شبكة قدس الإخبارية

نعتذر عن تقديم العلاج.. الموت يتربص مرضى السرطان بغزة

دعاء شاهين

غزة- خاص قدس الإخبارية: يتكئ المسن يوسف خليل على زوجته منتظراً الحصول على جرعةٍ جديدة من علاج الكيماوي الخاص بمرضى السرطان، إلا أن عدم توافره جعل حضوره إلى المستشفى كعدمه في ظل نفاذه بشكلٍ كامل من مستشفيات قطاع غزة.

ويصطحب المريض خليل المصاب بمرض سرطان الغدد الليمفاوية منذ 5 سنوات في كل جلسة من جلسات العلاج إذ لا يستطيع الاستغناء عنها بالمطلق وتشكل بالنسبة له شريان الحياة.

وتقول زوجته لـ "قدس الإخبارية" إنها تصطحبه لتلقي جرعات العلاج الكيماوي مرة كل أسبوع، إذ لا يستطيع العيش دونها، فهي التي تجعله على قيد الحياة، ورغم شدة تعبه على أثرها لكنه لا يستغني عنها ولا يوجد بدائل.

وتضيف: "خليل أصيب بورم في الغدد الليمفاوية منذ خمس سنوات، ويداوم على العلاج بشكل مستمر، وأحيانًا يضطر لشرائه من الصيدليات التجارية مثل إبرة الكالسيوم لعدم توافرها في صيدليات المشفى رغم ارتفاع ثمنها حيث يصل لـ 400 شيكل، مما يضعه أمام معضلة كبيرة فهو بالكاد قادر على توفير لقمة عيشه".

وتستكمل زوجته: "ليس من حق أي جهة أن تمنع العلاج عن مرضى السرطان، تحت أي سبب كان، فهم ليس لهم أي ذنب والجميع تحت طائلة الاتهام والمسؤولية وما يحصل للمرضى من خطر ينذرهم بالموت تتحمل مسؤوليته تلك الجهات".

وبحسب تقديرات وزارة الصحة فقد بلغ عدد مرضى الأورام من كبار السن 6100 مريض، و460 مريضا من الأطفال يتلقون الرعاية الصحية في مستشفى الرنتيسي بغزة، إلى جانب وجود 1700 مريض أورام كبار في مستشفى غزة الاوروبي بخان يونس.

أما الطفل جابر المنسي (15 عاماً) أخذ العلاج الكيماوي جزءً كبيرًا من جسده لكنه في نفس الوقت ليس بمقدوره الامتناع عنه، ويحتاج الطفل للحصول على تحويلة طبيّة نموذج رقم واحد للعلاج بالخارج وما زال ينتظر الموافقة عليه، لكنه حتى يأتي موعد سفره يحتاج لعلاج مكثف لكنه غير موجود، مما يجعله يواجه الموت وحده.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أعلنت، أمس الأحد، عن توقف خدماتها في العلاج الكيماوي لمرضى السرطان، بعد نفاده من المستشفيات والعيادات الصحية ومستودعات الأدوية.

وذكرت الوزارة أن أدوية السرطان نفذت بشكل يزيد عن 80% من أدوية السرطان في غزة ويجعل البروتوكولات العلاجية كافة غير قابلة للتطبيق، موضحة أن مرضى السرطان في غزة أمام وضع كارثي ومأساوي وخطير، في ظل منعهم، من التوجه للعلاج إلى مستشفيات القدس، والداخل الفلسطيني، والضفة المحتلة.

وأمام ذلك ومن المتوقع أن يؤدي عدم توافر العلاج في قطاع غزة، إلى ارتفاع عدد المرضى الذين سيطالبون بالعلاج خارج قطاع غزة، على الأقل لحين توفر الأدوية الكيميائية -وهذا ليس مضمونًا-، إذ تقول منظمة الصحة العالمية إن الموافقة على تصاريح العلاج تنخفض بشكل سنوي ولكنها بلغت في عام 2017 أدنى درجة لها خلال 10 سنوات.

فتشير أرقام المنظمة أن 54٪ من طلبات تصاريح العلاج حصلت على موافقة مقارنة بـ 93٪ في عام 2012، فيما يوضح منسق الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، أن إسرائيل تابعت 28 ألف طلب تصريح طبي في النصف الأول من عام 2018 ووافقت على أكثر من 50٪ منها.

من جانبه، قال رئيس قسم الأورام السرطانية في قطاع غزة خالد ثابت لـ "قدس الإخبارية" إنّ أزمة عدم توافر العلاج ليست بالجديدة، ولكنها تفاقمت بشكل كبير في هذه الفترة لأنها تمثلت في نقص أهم علاج بالنسبة لمرضى السرطان وهو العلاج الكيماوي، بالإضافة إلى نفاذ عقار "النوبوجين" المستخدم لرفع المناعة لدى المرضى.

وعزا ثابت تفاقم الأزمة إلى عدم توريد الأدوية لمخازن الأدوية في وزارة الصحة، بسبب وجود أزمة مالية تراكمت على كاهل السلطة من قبل شركات الأدويّة بمئات الملايين مما أدى لنقص الأدوية في مشافي رام الله وأثرت بشكل كبير على مشافي غزة.

وأفاد ثابت أن قرابة الـ 700 مريض ممن يتعالجون بالعلاج الكيماوي يتوافدون على المشفى شهريًّا، وما زاد الأمر أكثر خطورة منع جزء منهم من العلاج بالخارج من قبل الاحتلال الاسرائيلي، مما يجعل المرضى يتعرضون لمضاعفات.

من جانبها، أكدت وزارة الصحة في رام الله أنها أرسلت، اليوم الاثنين، أدوية مرضى السرطان إلى مستودعاتها في قطاع غزة تكفي لثلاثة أشهر، مضيفة أنها تلقت بالأمس فقط مراسلة من مستودعات غزة تفيد بوجود نقص بهذا الصنف من الدواء.

وأضافت: "أرسلت شحنة أدوية لمرضى السرطان الشهر الماضي، تبلغ قيمتها إضافة إلى شحنة اليوم حوالي 6 مليون شيقل"، مشيرة  إلى أنها لم تكن على علم بنقص هذه الأدوية وذلك لعدم سيطرتها الكاملة على الوزارة في القطاع. وأضافت أنها وفور تلقيها مراسلة تفيد بوجود نقص في هذا الصنف فقد عملت على توفير الدواء بشكل مباشر، مشددة على أنها  لم تتأخر نهائياً في إرسال علاج مرضى السرطان إلى المرضى في قطاع غزة، وأنه كان على المسؤولين هناك إبلاغ الوزارة بمراسلات رسمية عن نفاد أو قرب نفاد هذا الصنف الحساس من الدواء.