شبكة قدس الإخبارية

جامعة فلسطين التقنية.. ميدان اشتباك مستمر

شذى حمّاد

فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: إلى ساحات اشتباك ومواجهة مستمرة بين الطلبة وقوات الاحتلال، تحولت باحات جامعة فلسطين التقنية في فرعيها بمدينتي الخليل وطولكرم منذ بداية انتفاضة العاصمة التي اندلعت تصديا ورفضا للإعلان الأمريكي عن القدس عاصمة لكيان الاحتلال.

المواجهات داخل حرم الجامعة في فرعيها الخضوري - طولكرم، والعروب – الخليل، ليس بأمر جديد، فمحاصرتها بمعسكرات جيش الاحتلال، جعلها من أبرز نقاط الاحتكاك التي تهب فيها الكتيبة الطلابية لتتقدم المواجهة وتتصدى لانتهاكات قوات الاحتلال واعتداءاتها.

في لمحة تاريخية مختصرة عن تاريخ الجامعة، يشير الموقع الإلكتروني لجامعة فلسطين التقنية – الخضوري أنها تأسست في مدينة طولكرم كمدرسة زراعية عام 1930، ليرفع مستواها في عام 1961 إلى كلية زراعية متوسطة، وفي عام  1965 تم تأسيس قسم لإعداد معلمي العلوم والرياضيات وأصبح اسمها "معهد الحسين الزراعي"، وفي عام 2007 تم تحويلها إلى جامعة تمنح درجة البكالوريوس في عدد من التخصصات.

تحول حرم جامعة الخضوري لساحة اشتباك دائمة مع قوات الاحتلال بدأت عام 2000، إذ استولى جيش الاحتلال على 23 دونما من مساحة الجامعة وأنشاء عليها المعسكرات التدريبية.

أحمد عمار مساعد رئيس الجامعة للعلاقات العامة والمجتمعية، يقول لـ قدس الإخبارية، "الحالة التي تعيشها جامعة الخضوري هي حالة فريدة ليس في جامعات الوطن، وإنما في جامعات العالم ككل بسبب من المواجهات الناتجة عن الاحتكاك مع قوات الاحتلال التي تسيطر على أراضي الجامعة وتقيم عليها المعسكرات التدريبة".

أزيز الرصاص، ودوي الانفجارات، وصراخ الجنود، هو الحالة اليومية التي يعايشها طلبة جامعة الخضوري، إلا أن المواجهات تتصاعد بين الطلبة وقوات الاحتلال في احتكاك مباشر عند كل هبة أو انتفاضة.

يعلق عمار، "منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال ونتيجة للاحتقان التي أصابت الشباب الفلسطيني، يحدث مواجهات يومية في المكان يشارك بها طلبة الخضوري والمدارس المحيطة وسط إطلاق الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز الكثيف"، مشيراً إلى أن جنود الاحتلال يتعمدون التوغل إلى داخل الجامعة وصولا إلى مبانيها.

جامعة الخضوري تخصص من مساحتها، أراض للزراعة والاستفادة منها، فيما تخصص الجزء الأخر لكلية الزراعة التي تستغلها كمختبرات عملية، تمكنت مؤخرا قوات الاحتلال من تدميرها وإلحاق أضرارا كبيرة فيها، يقول عمار، "قوات الاحتلال هدمت البيوت البلاستيكية وخلعت الأشجار وأتت على كل ما فيها، كما دمرت السور الذي يفصل هذه الأراضي عن معسكر جيش الاحتلال".

ويؤكد عمار لـ قدس الإخبارية، على أن اعتداءات الاحتلال تشن على كل مجتمع الجامعة، من طلبة وأساتذة وإدارة وضيوف، فالمساحة المحدودة للجامعة جعلت ما يقارب سبعة آلاف طالب و500موظف في مرمى بنادق جنود الاحتلال، وجعلت نتائج الإصابات مضاعفة في كل مواجهة، مشيرا إلى أن الجامعة على تواصل مستمر مع طواقم الإسعاف للتعامل مع هذه الإصابات وإحصائها.

وتابع، "ما يجري يقوض أساس العملية التعليمية القائمة على أن تكون بيئة الجامعة سالمة وموائمة.. ومع ذلك كله نحن نتعلم ونقاوم في كل يوم، لندحر الاحتلال وسيدحر إن شاء الله"، مؤكدا على أن القناعة الراسخة لدى طلبة الجامعة أنه لا تعليق للدوام ولا تعطل له، "الطلبة أدركوا هدف الاحتلال الساعي لتجهيل الفلسطيني وتخريب العملية التعليمية، لذلك هم يؤمنون أن التعليم والمحافظ على سيرورته جزء من المقاومة".

يزن مرعي أحد طلبة كلية الهندسة في جامعة الخضوري، يقول لـ قدس الإخبارية إن وتيرة المواجهات مع قوات الاحتلال ارتفعت بشكل ملحوظ قبل عامين خلال انتفاضة القدس، وما تشهده الجامعة اليوم هو امتداد واستمرار للمواجهات الماضية.

وبين أن طلبة الجامعة وفي اليوم التالي للاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، نظموا وقفة احتجاجية في الجامعة قبل أن ينطلق الشبان اتجاه معسكرات جيش الاحتلال المقامة على أراضي الجامعة، حيث اشتعلت المواجهات وما زالت مستمرة.

وأضاف، "المواجهات مستمرة يوميا داخل حرم الجامعة، قوات الاحتلال تقتحم المكان وصولا للأبنية التي سبق أن اقتحموها عام 2015"، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال تستخدم كل الأدوات داخل الحرم الجامعي، فتطلق الرصاص الحي، ورصاص الدمدم، القنابل الغازية، وغاز الفلفل، والقنابل الصوتية.

وعن انتظام الدراسة داخل الجامعة، يؤكد يزن على أن إدارة الجامعة والطلبة استفادوا من الدروس الماضية بكيفية إدارة المسيرة التعليمية وعدم تعطيلها في ظل توتر الأوضاع واستمرار المواجهات، "الدوام منتظم بشكل كامل، حتى الآن لم يتم تعطل الدوام.. استطعنا تقديم الامتحانات التي عملت إدارة الجامعة على تحديد موعدها في الساعات الصباحية أي قبل اشتداد المواجهات"

أما فرع جامعة فلسطين التقنية في منطقة العروب في مدينة الخليل، فهو يشهد ذات الظروف أيضا، رئيس مجلس الطلبة حمزة شوابكة يبين لـ قدس الإخبارية، أن قوات الاحتلال تقتحم يوميا حرم الجامعة وسط إطلاق مكثف للقنابل الغازية والرصاص اتجاه الطلبة، مشيرا إلى أنه في يوم واحد أصيب 40 طالبا بحالة إغماء جراء استنشاقهم الغاز.

وأضاف أن المواجهات تبدأ بالعادة بقمع قوات الاحتلال التظاهرات الطلابية التي تخرج من الجامعة، بعد أن تقتحم من بواباتها الخلفية والأمامية.

اشتداد المواجهات في جامعة العروب يأتي لوقعها على خط تماس مباشر مع قوات الاحتلال، إذ يقع بالقرب من الجامعة شارع 60 الاستيطاني والذي يشهد تواجد مكثف للمستوطنين بشكل دائم، فيما ينصب الاحتلال برجا عسكرية في المكان والذي يستخدمه إطلاق القنابل والرصاص اتجاه الطلبة.

من جهته، يعلق عميد كليات جامعة فلسطين التقنية في العروب مهيب أبو لوحة لـ قدس الإخبارية، أن قوات الاحتلال تتواجد في محيط جامعة العروب على مدار 24 ساعة في اليوم و365 يوما في السنة، ما جعلها نقطة احتكاك دائمة، ليس فقط مع طلبة الجامعة، ولكن مع أهالي مخيم العروب وبلدة بيت أمر القريبين.

وأكد على أن قوات الاحتلال تتعمد جر ساحة المواجهة من شارع 60 الاستيطاني إلى داخل حرم الجامعة، وذلك بهدف توفير الحماية للمستوطنين، "قوات الاحتلال تتعمد إلقاء القنابل الغازية بشكل كثيف ما يؤدي لإصابة كل الطلبة بحالات اختناق، ولدينا دائما الخوف على الطالبات الحوامل أن يسبب ذلك مضاعفات صحية لهن".

المنطقة تضم ليس فقط جامعة العروب الذي يبلغ عدد طلابها 480، وإنما المدرسة الزراعية الثانوية المختلطة والتي يبلغ عدد طلابها 200 طالب، إضافة للمحطة الزراعة التابعة لوزارة الزراعة، ويحذر أبو لوحة من مساعي الاحتلال إخلاء المنطقة لموقعها الاستراتيجي والمهم وخاصة أن المستوطنات تحيطها من كل جانب، وقد بدأ ذلك بمنعهم من البناء والتوسع.