شبكة قدس الإخبارية

صحف غربية تكتب عن دور خليجي في التمهيد لقرار ترمب

هيئة التحرير

دولي - قدس الإخبارية: أجمعت العديد من الصحف الأوروبية على أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" لم يكن يملك الجرأة على إعلان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي المحتل لولى وجود ضوء أخضر من العديد من الدول الخليجية بالأخص السعودية والإمارات.

ففي مقالة له في صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية قال الكاتب والصحافي البريطاني "ديفيد هيرست": "إن الدعم الغريب والطارئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي دفعه لاتخاذ قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يأت من نتنياهو والمتدينين اليهود بل جاء من طرف عرب الخليج الذين توجد بصماتهم في كل انقلاب يجري بالمنطقة".

ووصف هيرست بمقالة في حكام الخليج الذين يدعمون ترامب بـ"الصبية المترفين الذين ديدنهم العبث فوق تلال الصحراء والتقاط صور السيلفي".

لكن الكاتب قال إن ترامب سيتعلم قريباً جداً أن الرموز لها سلطانها ومن طبيعتها أنها تصنع واقعاً خاصاً بها.

وأوضح أن ترامب لم يكن ليقدم على مثل هذا الإعلان لولا ضمانه لدعم حكام المنطقة والذين شكلوا محورا للطغاة في عصر الرئيس الأمريكي وبقيت طموحاتهم الجيوسياسية بحجم محافظ نقودهم ويعتقدون بأنهم يمتلكون النفوذ وقادرون على فرض إرادتهم ليس على حطام فلسطين بل على المنطقة بأسرها.

وشدد على أن هناك "عملية بناء لشبكة الدول الأمنية التي تتزين بمسحة ليبرالية غربية وترى حزب الليكود شريكا طبيعيا لها وكذلك كوشنير نديما مؤتمنا".

ولفت إلى أن هذه التوجهات لدى بعض الخليجيين دفعت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان و"حاكمها الفعلي" للاعتقاد أن بإمكانه استدعاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإجباره على الامتثال إليه وتخييره بين القبول بشروط اللاقدس ولا لحق العودة أو إخلاء الساحة لشخص آخر قادر على فعل ذلك.

وقال هيرست إن ابن سلمان حاول تحلية الصفقة من خلال الإعراب عن استعداده لتقديم دفعة مالية مباشرة لعباس، ولكن هذا الأخير رفض ما عرضه عليه.

وأشار إلى أن تهديدات ابن سلمان جاءت متناسقة مع كتابات صدرت عن كتاب وصحفيين سعوديين مصرح لهم بالكتابة دعوا فيها إلى التطبيع مع إسرائيل والنأي بأنفسهم عن القضية الفلسطينية.

وأوضح هيرست أنه في بلد يمكن لتغريدة أن توردك المهالك وتجلب لك حكما بالسجن لمدة 3 أعوام لا يمكن اعتبار التغريدات مجرد تعبير تلقائي عن الرأي بل هي الموسيقى التصويرية التي رافقت إعلان ترامب عن القدس.

ورأى هيرست أن المحور الذي يقف وراء ترامب هو أولياء العهد والحكام الفعليون للسعودية والإمارات ومصر والبحرين وهم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي وجميعهم يعتمدون على ترامب وفق وصفه.

وشدد على أن حصار قطر وإجبار الحريري على الاستقالة وتحطيم مجلس التعاون بإنشاء تحالف عسكري واقتصادي سعودي إماراتي لم يكن ليحصل لولا الحصول على ضوء أخضر من ترامب.

وفي المقابل قام ترامب بحسب هيرست بتمكين محمد بن سلمان من تقويض أعمدة الدولة السعودية ونهب ثروات أبناء عمه باسم الإصلاح.

واعتبر الكاتب البريطاني أن هذه الفوضى التي تقف وراءها تلك المجموعة تمخض عنها مجموعة أخرى من حلفاء الولايات المتحدة الذين بدأوا يشعرون بعواقب هذه السياسات عليهم شخصيا وسعى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ومحمود عباس للتحذير مما كان ترامب يوشك أن يعلن عنه لأن الأمر يعنيهما مباشرة.

وأضاف أن تركيا انضمت للأردن حيث تمكن الرئيس رجب طيب أردوغان من ضمان دعم الأحزاب السياسية في بلاده لقرار تجميد العلاقات مع "إسرائيل".

أما المجموعة الثالثة التي انبثقت عن تحرك ترامب فقال هيرست إنها كل من إيران والعراق وسوريا وحزب الله وهذه قدمت لها كهدية على طبق من ذهب ومنحها ترامب فرصة لترميم علاقتها التي تضررت بسبب الحرب في سوريا مع الجماعات والشعوب السنية.

وأشار إلى أن لسان حال إيران سيكون "نحن معكم حول موضوع القدس"، مشددا على أن إيران ستتلقف الدعوة بشغف.

ورأى أن المجموعة الرابعة ضمن الأزمة "هي التي لا يملك ترامب ولا ابن سلمان أو ابن زايد الوصول إليها وهم الفلسطينيون المعروف عنهم تاريخيا أنهم أقوى من يكونون عندما تبلغ عزلتهم أقصى مداها".

وأشار إلى أن هذه القوة "تجلت في الانتفاضتين الأولى والثانية ثم تجلت عندما أجبروا نتنياهو على إزالة الحواجز التي نصبها على مداخل المدينة القديمة في القدس المحتلة".

وتابع: "لا يوجد فلسطيني واحد سواء كان قومياً أو علمانياً أو إسلامياً أو مسيحياً يمكن أن يقبل بالتخلي عن القدس عاصمة لفلسطين وسوف نرى بالضبط ما الذي يعنيه ذلك في الأيام والأسابيع القادمة. هناك ما يقرب من ثلاثمائة ألف مقدسي يقيمون حالياً في داخل القدس التي أعلنها ترامب عاصمة لإسرائيل ولكنهم لا يملكون حق المواطنة فيها. لقد ألقى ترامب للتو بقنبلة في وسط هذه الجموع".

ودعا هيرست إلى مراقبة رد فعل الفلسطينيين على "جدران المدينة القديمة آخر عقار بقي لهم في الذكرى الثلاثين للانتفاضة الأولى الجمعة المقبلة وهم يشعلون النار في إعلان إسرائيل وأمريكا".

ماذا سيخرج عن العرب؟

من جهتها قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إنه "على مدار عقود، كانت فكرة قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس بمثابة صرخة احتشادٍ نادرة قوية تُوحِّد العالم العربي، إذ كان ملوكٌ وحكامٌ ديكتاتوريون يلقون الخطابات عنها، وكان القساوسة والأئمة يدعون ربهم لأجلها، وتوفي جهاديون ومتظاهرون في سبيلها، ونظَّمت جماعاتٌ مُسلَّحة وأحزاب سياسية حملاتٍ لدعمها، بالإضافة إلى تسمية بعض قنواتهم التلفزيونية وشوارعهم وحتى أنفسهم باسم القدس".

وأضافت الصحيفة أن "الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي اعترف رسمياً بالقدس عاصمةً لإسرائيل يوم أمس الأربعاء دق المسمار الأخير في نعش هذه التطلعات، ومنح إسرائيل انتصاراً كبيراً في الصراع الأبدي بين اليهود والعرب للسيطرة على الأرض المُقدَّسة".

وتابعت الصحيفة إنه "في الوقت الذي صرخ فيه قادةٌ عرب ومسلمون لإدانة هذه الخطوة، تساءل الكثيرون في جميع أنحاء الشرق الأوسط عن مدى تغيُّر الكثير من الأوضاع في السنوات الأخيرة لتصبح استجابة العرب الحقيقية أكثر من مجرد تذمُّر".

وأشارت الصيفة إلى أن تشدق القادة العرب على مر السنوات، بالقضية الفلسطينية توقف، فقد تراجعت أهميتها، وحلت محلَّها انتفاضات الربيع العربي، والحروب في العراق وسوريا واليمن، وتهديد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والتنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران على الهيمنة الإقليمية، حتى إنَّ بعض دول الخليج العربي مثل السعودية -التي تهتم اهتماماً أكبر بتنافسها مع إيران- وجدت مصالحها تتداخل تداخلاً متزايداً مع مصالح "إسرائيل"، على حد قول الصحيفة.

وبينت الصحيفة أن القادة العرب اعتمدوا على تصريحات دعم القضية الفلسطينية كوسيلةٍ موثوقة لاجتذاب وُد شعوبهم، أو إلهائهم عن المشكلات الداخلية في بعض الأحيان، وضمن ذلك نقص الحريات السياسية والفرص الاقتصادية.

وقالت الصحيفة: إنه "بينما كان الاهتمام بالقضية الفلسطينية بين العديد من العرب صادقاً، استغله أولئك الموجودون في السُلطة لتحقيق أهدافهم الخاصة في أغلب الأحيان".

وأضافت ان "الفلسطينيين أدركوا أنَّ تصريحات الدعم المادي من أشقائهم العرب لا تتحقق سوى في بعض الأحيان، ويرى الكثيرون أنَّ العالم العربي لم يفعل شيئاً أكثر من إصدار مذكرات احتجاج، بينما ظلت الحكومة الإسرائيلية توسِّع سيطرتها الفعلية على الجزء الشرقي من القدس منذ استيلائها عليها من الأردن في حرب عام 1967، وضمته إليها، في خطوةٍ لا تزال معظم دول العالم لا تعترف بها، وفي الوقت نفسه، تغيَّرت أولويات الدول العربية التي كانت تدافع عن فلسطين".

وأوضحت الصحيفة أنه في مصر، على سبيل المثال، كانت هناك جبهةً موثوقة للغضب المؤيد للفلسطينيين؛ إذ كانت تشهد اندلاع احتجاجاتٍ متكررة ضد "إسرائيل" في التسعينيات من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، لكنَّ الاحتجاجات العامة قُوِّضَت بسبب سنواتٍ من القمع الوحشي في عهد عبد الفتاح السيسي، فضلاً عن زيادة القلق بشأن الاستقرار الإقليمي، بحسب ما تقوله الصحيفة.

ونوهت الصحيفة إلى انه "مع تراجع مدن دمشق والقاهرة وبغداد التي كانت ثلاثة مراكز تقليدية للقوة العربية، سعت المملكة العربية السعودية إلى إثبات نفسها".

وتابعت: "فبينما كان ملوك المملكة وأفراد العائلة المالكة يتحدثون كثيراً عن القضية الفلسطينية، لم يتناولها ولي العهد، محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عاماً وحاكم البلاد الفعلي، علناً؛ بل كشف لبعض الزوار الأجانب في العام الجاري (2017)، أنَّه لا يعتبر الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أولوية بالمقارنة بمواجهة إيران ومواصلة الإصلاحات المحلية".

وقالت الصحيفة: "كان من المتوقع أن يُسفر إعلان ترامب عن اتخاذ خطواتٍ تصعيدية بشأن القضية الفلسطينية، لكنَّ يوم الأربعاء شهد عواطفَ مُحمَّلةً بقدرٍ من الحزن والاستسلام أكبر من الغضب والتهديدات".