شبكة قدس الإخبارية

التقسيم المكاني للأقصى يمكن إفشاله مبكراً

9223f-
زياد ابحيص

منذ عام 2000 بدأ الاحتلال يعمل على فرض التقسيم الزماني للأقصى، فانطلق من محاولة تخصيص أوقاتٍ محددة لصلاة اليهود فيه، إلى محاولة توسيعها لتصبح مساوية تماماً لأوقات وجود المسلمين، وانتهاء بتخصيص الأقصى لليهود خالصاً في أعيادهم... نعم تقدّمت هذه الأجندة، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى ما تريد: فاقتحام المستوطنين ما زال مصحوباً بأضعاف عددهم من الشرطة، وتخصيص الأقصى لليهود في أعيادهم فشل على وقع انتفاضة السكاكين في 2015، ومحاولة فرض الهيمنة الأمنية التامة على الأقصى سقطت في هبة باب الأسباط في 2017.

قد يسمح ميزان القوى للاحتلال بأن يفرض شيئاً بالقوة، لكنه لا يسمح له بتطبيعه ولا بتثبيته مدة طويلة من الزمن، وهذا ما شهدت به التجربة...19 عاماً من محاولة فرض التقسيم الزماني لم توصله إلى مبتغاه، وقفت له انتفاضة الأقصى ثم تجربة شد الرحال وتجربة الرباط ومن بعدها انتفاضة السكاكين وهبة باب الأسباط، إذا ما قيس التقدم بالزمن فالصمود كان مجدياً وما يزال، والمقاومة أجبرت المحتل على التراجع وما تزال قادرةً إن حضرت.

أمام هذا التوقف الطويل عند التقسيم الزماني قررت جماعات المعبد المتطرفة في عام 2018 أن تغير منهجيتها، وأن تنتقل إلى محاولة فرض التقسيم المكاني بموازاة عملها على تحقيق التقسيم الزماني، وهي التي كانت تعتبره متطلباً سابقاً من قبل.

التقسيم المكاني ينطوي على إغلاق مساحةٍ من الأقصى أمام المصلين المسلمين، ويعوّل الاحتلال على فرض ذلك بالرقابة الأمنية وبردع المخالفين بالاعتداء عليهم والتنكيل بهم، وهو يحاول تطبيق ذلك في محيط باب الرحمة الآن، وهذه الطريقة هشة جداً، لأن كسرها لعدة مرات أو عدة أيام كفيل بمنع تحقيقها...

إن لم ينجح في هذه المحاولة فالبديل هو محاولة وضع حواجز دائمة تفصل محيط باب الرحمة عن بقية الأقصى، وهذه بات يعرف بالتجربة أنها صعبة وتجلب مقاومة جماهيرية حاشدة، ولذلك هو يتجنبها ويفضل الطريقة الأولى لأنها أسهل له... فهل نقبل بتفريغ طوعي لباب الرحمة خوفاً من الثمن؟ هل نسمح للتقسيم المكاني أن يُفرض بجدران الخوف والردع وحدها؟ ترى ما الذي سيحل بجدار الخوف الوهمي هذا لو كسره ألف من الناس، أو عشرة آلاف؟ هل يقدر الاحتلال على التنكيل بهم جميعاً؟ أم يسقط في يده؟

نعم المقصرون في الدفاع عن الأقصى كثر، وأولهم النظام الرسمي العربي؛ لكن هل نملك أن نشير إلى هذا التقصير كي نبرر اللحاق به؟!

المعادلة كانت وما تزال أن الأقصى مسيَّجٌ ومحميٌّ بالجماهير، وأن حضورهم الحاشد أو حضور مقاومتهم كفيل بكسر مخططات الاحتلال فيه أو دفعها إلى الخلف مدة من الزمن، والصلاة والرباط في ساحة الأقصى الشرقية كفيلة لوحدها بأن تشكل حلاً رغم كل التخاذل والتواطؤ...

الرباط عند باب الرحمة هو واجب الساعة، وهو مفتاح إجهاض بوادر التقسيم المكاني، فهل يجد من يتصدى له؟