كورونا، تمكن مالك من رؤية والدته نجاح التي زارته في 11 آب/أغسطس، وكتبت من أمام سجن جلبوع على صفحتها في فيسبوك، "يا ميسر الأمور يا الله، زيارة مالك الغالي .. ادعولنا نوصل بالسلامة".

 ورغم دعوات نجاح في كل مرة أن تكون هذه الزيارة الأخيرة وأن يتحرر نجلها ويعود لحضنها، إلا أنها رحلت قبل أن تُلبى دعواتها، ولكن بيقين أن انتزاع مالك لحريته لن يطول. وقد كتبت في عيد الأضحى، "فك الله أسرك مالك يا قلبي ويرضى عليك إن شاء الله العيد الجاي بتكون محرر بإذن الله أنتَ وكل الأسرى والفرج القريب يارب". 

نجاح ومنذ اللحظات الأولى لاعتقال نجلها بعد تنفيذه عمليته، كانت معتدة وفخورة به. تتابع بهدوء وقوة تزاحم الأخبار حول العملية، ومالك في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كعملية دهس نوعية بموقعها ونتيجتها.

لم يطل الاحتلال واقتحم سريعاً منزل مالك في ذات اليوم وبعد ساعات قليلة من العملية. لتجد نجاح نفسها في مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال ومحققيه، تخضع للتحقيق مرة، ومرّة للصراخ والوعيد والتهديد، قبل أن تُبلغ بقرار هدم منزلها ثم اعتقال نجلها الثاني موسى. 

وبعد أيام عدة، نفذ الاحتلال هدم المنزل فعلياً، وبدأت أم مالك مشوارًا جديدًا من الصمود، قبل أن تبدأ رحلتها الطويلة بين السجون والمحاكم.

رغم أن اعتقال مالك النجل الأكبر لنجاح كان المرة الأولى، وهي المرة الأولى التي تحمل فيها لقب أم الأسير، إلا أنها بدت ذات تجربة طويلة، إذ كل ما يحيطها تجارب عائلتها بين الأسر والإبعاد، أولاد أشقائها، صالح منير حامد المحكوم بالسجن ١٨ عامًا،  وعبد الله منير حامد المحكوم بالسجن المؤبد مرتين، وأمجد مصطفى حامد المحكوم بالسجن المؤبد، وعلي عصام حامد المحكوم بالسجن عامين، بالاضافة لمعاذ حامد المعتقل منذ سنوات في سجون السلطة.. وأحمد مصطفى حامد المُبعد إلى تركيا، وخالد حامد المُبعد إلى غزة.

 كالكثير من أمهات فلسطين، رحلت نجاح اليوم محرومة من نجلها الأسير، من وداعه الأخير، وقبلته الأخيرة، وقد حُرمت من تحقيق حلمها بحرية نجلها، الحلم الذي كان تقول إن تحقيقه بات وشيكاً. لكنها رحلت بيقين أن نجلها البطل الآن قادراً على استكمال مشواره وحيداً، فيما سيبقى دعاؤها يحرسه.